هل مكبات النفايات ضارة بالبيئة؟

اقرأ في هذا المقال


لقد سمعنا جميعًا عن أهمية التخلص السليم من النفايات، ومع ذلك لا يزال معظمنا غير مدركين إلى أين تذهب نفاياتنا أو بشكل أكثر تحديدًا الآثار السلبية التي تنشأ من التخلص منها بشكل غير صحيح، ومن بين حوالي 267.8 مليون طن من النفايات المتولدة سنويًا يتم إعادة تدوير أو تحويل 32.5 بالمائة من هذه النفايات إلى سماد، ويتم حرق 12.5 بالمائة، ويتم دفن نسبة 55 بالمائة المتبقية في مكبات النفايات.

ما هي مكبات النفايات؟

هي عبارة عن مواقع تُجمع فيها أي نفايات غير معاد تدويرها أو معاد استخدامها، حيث تحتوي مكبات النفايات على نفايات منزلية وتجارية عضوية وخاملة، وعلى الرغم من تنظيمها وتصميمها وتشغيلها ومراقبتها من أجل الامتثال فإن مكبات النفايات تشكل تهديدات على حياة الإنسان والممتلكات والبيئة.
بشكل عام فإن مكبات النفايات هي عبارة عن منشآت جيدة التصميم مصممة لاستقبال أنواع محددة من النفايات بما في ذلك النفايات الصلبة البلدية (MSW) وحطام البناء والهدم (C&D) والنفايات الخطرة، كما تم تصميم منشآت المكب لحماية البيئة من الملوثات التي قد تكون موجودة في النفايات الصلبة التي يتم التخلص منها في الوحدة.
كما تستخدم بعض مواقع دفن النفايات أيضًا لأغراض إدارة النفايات مثل: التخزين المؤقت والدمج والنقل أو لمجموعة مراحل مختلفة من معالجة مواد النفايات مثل: الفرز أو المعالجة أو إعادة التدوير، وما لم يتم تثبيتها قد تتعرض مدافن النفايات إلى اهتزاز شديد أو تسييل الى التربة أثناء كوارث طبيعية مثل الزلزال.
ليست مكبات النفايات قبيحة من خلال النظر إليها فحسب بل إنها تشكل أيضًا عددًا من المشكلات البيئية والاقتصادية والصحية في المجتمعات المحلية وخارجها، فعلى سبيل المثال فإن تنوع المواد التي يتم إلقاؤها في مكبات النفايات بالإضافة إلى المواد الكيميائية التي تنتج عندما تتحلل القمامة، تخلق مزيجًا سامًا يسمى العصارة، مما يؤدي إلى كميات كبيرة من التلوث. يمكن أن تتسرب هذه السموم إلى المياه الجوفية وتؤثر على البيئة المحلية.
على سبيل المثال النفايات الإلكترونية تحتوي على أنواع مختلفة من المواد الكيميائية الخطرة، بما في ذلك الرصاص والكادميوم والبريليوم والزئبق ومثبطات اللهب المبرومة، وعند التخلص منها في مكب النفايات تتسرب هذه المواد الخطرة في النهاية إلى البيئة وتلوث الهواء والتربة والماء، مما يؤثر على معيشة عدد لا يحصى من الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من مكبات النفايات في جميع أنحاء العالم.

هل مكبات النفايات سيئة؟

بمنتهى اليقين تعتبر مكبات النفايات ضارة، ليس فقط على البيئة ولكن أيضًا على صحتنا. في تقرير صادر عن وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) تتسرب مكبات النفايات في النهاية، وسيؤدي الجريان السطحي من مكبات النفايات إلى جلب مواد كيميائية سامة إلى إمدادات المياه لدينا، مما يؤدي إلى تلويث مياه الشرب في المجتمعات المجاورة.
تعد مكبات النفايات أيضًا ثالث أكبر مصدر لانبعاثات غاز الميثان ذات الصلة بالبشر في معظم دول العالم وفقًا لوكالة حماية البيئة، كما أن الميثان هو عبارة عن غاز من غازات الدفيئة ويكون أقوى بنحو 25 مرة من ثاني أكسيد الكربون، مما يجعله مساهمًا قويًا في أزمة المناخ لدينا.
بالإضافة إلى ذلك تنبعث من مكبات النفايات غازات قد تكون ضارة مع روائح تتخلل الأحياء، كما أنها مرتبطة بعيوب خلقية ومشكلات صحية خطيرة أخرى، وحتى بعد إغلاقها فإن المواقع ليست آمنة تمامًا للاستخدام كملاعب ومواقف للسيارات ولإنشاءات وأنشطة أخرى، لأنها يمكن أن تؤدي إلى تشققات على الغطاء وكذلك التسربات اللاحقة، حيث تعتبر مكبات النفايات الحل الأمثل لإلقاء النفايات والقمامة، لكن آثارها السلبية المحتملة تخرج عن الفوائد.

هل مكبات النفايات ضارة بالبيئة؟

بشكل قاطع فإن مكبات النفايات ضارة بالبيئة، وهذه هي الأسباب:

  • هي مصدر رئيسي للتلوث: إن مكبات تلوث الهواء والتربة ومصادر المياه الجوفية، لا سيما أنها ليست مشهدًا جميلًا يمكن رؤيته أو ربط مجتمعنا به، كما إنها تنتج روائح كريهة تلوث الهواء، والمناظر غير السارة التي تؤوي الفئران وطيور النورس والحيوانات الأخرى، مما يتسبب في مشاكل ملوثة أخرى.
  • تستمر آثارها لفترة طويلة: ليس من السهل تنظيف مكبات النفايات وقد تستمر آثارها لسنوات، بالإضافة إلى ذلك إذا تم دفن القمامة في مكبات النفايات، فإنها تتحلل بمعدلات بطيئة للغاية، وتظل مشكلة للأجيال القادمة، وكذلك البيئة لفترة طويلة.
  • تحتوي على مواد سامة: تحتوي بعض مقالب القمامة على العديد من المواد، وبعضها يحتوي على مواد سامة مثل النفايات الإلكترونية، حيث تحتوي نفايات أجهزة التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة الكهربائية الأخرى على قائمة طويلة من المواد الخطرة مثل الزئبق والـ PVC والأحماض والزرنيخ والرصاص والكادميوم.
    تشمل السموم الخطرة الأخرى الموجودة في مكبات النفايات نفايات الأدوية غير المستخدمة والأسمدة والمنتجات منتهية الصلاحية من بين أشياء أخرى كثيرة، حيث تؤثر هذه السموم سلبًا على البيئة، وكذلك على الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من مكبات النفايات.
  • تلوث المياه الجوفية: ينتج عن مكبات النفايات شيء يسمى (العصارة) وهو السائل الذي يتكون عادةً عندما تتحلل النفايات في مكبات النفايات، وهذه المادة المرتشحة شديدة السمية، ويمكن أن تلوث الأرض وكذلك المياه الجوفية والمجاري المائية، فعندما تتأثر هذه المسطحات المائية ستؤثر السموم على الأشخاص والأراضي التي تبعد أميالاً عن مكب النفايات ولفترة طويلة جدًا.
  • إنتاج الغازات المسببة للاحتباس الحراري: ربما يكون هذا هو أكبر تهديد بيئي يشكله مكبات النفايات، حيث تتحلل معظم المواد في مقالب القمامة في نهاية المطاف من خلال العمليات اللاهوائية، مما ينتج عنه غازات الدفيئة مثل الميثان الذي يكون أقوى من ثاني أكسيد الكربون.
  • التأثير على التنوع البيولوجي: إن بعض مكبات النفايات مسؤولة عن فقدان ما يقرب من 20 إلى 300 نوع لكل هكتار، حيث تتأثر الأنواع المحلية بما في ذلك الثدييات والطيور بالأنواع التي تتغذى على النفايات مثل الغربان والجرذان، كما يتأثر الغطاء النباتي أيضًا ببعض الأنواع النباتية غير الأصلية في المنطقة التي تنمو وتقتل وتحل محل النباتات المحلية.
  • التأثير على التربة والأرض: تؤثر هذه المواد السامة والمواد العضوية المتحللة على التربة التي يقع عليها المكب، وهذا يؤثر سلبًا على جودة التربة بما في ذلك جودة المناطق المحيطة، وقد يتأثر أي محصول يزرع على مثل هذه التربة، مما يعني أنه سيكون هناك تأثير على التنوع البيولوجي للنباتات المحلية أو حتى تغيير دائم له.
  • التأثيرات البصرية والصحية: غالبًا ما لا تحظى مواقع دفن النفايات بشعبية كبيرة لدى السكان، حيث تؤثر مواقع دفن النفايات على المناظر الطبيعية، فهي نتنة وتبدو قذرة وتصبح أرضًا لتكاثر البكتيريا، كما يمكن أن تؤدي الرائحة وحركة المرور والضوضاء والحشرات المصاحبة لمدافن النفايات إلى خفض أسعار المنازل.
    بسبب الزيادة في الحشرات المحيطة بمكبات النفايات يصبح المرض مشكلة مع آثار صحية ضارة أخرى مثل العيوب الخلقية والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي التي ترتبط أيضًا بالتعرض لمواقع دفن النفايات.
  • آثار خصوبة التربة: يمكن أن يؤثر خليط المواد السامة والمواد العضوية المتحللة على جودة التربة في المناطق المحيطة بموقع المكب، كما يمكن أن يؤدي هذا إلى تفاقم التأثيرات على التنوع البيولوجي، حيث قد تتوقف النباتات المحلية عن النمو وتتغير بشكل دائم.

كيف تؤثر مكبات النفايات على البشر؟

  • التأثيرات على العاملين الموجودين في مدافن النفايات: تشكل النفايات المنزلية العضوية تهديدًا خطيرًا، حيث إنها تخمر وتخلق ظروفًا مواتية لنمو مسببات الأمراض الميكروبية وبقائها على قيد الحياة، وإذا تعامل هؤلاء العمال مباشرة مع النفايات الصلبة، فيمكنهم الإصابة بأنواع مختلفة من الأمراض المعدية والمزمنة.
  • التأثير على الصحة العامة للإنسان: إن التعرض لهذه النفايات الخطرة تؤثر على صحة الإنسان (والأطفال هم أكثر الفئات عرضة للخطر)، حيث يؤدي التعرض المباشر لهذه النفايات لبعض الأمراض الخطيرة، كما أن بعض المخلفات الكيميائية الموجودة في البيئة تسبب التسمم الكيميائي، وهناك عدد لا يحصى من الدراسات التي تثبت هذه الحقائق وتستنتج أن مكبات النفايات تؤثر سلبًا على البشر.
    وفقًا لإحدى الدراسات هناك ارتباط قوي بين كبريتيد الهيدروجين الذي يستخدم كبديل للملوثات المنبعثة من مكبات النفايات والوفيات الناجمة عن سرطان الرئة، وكذلك الوفيات والاستشفاء من أمراض الجهاز التنفسي خاصة عند الأطفال.
  • تسمم التربة والنباتات التي يتغذى عليها الإنسان: تم التعرف على أن المخلفات تؤثر سلباً على البيئة، وكما أنه يؤثر على النباتات والمحاصيل المزروعة بجوار مكبات النفايات، حيث ينتهي الأمر بالبشر بأكل هذه المحاصيل بشكل مباشر أو غير مباشر، إذ يشير الأول إلى أننا نأكلها مثل الخضروات مباشرة من المزرعة، وتعني بشكل غير مباشر عندما نستهلك اللحوم أو الحليب من الحيوانات التي تتغذى في الأصل على تلك النباتات، لذلك ينتهي بنا المطاف عن غير قصد بتسميم أنفسنا.
  • تسمم المياه التي نستهلكها: كما هو الحال في المحاصيل والنباتات أعلاه ينتهي بنا المطاف هنا باستهلاك المياه أو أكل المحاصيل المزروعة باستخدام المياه أو المنتجات الغذائية من الحيوانات التي استهلكت المياه التي تأثرت بشكل مباشر بالسموم، حيث يتأثر الماء بشكل مباشر إذا كانت العصارة تتدفق إلى المسطحات المائية أو تمتصها الأرض، وتنتهي في المسطحات المائية الجوفية.
  • الروائح: إن الروائح الناتجة عن مكبات النفايات قوية للغاية ويمكن أن تمنع التنفس السليم لدى البشر، حيث قد يتضرر الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي بشدة من مشكلة الروائح، وقد ينتهي بهم الأمر في المستشفيات.
  • إيواء القوارض والذباب: تعتبر مكبات النفايات موطنًا مثاليًا للذباب والقوارض والأنواع الأخرى التي تتغذى على النفايات، وسينتهي بهم المطاف بدورهم في منازلنا ويزيدون من تدمير ممتلكاتنا، بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الأنواع مسؤولة عن نشر النفايات من مكبات النفايات بالقرب من المنازل، وبالتالي تلوث مجتمعاتنا.
  • تقع الحوادث أحياناً في مواقع دفن النفايات: في مارس عام 2017 انهار موقع مكب أديس أبابا في إثيوبيا، مما تسبب في مقتل 113 شخصًا، وبعد شهر واحد فقط تعرض موقع مطمر ميثوتامولا في سريلانكا لانهيار أرضي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصًا وفقد العشرات وتدمير أكثر من 140 منزلاً. 

المصدر: كتاب البيئة وحمايتها للمولف نسيم يازجيكتاب النظام البيئي والتلوث د. محمد العوداتكتاب الانسان وتلوث البيئة للدكتور محمد صابر/2005كتاب علم وتقانة البيئة للمؤلف فرانك ر.سبيلمان


شارك المقالة: