تقليل التلوث الضوضائي عن طريق الأشجار

اقرأ في هذا المقال


نحن نعيش بهدوء في عالم صاخب والكثير من التلوث الضوضائي الذي يعد من صنع الإنسان بما في ذلك الصناعات والتعدين والأعمال المنزلية وحركة المرور، يُنظر إلى الضوضاء الآن على أنها عامل في مجموعة من المشكلات الصحية بما في ذلك أمراض القلب.
بالنسبة للكثير منا يقتصر مفهوم التلوث الضوضائي بتأثيره على البشر، لكن هذا ليس هو الحال فهو ضار أيضًا  بالنباتات والحيوانات، وفقًا لخدمة المتنزهات القومية (NPS) في الولايات المتحدة يعد التلوث الضوضائي تهديدًا خطيرًا للبيئة، حيث يقول الخبراء إن التلوث الضوضائي يمكن أن يتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في النباتات ويمكن حتى أن يسرع من انقراض بعض الأنواع في قرن آخر، فيما يلي بعض الأسئلة الأكثر شيوعًا المتعلقة بالتلوث الضوضائي وعالم النبات:

هل يمكن للأشجار أن تقلل فعليًا من التلوث الضوضائي؟ 

البيئة الصاخبة (هي البيئة التي تتعرض للتلوث الضوضائي) تعرض السلام للخطر وتجعل الناس يشعرون بالفزع،  حيث يعتبر أيضًا شكلاً من أشكال التلوث البيئي وهو أيضًا مصدر قلق صحي، من حسن حظنا أنه لدينا ملايين الأشجار المانعات للضوضاء الطبيعية، حيث أن هذه الأشجار لا تمتص ثاني أكسيد الكربون فقط بل تعطي الظل وتتجنب تآكل التربة وتعمل أيضًا كمخازن لتصفية الضوضاء الحضرية المزعجة.
أفادت دراسة أجرتها وزارة الطاقة الأمريكية أن الأشجار والشجيرات يمكن أن تقلل مستويات الضوضاء بنسبة 50 في المائة كما تتصورها الأذن البشرية.

كيف تقلل الأشجار من التلوث الضوضائي؟

تعمل الأشجار كحاجز للضوضاء وتحد من التلوث من خلال ظاهرة تسمى (توهين الصوت) وهو التخميد الصوتي، بشكل عام يحدث توهين الضوضاء عندما تتبدد الموجات الصوتية على مسافات أطول حتى لا يتبقى طاقة لتهتز الهواء، تخفف الأشجار الضوضاء عن طريق ما يلي:

  • امتصاص النباتات للضوضاء: تمتص أجزاء الأشجار مثل السيقان والأوراق والفروع والخشب الموجات الصوتية، يعتبر اللحاء السميك والخشن والأوراق السميكة أكثر فعالية في امتصاص الصوت نظرًا لمساحة سطحها الديناميكية، في حالة الشجيرات فإن حجمها مهم.
  • انحراف الصوت عن طريق النباتات: عندما تضرب الموجات الصوتية جذوع الأشجار الضخمة لا تهتز جذوعها لأنها صلبة، تنعكس الموجات الصوتية عن الجذوع وتعود باتجاه المصدر، بينما عندما يضرب الصوت سطحًا مرنًا مثل الأوراق تهتز الأوراق وتتحول الموجات الصوتية إلى أشكال طاقة أخرى، يمكنه أيضًا تغيير مرحلة الصوت مما قد يتسبب في حدوث تداخل في الموجات الصوتية وتقليل الضوضاء.
  • انكسار الصوت بواسطة النباتات: كما نعلم يمكن أن تنكسر الموجات الصوتية فعلى سبيل المثال إذا ضرب الصوت على أرضيات صلبة فإن الموجات ترتد في كل مكان وتحدث أصداء، تساعد النباتات التي تغطي الأرض والكروم على الجدران الخضراء في تحقيق نفس التأثير.
  • إخفاء الصوت بواسطة النباتات: تخفي الأشجار ضوضاء مزعجة عندما تتأرجح الأغصان أو تترك حفيفًا أو صريرًا، كما تجذب الأشجار والشجيرات الطيور والسناجب التي يساعد نقيقها وصريرها في إخفاء التلوث الضوضائي.  
    حيث أشارت بعض الدراسات أيضًا إلى أن الحد الأقصى من الضوضاء يحدث على مستوى الأرض خاصة في الأراضي الحرجية، هذا يعني أن حاجز الضوضاء الجيد يجب أن يكون مزيجًا من الأشجار والشجيرات ومزارع الغطاء الأرضي.

ما مقدار الضوضاء التي تحجبها الأشجار؟

تعتمد النسبة المئوية للتحكم في الضوضاء التي يمكن أن توفرها الشجرة على عدة عوامل: ( أولاً شدة الصوت وتردده واتجاهه، ثانيا موقع الشجرة وارتفاعها وعرضها وكثافتها)، ومع ذلك كقاعدة عامة يمكن لحاجز الأشجار بمسافة مفتوحة 100 قدم أن يقلل الصوت بمقدار 21 ديسيبل، تظهر الأبحاث أن أسطح الأرض اللينة تخفف من ضوضاء التردد المنخفض بينما تخفف الأشجار والشجيرات الترددات العالية.
تظهر النتائج المنشورة بواسطة (Huddart) أنه يمكن تقليل الضوضاء بمقدار 6 ديسيبل على مسافة 30 مترًا عندما يكون حاجز الضوضاء كثيفًا بالنباتات، كما لخصت دراسة أخرى إلى أن حزام شجيرة كثيف بعرض 15-30 مترًا يمكن أن يقلل مستويات الضوضاء بمقدار 6-10 ديسيبل.  
تشير دراسات التوهين الصوتي على فحص ضوضاء المرور إلى أن أوراق الشجر يمكن أن تقلل الترددات في النطاق 250 هرتز إلى 2000 هرتز أو أعلى، أظهرت نفس الدراسات أن جذوع الأشجار تشتت الترددات المتوسطة، نظرًا لأن معظم ضوضاء المرور تبلغ ذروتها عند الترددات المتوسطة (1000-2000 هرتز) فيُقترح إنشاء حاجز ضوضاء كثيف لتحقيق تقليل فعال للضوضاء.

هل تتأثر الأشجار بالتلوث الضوضائي؟

يغير التلوث الضوضائي الطريقة التي يتصرف بها البشر والطيور والحيوانات والنباتات، نظرًا لأن النباتات لا تستطيع الحركة أو الهجرة فإنها تعتمد على الحشرات والطيور والحيوانات في نقل حبوب اللقاح وانتشار البذور، لكن الطيور والعديد من أنواع الملقحات تتكيف مع التلوث الضوضائي عن طريق تغيير أنماط الهجرة أو الانتقال إلى أماكن هادئة، النتيجة هي فقدان المناظر الطبيعية والازدحام والتنافس على الضوء والماء والمغذيات والفضاء وفقدان الأنواع.  
تظهر الأبحاث أن النباتات تستجيب لمستويات الضوضاء المرتفعة بطرق مختلفة، على سبيل المثال جاجليانو وآخرون وجدو أن الترددات من 100-300 هرتز يمكن أن تحفز الاستجابات الهيكلية، وجدوا أيضًا أنه يمكن أن يؤثر على مستويات النسخ في النباتات.
على سبيل المثال وجدت الدراسات حول سلوك التلقيح والبحث عن البذور لأشجار البينون والعرعر في المواقع الصاخبة في نيو مكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية تأثيرًا معقدًا على نمو النبات، لهذا الغرض استخدم العلماء مواقع صاخبة مع ضواغط تنتج صوت 95 ديسيبل وتم استخدام مواقع تحكم “تمامًا” بدون ضواغط حيث وجدوا أربعة أضعاف نمو شتلات بينيون في مواقع هادئة مقارنة بالمواقع الصاخبة.

ما هي أفضل الأشجار للحد من الضوضاء؟

تقول وكالة حماية البيئة الأمريكية إن زراعة الأشجار والشجيرات دائمة الخضرة يمكن أن تمنع الضوضاء الحضرية بمقدار 3-5 ديسيبل، بالإضافة إلى ذلك أنها مكافأة لتجميل الساحات الخلفية والحدائق والطرق السريعة، فيما يلي أفضل الأشجار للحد من الضوضاء:

  •   ماغنوليا: تنمو هذه الشجرة القوية حتى 50 قدمًا ولها أوراق شجر كثيفة مما يجعلها مثالية لمنع مئات الديسيبل من مستويات ضوضاء المرور.
  • هاردي ايفرجرينز: الشجرة الدائمة هي أفضل مانع للضوضاء، حيث تعد هذه الشجرة بإنها كثيفة وتنمو بشكل أسرع وتعمل كمرشحات ضوضاء على مدار العام، من الأمثلة على الأشجار الدائمة الممتازة التي تعمل على تقليل الضوضاء هي:
    1. السرو ليلاند: معروف بنموه السريع والسميك من 3 إلى 4 أقدام / سنة، أنها تبقى خضراء على مدار السنة وهي تتحمل الجفاف ويزدهر بسهولة تامة في كل من الطين والرمال، يحجب النمو الكثيف للشجرة معظم  الضوضاء الصادرة عن المناطق الحضرية.
    2. أربورفيتاي: هي أنحف من شجر السرو ليلاند ولكنها فعالة بنفس القدر في إغراق مستويات الضوضاء المرتفعة، للحد من الضوضاء بشكل فعال يجب زراعة الأشجار بمسافة 3-4 أقدام.
  • الشجيرات: توفر العديد من الشجيرات إمكانات جيدة مثل مزارع عزل الضوضاء، بعض الأسماء المثالية هي:
    1. هوليز: الشجيرات المقدسة ممتازة في تقليل الضوضاء على مستوى الأرض، كما أنها أكثر سمكًا ولها الكثير من الفروع والأوراق الكبيرة وهي عوامل مثالية لتخفيف أكبر قدر ممكن من الضوضاء، من الأمثلة عليها (أوكليف هولي ودوارف بوفورد هولي)، يظهر كلاهما نمط نمو كثيف لذلك عندما يتم زرعه كتحوط فإنه يمنع الضوضاء جيدًا.
    2. الزعرور الهندي: هذه الأوراق الخضراء اللامعة الداكنة هي ترياق رائع لمستويات الضوضاء المرتفعة، مع الزهور المزخرفة والتوت الأسود المزرق والشكل الدائري يخدم نبات الزينة أيضًا.

المصدر: كتاب النظام البيئي والتلوث د. محمد العوداتكتاب علم وتقانة البيئة للمؤلف فرانك ر.سبيلمانكتاب البيئة وحمايتها للمولف نسيم يازجيكتاب الانسان وتلوث البيئة للدكتور محمد صابر/2005


شارك المقالة: