كيف يكون الحجر على المدين المماطل؟

اقرأ في هذا المقال


الحجر على المدين المماطل:

لا يكمن مسمى الشخص المفلس بأنه هو الشخص الذي ليس لديه أموال بأنه مفلس حقيقي، ولكن بالنسبة هذا الطرف المدين إذا كانت شخصيته بطبيعتها ماطل، وتأخر عن القيام بالدين، فهل يجوز الحجر عليه؟ وكيف يكون الحجر عليه؟

حيث إن الإجابة عن هذا السؤال تكمن بالنظر إلى أراء المشرعين من أجل معرفة القواعد التي تم إقرارها بشأن الحجر على المدين. ولقد نصت بعض كتب بالنسبة للمشرعين على السماح للحجر على المدين المماطل، ويُرى أن هناك نظريتين في من أجل الحجر على الطرف المدين المماطل:

النظرية الأولى:

سبب التأخير في السداد الدين ورفض سداد ديون من الطرف المدين يؤدي إلى الحجر، وتكمن في هذه النظرية إلى أن الأغنياء المسرفون مثقلون بالديون، ويخافون من خسارة المال بالتجارة، يستعينون ويعترفون بغير المنافسين؛ حيث أن المال هو سبب الحجر ومن خلال إنفاق المال بطريقة كاذبة لتدمير التجارة، وإهدار المال في تجارة غير العادلة.

ومن لا يسدد ديونه ولديه القدرة على سداد ديون متأخرة، ويطالب الغرماء بسداد تلك الديون يقرر القاضي له بأن يسدد دينه من ماله، وبغض النظر عمن لديه من الائتمان والمال للدين يخاف من خسارة ماله من خلال التجارة.

ومن خلال هذه النظرية فإنه يتضح ما يأتي:

  • الحجر الذي على المدين نوع من الحجر يختلف عن الحجر بسبب الإفلاس.
  • رفض المدين سداد الدين (باطل).
  • أن تكون الديون فورية؛ لأن الدائن ليس له الحق في المطالبة بسداد الدين قبل تاريخ الاستحقاق، وإذا لم يقم المدين بسداد الدين قبل تاريخ الاستحقاق، فلن يتم اعتباره متأخرًا.
  • الحجر بناء على طلب الخصم موجّه إلى المدين.

فإن القاعدة الحجر في تأخر المدين تختلف عن القاعدة الحجر للمفلس؛ لذلك فإن الغرض من الحجر في تأخير المدين هو إجباره على أداء الدين ودفع المدين، ولتعويض الدائنين ومنع المدينين من إلحاق الأذى بهم، يشترط هذا الحجر تقدير الضرورة بحسب درجتها؛ لأنه ببيع مبلغ معين من مال المدين بحيث يكون الضرر أعلى من السعر الذي يستطيع به الدائن أن يفي به.

وعند هذه النقطة، لم يمنع المدين من التصرف في ماله، ولا تنطبق عليه القاعدة الحجر للمفلس، وهذا ما يمكنه فعله، والخلاصة أن طرف المدين للدين يطلب من القاضي أن يبيع ماله ويسدد دينه.

النظرية الثانية:

إذا نظر قاضي في تأخير المدين ورفض سداد الدين بحسب مقدرته الخاصة، ورفض الاعتراف بإفلاسه، أو أن وضع المدين هو نفسه لا يسمح له بسداد الدين، أو تم اعترافه بأنه مفلس؛ والسبب هو أنه لا أحد من يقوم بسداد الدينه، لذا فإن قواعد تحت عليه الحجر بالمدين المفلس.

وليس معنى المفلس هو معنى حقيقي، إذا طلب ممول المفلس أن يحجر عليه بمعناه الحقيقي، ولكن  معناه أن المفلس يتعامل أيضا مع الغني؛ لأنه على ما يبدو أن المدين الذي لم يسدد دينه يطالب بالإفلاس، وحتى لو كان غنياً فإن وضعه مفلساً أيضاً، ولا شك أن الغني الذي لا يسدد دينه هو مثل المفلس الذي لا يفي بسداد ديونه.

وأن تأخر المدين يمكن أن يستخدم عليه الحجر؛ لأنه يحاول إجبار المدينين على الوفاء بديونهم، مثل تلك الحالة الناجمة عن الإفلاس. وعلى العكس من ذلك، فإن فوائد تأخر المدين في استخدام الحجر أكثر وضوحًا، على العكس من ذلك، فإن الحجر الذي ينتج من الدين لا يفيد إلا في حقوق الأغنياء وليس للمفلس.

النظرية الثالثة:

يمكن الاستنتاج من هذه أن الحجر على المدين المتأخر فهو ليس تحت الوصاية، والقاضي لم يقرر أي حق في سداد الدين أو أن بيع ممتلكاته، لكن القاضي يقرر ذلك إصدار عقوبة قاسية عليه أو سجن حتى يتم سداد الدين، هذا إذا كان المدين حاضراً، ولكن إذا لم يكن المدين حاضراً، أما في حالة أن درجة غياب الدين عن سداد الدين بالدرجة المتوسطة؛ يكون أيضاً محطاً للجدل.

النظرية الرابعة:

أنه عند الحديث عن شروط الدين، إذا كانت الأموال تساوي النظرة الصحيحة للمدين في الدين، فإنه لا يعتقد أن المدين مفلس؛ لذلك لا يجوز عزله، وقياس على هذا الرأي أنه لا يمنع المدينين الأثرياء الذين تتساوى ديونهم مع الحال أو تفوقها، ولكن جانب آخر من هذا الرأي هو أنه يحرم ديون المدينين، في حال ظهرت عليه علامات الإفلاس.

ولكن ماذا لو فاقت أموال المدين دينه ويمكن سداده وهو متأخر، وقد وردت أقوال في بعض كتب أنه إذا أراد الخصم أن يرميه بالحجر، يكون حجر على الجانبين، أو إذا زاد ماله على دينه وإذا امتنع المدين عن بيع الدين لسداد الدين، امتلك الحاكم حجرًا، ويلزمه الاستئناف للخصم، وقد تم تسمية هذا النوع من الحجر اسم الحجر الغريب وأطلق عليه بعضهم اسم حجر الغريم.

حيث أن هذا النوع من الحجر نوع مستقل، ولا يعتبر من قبيل الحجر للإفلاس، وقد سمي حجر الغريب لكون شروط الحجر للإفلاس غير موجودة فيه؛ ولهذا لا يتم الاتفاق مع هذه النظرية فيما ذهب إليه من تفسير للحجر الغريب بأنه الحجر على المدين الذي تظهر عليه علامات أو أمارات الإفلاس بأن يزيد خرجه عن دخله، أو تكون نفقته في رأس ماله؛ لأن الصورة التي تم ذكرها هي من قبيل الحجر للفلس في وجه عند هذه النظرية، وحجر الغريب في هذه النظرية ليس حجر الإفلاس.

لهذا فإن الشروط في هذه النظرية:

  • جواز الحجر على المدين المماطل.
  •  إنه يشترط للحجر على المدين المماطل ما يلي:

1- أن يكون الحجر بناء على طلب الغرماء.

2- أن يكون المدين مماطل، أي: ممتنعا عن أداء دينه.

3- أن يكون المدين موسرة قادرة على أداء الدين.

4- أن يكون الدين حال لأن الامتناع عن أداء الدين قبل حلول أجله لا يعد مطلاً.

  • يقصر الحجر على المدين من فئة الأثرياء؛ لأن الديون ديون صفقات، ويبررون ذلك بالحفاظ على العملة حتى لا يترتب على الصفقة خسائر مالية، وهذا النوع من المنطق يتجه إلى الاتجاه الشرعي أكثر يدل على أن للفقه الإسلامي حجة واضحة الرؤية والدقة؛ لذلك فإن الفقه الإسلامي أقدم بكثير من القانون الوضعي في حماية الائتمان بين رجال الأعمال، ولهذا يقصر المحامون أحكام الإفلاس على رجال الأعمال، ويخصصون غيرهم لمن هم أقلهم، والسبب المقرر هو حكم الإفلاس، للحفاظ على تعفن الدم بين رجال الأعمال.

المصدر: الأوراق التجارية والإفلاس في القانون اللبناني،ناصيف، الكامل 4/123، طه، مصطفي كمال طه، الأوراق التجارية والإفلاس في القانون اللبناني، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1998م.ص361الإفلاس،حمد سامي مدكور، وعلي يونس، الإفلاس، دار الفكر العربي، القاهرة. 43 - المصري، حسني المصري، الإفلاس، مطبعة حسان، القاهرة، ط1، 1987، ص34، العكيلي، الإفلاس ص 52 عيد، أحكام الإفلاس 1/34الوسيط في الحقوق التجارية البرية 2/644 مدكور ، الإفلاس ص35 طه، الأوراق التجارية، الإفلاس ص361، عيد، أحكام الإفلاس 1/37 1 وانظر أيضأ قرار محكمة التمييز الأردنية رقم 1256/98 تاريخ 7/10/1998الإفلاس ص35، المصري، الإفلاس ص69، الشواربي، الإفلاس ص55، طه، الأوراق التجارية والإفلاس ص361ناصيف، الكامل 4/123، طه، مصطفي كمال طه، الأوراق التجارية والإفلاس في القانون اللبناني، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1998م.ص361


شارك المقالة: