ما هي الخصائص المميزة لقانون العمل عن غيره من القوانين؟

اقرأ في هذا المقال


الخصائص المميزة لقانون العمل عن غيره من القوانين:

1- التفسير المنطقي لوجود قانون العمل:

من المعروف أن قانون عقد العمل أصبح الآن مكتفيًا بذاته، يتميز بخصائصه وميوله الخاصة، وبالتالي فإن أحد القواعد المهمة التي يهدف من خلالها إلى تفسير نصوصه، هو أن جميع النصوص الاجتماعية هي تعبير عن وحدة واحدة يكمل كل منهما الآخر، وأنه من الضروري احترام المبادئ الأساسية في تشريعات العمل مثل مبدأ الحرية الشخصية وحرية العمل.

وأن أفضل تفسير للعمال كقاعدة هو الذي يتبع عند وجود غموض في تحديد نية أحد النصوص القانونية، وهذا يتفق مع قصد المشرع. لقد فات العديد من تشريعات العمل مكانة حماية العمال، لذا يجب احترام ذلك عند التفسير، تتمثل إحدى خصائص قانون العمل في خروجه من نطاق العقد الذي يحكمه مبدأ سلطة الإرادة، ودخوله في نطاق آخر هو الخضوع للقواعد القطعية.

ولم يعد صاحب العمل حرًا في إملاء شروط العمل حسب ما يريد، بل أصبح مقيدًا بالقواعد القطعية التي تعتبر جزءًا من النظام العام ولا يجوز انتهاكها. وبما أن الهدف من القانون هو حماية العمال من سوء معاملة أصحاب العمل، تعتبر هذه الحماية من أهم أغراض المشرع في تشريع قانون العمل؛ لذلك فإن الرأي الراجح في الفقه والقضاء هو ضرورة اعتماد التفسير الأنسب للموظف في حالة غموض النص، أي انحرافه إلى أكثر من معنى، أو تناقضه مع نص آخر، أو في حدوث خطأ في النص، مثل إغفال شرط أو مخالفته للواقع، أو في حالة عدم وجود نص؛ لأن اعتماد هذا المبدأ هو احترام لأغراض المشرع.

ومع ذلك، لا ينبغي إطلاق هذه القاعدة بطريقة تؤدي إلى الانحراف عن تفسير الغرض الحقيقي للنص؛ لأنه إذا كان قانون العمل يهدف في المقام الأول إلى حماية العمال، فيجب تفسير ذلك عندما يكون الشك في مصلحتهم، ولكن ذلك حيث تهدف بعض قواعدها إلى حماية أصحاب العمل أو تحقيق توازن بين مصالح العمال وأصحاب العمل، فمن غير المعقول تفسيرها عند الشك لصالح العمال، ولكنها تتطلب تفسيرًا في ضوء الغرض من تقريرها.

2- الطابع الواقعي لقانون العمل:

يتصف قانون العمل بالواقعية وذلك من خلال أنه تتكيف أحكامه مع ظروف الواقع، لا يتم تطبيقها بطريقة موحدة. وبدلاً من ذلك، يختلف تطبيقها وفقًا لأشكال وظروف العمل المختلفة، والقدرة الاقتصادية لأصحاب العمل، وقدرة العمال على العمل على سبيل المثال، لا يخضع خدم المنازل لنفس الأحكام التي تنطبق على العمال الصناعيين والتجاريين، بل هناك استثناءات لهم من بعض القواعد، وهي قواعد مرتبطة بتنظيم ساعات العمل وأوقات الاستراحة، وتخضع فئات معينة مثل الأحداث والنساء لقواعد قانونية خاصة تتوافق مع ظروفهم.

3- الصفة الآمرة لقواعد قانون العمل:

يعتبر الطابع الآمر لقواعد قانون العمل من أهم الخصائص التي تميزه عن القانون المدني، تم وضع قواعد قانون العمل بشكل أساسي بهدف حماية العامل، وبالتالي لا تتحقق هذه الحماية عندما يتفق العامل وصاحب العمل على ما يخالف قواعد القانون، أي أن الحماية فعالة فقط إذا كانت تلك القواعد إلزامية. يمكن اعتبار حماية العامل الهدف الذي يقصده المشرع في لوائح قانون العمل، بحيث تكون كل مخالفة باطلة إذا خالفت الحد الأدنى المقرر لحماية العامل، بينما تعتبر كل مخالفة تزيد من هذه الحماية صحيحة.

كما نصت المادة (11) على ما يلي: أي مصالحة أو تنازل أو إبراء عن الحقوق الممنوحة للموظف بموجب أحكام هذا القانون خلال مدة إقامة مصالح العمل وحتى انقضاء ستة أشهر من انتهائها يكون لاغياً، حيث تم إلغاء كل ما يخالف أحكام قانون العمل واستبعاد الشروط المخالفة لأحكام قانون العمل الفردي إذا كانت الظروف المخالفة أكثر فائدة لموظف.

كما نصت على بطلان كل مصالحة أو براءة من الحقوق الناشئة عن عقد العمل، سواء كان هذا التوفيق أو هذا الإفراج أثناء سريان عقد العمل أو خلال شهر من تاريخ انتهائه، ما دام هذا التوفيق أو الإفراج يخالف أحكام القانون لما يضر بالموظف؛ لأن الموظف يكون فعلاً عند إعفاء صاحب المنشأة من حقوقه أو مصالحته تحت تأثير الحاجة.

أما إذا مر شهر على انتهاء عقد العمل، فإن حاجة الموظف الماسة إلى الحصول على بعض حقوقه تعتبر باطلة، حيث يتحرر من الخوف ومن رباط التبعية الذي يربطه بصاحب المنشأة أثناء تنفيذ القانون العقد، ويلتزم  بالإفراج الذي يتم بعد الشهر ما لم تكن المصالحة باطلة وفق الأصول العامة.

وممّا لا شك فيه أن تدخل المشروع في تقرير بطلان هذه المصالحات وإبراء الذمة المباح في القانون؛ لأن هدف المشروع من وضع أحكام خاصة بالعاملين هو التدخل في حرية التعاقد بينهم، وبالتالي يمكن القول بأن أي شرط ما يتعارض مع هذه الأحكام لا ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار إذا كان غير عادل للموظف الذي يهدف المشرع لحمايته.

إلا أن بعض المحاكم المصرية سارت في نفس الاتجاه قبل دخول قانون العمل الموحد حيز التنفيذ، وربما تأثرت بضعف مكانة الموظف أمام صاحب المنشأة أثناء سريان العقد. يخضع تنفيذ العقد لسلطة صاحب المنشأة؛ لأنه في الوقت الذي يلي إنهاء العقد مباشرة في حالة عائق يجعله في حاجة إلى المال، ممّا يؤدي به إلى أن يفضل أن يكون راضيًا عن شرط حقوقه غير مكتمل ولكنه مستعجل على شرطهم المؤجل الكامل، ولهذا السبب يوفر قانون العمل الموحد الحماية للعامل في كلتا الحالتين طالما أن ظروفه تجبره على التنازل أو التوفيق.

ويعتبر عدم التقيد بالحقوق الواردة في قانون العمل، والتي تعتبر حداً أدنى باطلاً. ومع ذلك، لا يوجد ما يمنع القانون من اتفاق على زيادة هذه الحقوق، حيث أن هذه الاتفاقية سارية ولا يجوز مخالفة أحكام قانون العمل التي لا تنظم الحقوق الفردية، حتى لو كان هذا الانتهاك في مصلحة الفرد الموظف، والإيضاح في ذلك أن بعض أحكام قانون العمل قد وُضعت لحماية المصلحة العامة وتحقيق التوازن بين المصالح المتضاربة لأصحاب المصلحة.

أما الإجراءات المرتبطة في تنظيم الإضراب والحكم في سن نصوص العمل، فلا يجوز الاتفاق على ما يخالف هذه النصوص، ويعتبر كل اتفاق من هذا القبيل باطلاً، حتى لو كان في مصلحة العامل، إذا تضمن العقد شروطًا أكثر منفعة للموظف ولغيره تنتقص من حقوقه المنصوص عليها في قانون العمل وتعتبر حداً أدنى، ففي هذه الحالة تبطل الشروط الأخيرة دون أن يبطل العقد وتستبدل بالشروط المذكورة في العمل؛ لذلك يجب النظر إلى كل شرط على حدة دون الالتفات إلى بقية الشروط ومهما كانت هناك مزايا في هذه الشروط تعوض الموظف عما فقده بموجب الشروط الأخرى.

المصدر: أصول قانون العمل ، الدكتور حسن كيره ، الجزء الأول ، عقد العمل ،الطبعة الثانية ،سنة 1969 ص 26 .اقتصاد وتشريع العمل ، الدكتور صادق السعيد ، الطبعة الثانية 1969 بغداد ،ص 35 .شرح قانون العمل ، علي العريف ، الجزء الأول ، طبعة 1963 ، القاهرة ص 22 ــ 25 .شرح وقانون العمل ، الدكتور شاب توما منصور ، الطبعة السادسة بغداد سنة 1977،ص25


شارك المقالة: