ما هي أسباب تدخل الدول في تنظيم علاقات قانون العمل؟

اقرأ في هذا المقال


أسباب تدخل الدولة في تنظيم علاقات قانون العمل:

أولا: الاعتبارات الاجتماعية:

1- العامل القانوني:

إن تطبيق القانون الفردي كان له عواقب وخيمة وظهر في فعل على علم الاجتماع، ويدعوا علم الاجتماع إلى تركيز انتباه القانون على المجتمع بدلاً من الأفراد، كفكر للأفراد المستقلين وتم استبدال مصطلح الإنسان بمفهوم آخر يؤمن بأن المجتمع شرط ضروري لحياة الإنسان المادية والروحية ووسيط لا معنى له لمفاهيم الحقوق والواجبات، الأمر الذي يتطلب قيودًا على المبادئ الإنسانية والسلطة.

ويظهر التطبيق العملي للإرادة وقيودها على ضرورات النظام الاجتماعي وأن العقود أصبحت وسيلة لإضفاء الشرعية على القوي وعلى الضعيف؛ لذلك يطالب مؤيدو تدخل الدولة بالمساواة بين الطرفين؛ لأن هذه المساواة القائمة على مبدأ قوة الإرادة لا يمكن أن تتحقق في عقد العمل؛ لأن المساواة القانونية لا قيمة لها إذا لم يقترن بالمساواة الاقتصادية.

2- النضال العمالي:

من أهم عوامل تدخل الدولة في علاقات العمل نجاح المنظمات النقابية وزيادة قوتها؛ ممّا يجعلها قوة سياسية وقوية وخاصة بعد حصول العمال على حق التصويت وهذا نتيجة كفاحهم واتحادهم، كما لجأوا إلى تشكيل أحزاب سياسية أو الانضمام إلى أحزاب تؤيد وجهات نظرهم، الأمر الذي كان له أثر كبير في إجبار الدولة على التدخل لتنظيم علاقات العمل، خاصة بعد وصول بعض هذه الأحزاب إلى السلطة بنجاح، ولجأ العمال إلى القانون.

وتعتبر الإضرابات جرائم بموجب القانون، لكنها مرتبطة بالمنظمات النقابية، ويصبح سلاحًا فعالًا يمكن للحركة العمالية من خلاله إجبار الدولة على التدخل من أجل سن تشريع يضمن ظروف عمل مناسبة للعمال.

3- العامل الفكري:

خلال القرن التاسع عشر، ظهرت مذاهب تطالب الدولة بالتدخل نتيجة الآثار السيئة التي ظهرت بعد إدخال مبدأ الفرد الحر والحرية الاقتصادية من أجل تحسين ظروف الطبقة العاملة من خلال النزول إلى فلك الاقتصاد والإنتاج؛ لتنظيمها وتوجيهها بما يضمن مصلحة الطرفين.

وكانت عوامل الإنتاج ترى أن على الدولة أن تتدخل في شؤون العمل لمنع الاستغلال الرأسمالي للطبقة العاملة، وبالتالي تحقيق إشراف الدولة وتوجيه الاقتصاد وعدم قصر مهام الدولة على الدفاع والقضاء والإرادة، لكن المدارس المذكورة اختلفت حول طريقة وشكل هذا التدخل، فالمذاهب تنص على أنه يجب تحسين حالة الطبقة العاملة في ظل النظام الرأسمالي؛ لضمان حمايتها عن طريق تقليل التفاوت الكبير بين الدخول ومعالجة الأزمات الاقتصادية الدورية.

ويرى مؤيدو هذا الرأي أن حل المشكلات الاقتصادية يكون من خلال تدخل الدولة دون الحاجة إلى تغيير النظام الاقتصادي السائد، وكان أول من دعا إلى ضرورة تدخل الدولة الاقتصادي السويسري الكاتب الاقتصادي (سيسموندي)، الذي أعلن منذ عام 1819 أن العدالة يجب أن تتحقق في التوزيع وطالب بمنع عمالة الأطفال وتقييد تشغيل المراهقين، وحدد الراحة الأسبوعية والالتزام بتقديم ضمان للعاملين في حالات الشيخوخة والعجز والمرض والبطالة.

أما في فرنسا، ظهرت فكرة تدخل الدولة في أواخر القرن التاسع عشر وطالب مؤيدوها بتطبيق مبدأ التكافل الاجتماعي لغرض ضمان الحد الأدنى من مستوى المعيشة للفرد. أما بالنسبة لألمانيا، فقد بدأ تدخل الدولة منذ منتصف القرن التاسع عشر بتأثير مذهب اشتراكية الدولة، الذي ذهب إلى برنامج إصلاحات اجتماعية معتدلة ينبغي أن تضعه الدولة دون أن يهاجم هذا مبدأ الملكية الخاصة، أما بالنسبة لبعض هذه المذاهب الأخرى، فقد كان يعتقد أنه يجب القضاء على النظام الرأسمالي نفسه؛ لأن هذا النظام يمكّن الرأسماليين من استغلال عنصر العمل والاستيلاء على فائض القيمة، الذي هو في الأصل حق العمال.

ولذلك، ذهبت هذه المذاهب لإلغاء الملكية الخاصة لأدوات الإنتاج وجعلها ملكية جماعية للدولة؛ بحيث يمكن القضاء على هذا الاستغلال وبين أولئك الذين دعوا إليها (سان سيمون ولويس بلان وماركس) يردون في مواجهة هذه الضغوط ومحاولة إنقاذ النظام الرأسمالي من جانب عدد من الاقتصاديين.

وبدأ إصدار تشريعات العمل، بما في ذلك القوانين الخاصة بمسؤولية أرباب العمل في سداد عن إصابات العمل والأمراض المهنية في ألمانيا في عام 1871 وفي إنجلترا عام 1880 وفي فرنسا عام 1898. وتم إصدار قوانين تعترف بالحق في التنظيم في إنجلترا عامي 1871 و 1875 وفي فرنسا عام 1884 وفي ألمانيا عام 1890، تم إصدار قوانين التأمين الاجتماعي في ألمانيا.

ثانياً: اعتبارات السياسة الاقتصادية:

ومن نتائج إدخال الاقتصاد الموجه في بعض الدول أن المشروع يأخذ في الاعتبار ظروف الاقتصاد عند صياغة قوانين العمل؛ لأن تنظيم الاقتصاد الوطني أصبح دافعًا تشريعيًا مع حماية أهداف العمال، ولأن قوانين العمل مرتبطة بالعمل كعامل إنتاج، فقد تم توسيعها في بعض البلدان لتشمل أنواعًا معينة من العمل غير المصرح به؛ لأن ظروفها الاقتصادية والاجتماعية تشبه تلك التي تعتمد على العمال، بما في ذلك الأعمال المنزلية، على سبيل المثال وإن قانون العمل يطبق على الأحكام التي يجب أن يفي بها السجناء.

مبادئ تنظيم علاقات قانون العمل:

1- ضمان حق العمل:

يكفل القانون حق العمل لكل مواطن قادر وبشروط معينة وفرص متساوية بين جميع المواطنين دون تمييز على أساس الجنس أو العرق أو اللغة أو الدين. وينتج عن ذلك إعطاء كل مواطن فرصة التدريب على النشاط المهني ضمن الحدود التي تضعها الدولة، لحجم ونوع العمل في كل قطاع مهني، يعتبر العمل واجب مقدس تمليه الشرف تقتضيه ضرورة المشاكل في بناء المجتمع وتنميته.

2- ضمان دفع العمل:

ويكفل القانون أن تكون أجور العمال كافية لسد احتياجاتهم الأساسية، وتمكينه من إعالة أسرته، وإتاحة الفرصة له للتمتع بثمار التقدم الاقتصادي. لذلك، يجب مراعاة العوامل التالية عند دفع الأجور:

  • نوع ومقدار العمل الذي يقوم به العامل بما يربط الأجر بالإنتاج.
  • نفس نوعية وكمية العمل المنجز في ظل ظروف مماثلة تحصل على أجر متساوٍ.
  • حماية الأجور بما يضمن عدم انقطاع جزء من الأجر ما لم ينص القانون على ذلك.
  • الفرضية هي أن العامل يحتفظ دائمًا بجزء من أجره حتى يتمكن هو وأسرته من العيش وفقًا للمعايير المقبولة المنصوص عليها في هذا القانون.
  • أسس علاقات العمل، تقوم علاقات العمل على أساس الترابط الاجتماعي بين جميع الأطراف، وكل هذا يتطلب تعاونًا مشتركًا ومسؤولية مشتركة.
  • التنظيم النقابي، يقر القانون بأن المنظمات النقابية تشارك بنشاط في تنظيم علاقات العمل، وحماية حقوق العمال، وتنمية شخصياتهم ومواهبهم.
  • العمال العرب يعاملون العمال نفس العمال الأجانب دون التمييز.

أما بالنسبة لموقف القوانين العربية من هذا المبدأ، فهي مختلفة في التطبيق، فبعض القوانين تعطي الأولوية للعمال العرب في الدخول والإقامة على العمال الأجانب، وإجراءات التقدم للحصول على تصاريح العمل والإقامة واحدة، وتشمل هذه القوانين قوانين دول الخليج العربي والأردن ومصر، ولكن تختلف هذه القوانين من حيث إجراءات الإقامة، بعضها يربط بين الإقامة وتصريح العمل مثل دول الخليج العربي، وبعضها يتعلق بالقدرة الشرائية أثناء الإقامة مصر.

المصدر: أصول قانون العمل ، الدكتور حسن كيره ، الجزء الأول ، عقد العمل ،الطبعة الثانية ،سنة 1969 ص 26 .اقتصاد وتشريع العمل ، الدكتور صادق السعيد ، الطبعة الثانية 1969 بغداد ،ص 35 .شرح قانون العمل ، علي العريف ، الجزء الأول ، طبعة 1963 ، القاهرة ص 22 ــ 25 . شرح وقانون العمل ، الدكتور شاب توما منصور ، الطبعة السادسة بغداد سنة 1977،ص25


شارك المقالة: