قانون المنافسة ومنع الاحتكار

اقرأ في هذا المقال


ما هو التنافس في القانون التجاري؟

التنافس نوع من النزعة البشرية الفطرية التي رافقتها البشرية منذ أن عاشت على الأرض، وينعكس هذا الميل في رغبته الطاغية في تجاوز الأشخاص المرتبطين بحياته اليومية والمشاركة في أنشطتهم المختلفة. ونظراً لأنّ النشاط الاقتصادي من أهم الأنشطة البشرية فإن العوائد ستختلف، معبراً عنه في الربح – تختلف طبيعة الأداء؛ يعتبر المجال الاقتصادي هو أوسع مجال للمفاهيم التنافسية، خاصة بالنظر إلى أن معظم دول العالم تقبل النظرية الاقتصادية الحرة القائمة على معادلة العرض والطلب.

يُعتقد أن المنافسة في المجال الاقتصادي قد جلبت أسواق السلع والخدمات في مختلف المجالات، وبالتالي فهي تعتبر أحد أهم محركات النمو الاقتصادي العالمي. وتتيح المنافسة للمستهلكين الحصول على السلع أو الخدمات التي يحتاجونها بأفضل جودة وأنسب سعر، مع تحفيز المنتجين ومقدمي الخدمات على تقديم سلع وخدمات عالية الجودة، وبالتالي ضمان أن يكون لهم تأثير في معادلة العرض والطلب.

المنافسة المتوقعة هنا هي منافسة قانونية مبنية على حسن النية ومشتقة من مهارات العمل الاقتصادي، لذلك فهذا حق يحميه القانون، أما المنافسة التي تعتمد على قوانين السوق، مثل العرض والطلب بوسائل اصطناعية، فهي نية حسنة وحرية اقتصادية المنافسة الروحية غير قانونية. وعلى هذا الأساس، وجه المشرعون في العديد من البلدان اعتماد القواعد القانونية مع حرية المنافسة ومنع الاحتكار لضمان رقابة معينة على أنشطتهم الاقتصادية لضمان الاحتفاظ بمتطلبات المنافسة الحرة والقانونية في السوق وتحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمار وحماية المستثمرين من فوضى السوق التي لا تتحكم فيها مبادئ المنافسة العادلة.

نطاق وآليات المنافسة بالقانون:

1- نطاق القانون: نص القانون في مادته الأولى على أن الغرض الأساسي منه تحديد القواعد المنظمة لحرية المنافسة والتأكد من التزام المنتجين والتجار ومقدمي الخدمات والوسطاء الآخرين بمنع أي مخالفة لقواعد المنافسة أو أي سلوك احتكاري آخر، بناءً على المحتوى التالي، اتبع النص أدناه لتحديد نطاق القانون:

  • نطاقها الموضوعي: جميع الاتفاقيات أو الاتفاقيات أو المعاملات المتعلقة بالإنتاج والتجارة والخدمات وأنشطة الملكية الفكرية التي يتم تنفيذها بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل الأشخاص الاعتباريين والأشخاص الطبيعيين والجمعيات الأخرى دون مؤهلات الشخص الاعتباري، بموجب فرضية الامتثال لأحكام القانون، وكذلك جميع الممارسات المحظورة بموجب أحكامه والمرتكبة من قبل أي شخص طبيعي بصفته الشخصية كمالك المؤسسة أو مديرها أو الموظف فيها.
  • النطاق المكاني: يتبنى القانون في هذا المجال معيارين: الأول إقليمي لأنه ينص على أن أنظمته تنطبق على جميع الأنشطة الإنتاجية والتجارية والخدمية، أما بالنسبة للمعيار الثاني، فهذا معيار محدد، ووفقًا لأحكام القانون، إذا كانت الآثار الضارة للقانون المحلي ستؤثر على أنشطتها الاقتصادية في الدولة، تسري أحكام القانون على أي أنشطة اقتصادية خارج أراضي الدولة.
  • إطارها الزمني: سيتم تنفيذ الأحكام القانونية بعد ستة أشهر من نشرها في الجريدة الرسمية، بالإضافة إلى الآثار المباشرة للقوانين الصادرة عن القواعد العامة في هذا المجال، كما يأمل المشرعون أن يكون لها أثر رجعي على الأنشطة المنفذة قبل تاريخ التنفيذ، إذا كانت هذه الأنشطة خارج النطاق، بعد تاريخ السريان، وأوجب على جميع المؤسسات توفيق أوضاعها بما ينسجم مع أحكامه خلال مدة أقصاها ستة أشهر بما في ذلك إزالة كل ممارسة أو اتفاق أو ترتيب قائم قبل نفاذه.

2- آلية تنفيذ القانون: نص القانون على إنشاء مؤسسة عامة مستقلة للإشراف على أحكامه وتنفيذها إلى مجلس الإدارة كما منح الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وبالإضافة إلى مجلس الإدارة المكون من “لجنة المنافسة”، قام بتفويض إدارة الوكالة إلى المدير العام. وتتكون “لجنة المنافسة” من 13 عضوا يعينون بقرار من رئيس الوزراء لمدة أربع سنوات ويمكن إعادة انتخابهم مرة واحدة.

وهم ثلاثة قضاة، اثنان منهم من قضاة المحاكم العادية، والآخر قاضي استئناف أو ما يعادله من مجلس الدولة، واثنان من المكتب المركزي للرقابة المالية، وثلاثة آخرون لديهم خبرة في الاقتصاد والمنافسة وحماية المستهلك. ويؤدي أعضاء المجلس (باستثناء القضاة) القسم أمام محكمة الاستئناف المدنية الأولى بدمشق، ويكون القضاة رئيسًا للمجلس، بشرط ألا تقل مناصبهم عن منصب رئيس محكمة الاستئناف أو ما يعادله، ويتم تعيين نواب الرئيس من قبل أعضاء متفرغين من مجلس الدولة.

يمنح القانون اللجنة العديد من الصلاحيات أهمها العمل على نشر ثقافة المنافسة وحمايتها وتشجيعها، والتحقيق في المخالفات المحتملة للوائحها، وإعداد تقارير بنتائجها، ورفع التوصيات بشأن هذه التوصيات إلى الجهات ذات العلاقة، وتبادلها، التعاون مع الوكالات المماثلة في البلدان الأخرى فيما يتعلق بالمعلومات والبيانات المنافسة مهمةً جداً.

وكما ينص القانون على إنشاء وكالة ذات قدرة ضابطة قضائية، تتألف من العديد من الموظفين المحلفين في وكالة المنافسة المعينين بقرار من رئيس لجنة إدارة المنافسة ومنحهم حق الدخول والتفتيش على المحلات التجارية والمعارض والمكاتب والمختبرات والشاحنات المخصصة للأغراض التجارية والمسالخ والأسواق الرئيسية والأسواق التجارية والأسواق والمحطات وموانئ المغادرة والوصول والمناطق الحرة.

كما يتعين عليهم ضبط الأفعال الإجرامية التي يكتشفونها وإجراء التحقيقات اللازمة والاستماع إلى شهادة أي شخص يشتبه في مخالفته لأحكام هذا القانون، كما يتعين عليهم الاطلاع على السجلات والملفات والمستندات المحفوظة في الدوائر الرسمية الخاصة بالشركة والسجل التجاري وإدارة سجلات المناطق المعفاة من الرسوم الجمركية، والموردين والمصدرين والإدارة العامة للجمارك وإدارة الدولة للضرائب وأي وكالة حكومية مخولة بإصدار تراخيص من أي نوع للسماح بتداول السلع والخدمات في ظل أي ظروف تعارض أو تعيق أداء واجباتهم وكذلك الإغلاق الإداري للمحلات والمستودعات ومستلزماتها، والحق في الاستعانة بضباط الشرطة في هذه الحالة.

كما يصرح لهم القانون بإغلاق المحلات التجارية والمصانع والمستودعات وفروعها إداريًا بالشمع الأحمر لمدة ثلاثة أيام إذا كانوا غير راغبين أو يعرقلون تنفيذ المهام الموكلة إليهم بموجب لوائحها، ورفع الأمر إلى هيئة المنافسة، ويحق للجنة المنافسة إلغاء أو تمديد فترة الإغلاق حتى 30 يومًا.

فيما يتعلق بمهمة مراجعة الأعمال غير القانونية، يحيلها القانون إلى هيئة المنافسة طواعية أو يقترحها وزير الاقتصاد والتجارة أو بناءً على طلب الحكومة أو المؤسسات الاقتصادية أو المنظمات المهنية أو النقابات العمالية أو مجموعات المستهلكين أو غرف التجارة أو الصناعة أو الزراعة إلى لجنة المنافسة، على أن يتولى الدفاعَ عن المصلحة العامة أمام المجلس ممثلٌ عن وزير الاقتصاد والتجارة.

لمجلس الإدارة الحق في قبول الشكاوى أو رفضها وفي حالة قبول شكوى، يجب أن يتضمن قراره تعليمات توضح ما إذا كان يجب معاقبة الممارسة المقدمة إليه، وإذا لزم الأمر إصدار حكم بشأن العقوبات الاقتصادية وفقًا للقانون. سيتم شرحه لاحقا إذا رُفضت الشكوى، يطلب القانون من المجلس أن يشير في قراره إلى ما إذا كانت الوقائع ضمن اختصاصه أو لا يوجد دليل يدعمها.

يسمح القانون للجنة المنافسة باتخاذ قرارات معينة عند التحقيق في الانتهاكات، مثل توجيه أمر كتابي إلى التجار المعنيين بإنهاء انتهاك حرية المنافسة خلال فترة زمنية معينة أو فرض قيود على أنشطتهم أو إعلان بطلان هذه الأعمال أو الأنشطة، إلزام الوكالات ذات الصلة بإجراء تعديلات على حالة الاستخدام المفرط للمناصب المهيمنة بسبب الدولة المركزية، وذلك لتعديل جميع الاتفاقات المركزية أو جميع العقود التي وصلت إلى الانتهاكات.

كما يسمح له بإغلاق واحد أو أكثر من المؤسسات المحكوم عليها مؤقتًا لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، ولا يمكن فتحها إلا بعد إنهاء سلوكه كجريمة، وللمجلس أيضًا سلطة نقل ملف القضية بأكمله إلى النيابة السلطات من أجل إجراء الإجراءات الجنائية بعد تحديد جرائم الجاني.

يمنح القانون المجال لتحديد أسعار السلع والخدمات في السوق بناءً على قواعد السوق ومبدأ المنافسة الحرة. وتستثنى فقط أسعار المواد والخدمات الأساسية، ويمكن للدولة أن تجد خدمة تخدم المصلحة العامة عند تحديد سعرها، كالوقود والغاز الطبيعي والكهرباء. وفي المناطق التي قد يكون فيها احتكار السوق أو صعوبات مستمرة في عملية التوريد، أو حيث قد تقيد القوانين أو اللوائح أسعارها، تتأثر أسعار المواد والخدمات بقواعد المنافسة الطبيعية، وأسعار المواد والخدمات المصممة لمواجهة الحالات الخاصة أو الطارئة أو الكوارث الطبيعية، وفي الحالتين الأخيرتين يتطلب ذلك قرار رئيس مجلس الوزراء وفق إجراءات محددة.

المصدر: - أحمد حسني، البيوع البحرية (منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الثانية 1983م).- عبد القادر حسين العطير، الوسيط في شرح قانون التجارة البحرية (مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان 1999م).- فياض عبيد، البيوع البحرية والاعتماد المستندي، الجزء الأول (معهد البحوث والدراسات العربية، 1971م).- محمد فريد العريني، محمد السيد الفقي، القانون البحري والجوي (منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان 2002م).


شارك المقالة: