مباني المكاتب المستدامة وأثرها على البيئة

اقرأ في هذا المقال


تمتد صحة الموظفين وعافيتهم إلى ما هو أبعد من إنشاء ممارسات عمل أكثر اخضرارًا واستدامة، وأن العديد من التطورات الحديثة في المباني الخضراء تحافظ أيضًا على صحة الموظفين أكثر من أي وقت مضى، حيث يبدو أن مباني المكاتب المستدامة هي موجة المستقبل.

ما هي مباني المكاتب المستدامة؟

هي عبارة عن المباني التي تميل إلى المزيد من المساحات الخضراء والمواد التي تُخرج انبعاثات أقل، حيث تتجه العديد من الشركات حالياً إلى نهج المباني الخضراء، حيث أصبحت حوالي 38 بالمائة من المكاتب في 30 سوقًا رئيسيًا في الولايات المتحدة على سبيل المثال حاصلة على شهادة LEED أو ENERGY STAR، كما أننا نتوقع رؤية المزيد من المباني التي تصبح معتمدة باللون الأخضر في السنوات القادمة في جميع أنحاء العالم.
تأخذ خطة البناء الأكثر اخضرارًا في الاعتبار عدة عوامل بما في ذلك فائدة البيئة ككل واستدامة الهيكل للبيئة المحلية والموظفين الذين يعملون داخلها، وإن إبقاء الموظفين سعداء وبصحة جيدة يوفر أموالًا على الأعمال التجارية على المدى الطويل، لأنهم أقل عرضة للمغادرة وأكثر إنتاجية وتأخذ أيام مرضية أقل.

ما هي الطرق التي تعمل بها المباني المستدامة؟

  • تحسين جودة الهواء: تؤثر جودة الهواء على صحة الموظفين بطرق غير متوقعة، وإذا كان أي موظف يعاني من الربو أو اضطرابات التنفس فإن جودة الهواء تصبح أكثر أهمية للحفاظ على صحتهم العامة، حيث تتمثل بعض الطرق البسيطة التي تعمل بها الشركات على تحسين جودة الهواء في إضافة المرشحات وأجهزة تنقية الهواء والنباتات الحية التي تنظف المنطقة وتضيف الأكسجين إلى المبنى.
    وبشكل عام تسبب جودة الهواء الرديئة الصداع وتهيج العين ونقص التركيز والإرهاق، حيث يعد الحصول على الهواء النقي بالداخل طريقة بسيطة للتخلص من السموم وتحسين جودة الهواء بشكل عام في المبنى.
  • تشجيع الإنتاجية: تظهر الدراسات أن المباني الأكثر اخضرارًا تخلق موظفين أكثر إنتاجية، ففي إحدى الدراسات نظر الباحثون في 10 مبانٍ ذات معدلات إنتاجية عالية في خمس مدن أمريكية كبرى، ولقد أرادوا معرفة ما إذا كان الجو في العمل قد أثر على الرفاهية العامة للموظفين – حتى عندما كانوا خارج العمل – وكيف أدى ذلك إلى زيادة الإنتاجية.
    كما اكتشف بعض الباحثون أن الأشخاص الذين يعملون في مبنى مرخص للبيئة لديهم زيادة بنسبة 26 بالمائة في الإدراك و30 بالمائة أقل في أيام المرض، وحتى أن بعض المشاركين أشاروا إلى أنهم كانوا ينامون بشكل أفضل بعد أن أصبح المكتب أخضر، وإذا كان المكتب الأخضر ينتج عمالا أكثر إنتاجية فإن التحول إلى البيئة الخضراء يؤتي ثماره مع مرور الوقت.
  • حجب الأشعة فوق البنفسجية: تسبب الأشعة فوق البنفسجية أضرارًا للمفروشات والصور، وقد يؤدي التعرض المفرط للشمس ايضاً إلى الإصابة بسرطان الجلد في يوم من الأيام، ولحسن الحظ هناك طرق موجودة في المباني الخضراء المستدامة لمنع أشعة الشمس والحفاظ على أمان كل من في المبنى وممتلكاتهم، وبالإضافة إلى ذلك توفر الشركة المال على نفقات الطاقة، حيث أن تبريد المبنى يكون أقل تكلفة، كما سوف يستمر أثاث المكتب لفترة أطول إذا كان محميًا من أشعة الشمس القاسية.
  • المشاركة في بناء عالم أفضل: قد يسعى الموظفون الذين يعملون في المباني المعتمدة الخضراء إلى العمل بتلك الشركات عن قصد، فعندما يكرس الموظفون أنفسهم لتقليل بصمتهم الكربونية فإنهم غالبًا ما يبحثون عن شركة تلتزم أيضًا بالبيئة، حيث يتيح العمل الأخضر للموظفين إرضاء العمل في شركة تتوافق مع قيمهم الشخصية.
    كما أن الموظف الذي يشعر أنه يؤثر على العالم حتى ولو بطريقة بسيطة مثل المساعدة في إعادة التدوير في العمل يكون أكثر سعادة في حياته المهنية، ومن المرجح أن يبقى بدلاً من أن يغادر للعمل لدى منافس. إن العثور على موظف جديد وتدريبه يكلف أكثر من الاحتفاظ به، لذلك حتى التغيير البسيط مثل مشاركة القيم البيئية يؤثر على أرباح الشركة.
  • الحفاظ على صحة الموظفين: يتضمن أحد جوانب المبنى المستدام الاستفادة من الإضاءة الطبيعية لتقليل الحاجة إلى إنفاق الطاقة، حيث تشير الدراسات إلى أن الموظفين الذين يتلقون ما يكفي من الضوء الطبيعي يأخذون 6.5 أيام مرضية أقل كل عام من أولئك الذين ليس لديهم مستويات إضاءة صحية، كما يؤثر شيء بسيط مثل إضافة المزيد من الضوء على صحة ورفاهية الموظفين.
  • استخدام مواد البناء المستدامة: يجب أن تكون المواد المستخدمة لبناء مكتب مستدامة موجودة حقاً، وعادةً ما يستخدم المبنى الأخضر حقًا مزيجًا من المواد الصديقة للبيئة والعناصر المعاد توجيهها مثل الأبواب والتركيبات القديمة.
    كما تستخدم المباني الخضراء مواد أقل وتقليل النفايات من عملية البناء، حيث تحافظ مشاريع مثل: (LEED) على حوالي 80 مليون طن من النفايات خارج مكبات النفايات، وعندما تتوسع الشركة أو تعيد تشكيلها أو تبنيها يجب أن ترى الشركات النمو كفرصة لاتخاذ خيارات صديقة للبيئة.
    إذا كانت صحة الموظفين في طليعة خطط البناء فيجب أن تكون العناصر منخفضة الانبعاثات ومصنوعة من مواد طبيعية بالكامل، حيث تطلق المواد التي يصنعها الإنسان السموم في بعض الحالات، مما قد يؤثر بشكل كبير على صحة الموظفين وزوار المبنى.
  • أهميتها للطبيعة: نظرًا لأن الأبحاث تظهر أن الحصول على الهواء النقي والضوء الطبيعي يحافظ على صحة الموظفين فإن العديد من المباني الخضراء تضيف حديقة على السطح، حيث توفر منطقة الحديقة أو السطح أو غير ذلك للموظفين مكانًا للابتعاد عن ضغوط يوم العمل والاستمتاع ببعض أشعة الشمس والهواء النقي.
    على سبيل المثال استخدمت بعض الشركات الحدائق على السطح، وذلك لزراعة الخضروات العضوية ومشاركة الطعام الصحي مع الموظفين الذين قد لا يشترون منتجات عضوية خاصة بهم، كما قد تقوم الشركات بطهي وجبة غداء باستخدام الخضار الطازجة أو إرسال حزم إلى المنزل مع الموظفين عندما يكون العائد أكثر مما يمكن استخدامه في العمل.
  • معالجة مياه الصرف الصحي: في بعض الحالات قد يتم تصميم مباني المكاتب المستدامة بطريقة تعالج مياه الصرف الصحي قبل مغادرتها من موقع البناء، وعادةً ما تتدفق المياه العادمة من الموقع إلى خزان للصرف الصحي أو نظام الصرف الصحي، ولكن معالجة المياه العادمة في الموقع تساعد في تقليل الضغط على البنية التحتية عن طريق تقليل الكمية التي يجب معالجتها. 

مباني المكاتب المستدامة في المستقبل:

إن الأجيال الشابة على استعداد لدفع المزيد مقابل المنتجات الخضراء والبحث عن الشركات التي تشاركها رغبتها في حماية البيئة، حيث توقع أن تنمو صناعة المباني الخضراء على قدم وساق، حيث يتطلع الناس فعلاً إلى تقليل استخدام الطاقة وخلق بيئات أكثر صحة وأمانًا للعمال.
من المرجح أن يظل الموظفون الذين يشعرون بأنهم جزء من البيئة أكبر ملتزمين بالجهود الخضراء طويلة الأجل، كما قد تجذب الشركات حتى العملاء الذين يشاركونهم قيم الاستدامة الخاصة بهم عندما يسمعون بالتدابير التي يتم اتخاذها للحفاظ على الأعمال الخضراء والبيئة ككل، حيث يعد تنفيذ حتى التغييرات الصغيرة أمرًا إيجابيًا يوفر على الشركة أموالًا على المدى الطويل ويحافظ على سعادة الموظفين وصحتهم وعلى البيئة ايضاً.

بعد كل هذا نستطيع القول بأن مباني المكاتب المستدامة الخضراء هي مهمة للحفاظ على صحة الموظفين بشكل جيد بالأضافة الى الحفاظ على البيئة من التلوث، ولهذا يجب على بعض الشركات التحول الى هذه المباني المستدامة.

المصدر: كتاب البيئة وحمايتها للمولف نسيم يازجيكتاب النظام البيئي والتلوث د. محمد العوداتكتاب الانسان وتلوث البيئة للدكتور محمد صابر/2005كتاب علم وتقانة البيئة للمؤلف فرانك ر.سبيلمان


شارك المقالة: