العناصر المعمارية لجسر قرطبة

اقرأ في هذا المقال


أساسات جسر قرطبة:

تتكون أساسات جسر قرطبة من كتل خشبية مثبتة في الأرضية ولها أطراف مدببة، وكذلك تتكون من كتل ضخمة أو بناء من الخرسانة الموضوعة داخل الصناديق الخشبية، وقد استعمل هذا النوع من الأساس منذ العصر الروماني في بناء الطرق في المستنقعات وتحت الجسور، كما أن الأساس يبدأ قبل مكان الجسر بحوالي خمسة أمتار أو أكثر في اتجاه أعلى النهر وخمسة أمتار أخرى في اتجاه مصب النهر، وكانت عبارة عن أرضية مبلطة مع المحافظة على الأكتاف وقواطع تيار الماء.
مع مرور الزمن واستمرار تيار المياه كانت الأساسات تصاب بشيء من التلف وخاصة في الفيضانات الكبرى، ويتمثل ذلك التلف في زحزحته وخروجه عن إطار جرف النهر لبعض الكتل الحجرية، وبالتالي كان لا بد من إجراء إصلاحات عديدة عليه باستخدام تقنيات ومواد البناء السائدة حسب كل عصر، وعادة ما ينشأ عن هذه الأساسات نوع من السد لتوجيه مياه النهر نحو شاطئيه، حيث كانت هناك العجلات الهيدروليكية أو النواعير.
ومن خلال الرسم الذي قام به المهندس لويس سانز لجسر قرطبة عام 1894، نشاهد أساسات عبارة عن كتل حجرية فقط دون الصندوق الخشبي الذي زال بفعل الزمن، كما نلاحظ له بقايا كتل خشبية وخوازيق أعمال من الخرسانة، وربما كانت جزءاً من الأساسات الموضوعة خلال العصور الوسطى، وهناك تجدر الإشارة إلى ما ورد في الحكم الثاني من التفاصيل عن عملية ترميم جسر قرطبة عام 971 ميلادي، والتي تتلخص في إنشاء سد مكوّن من الحجارة والرمل المخلوط بالطين لتخفيف المكان المحيط بأساسات الجسر، وكذلك تقوية الأكتاف بكتل حجرية وعيدان الحديد وصناديق من الطابية وتم كل ذلك تحت أشراف الخليفة مباشرة.

أكتاف وقواطع التيار لجسر قرطبة:

يوجد في الجسر في وقتنا الحاضر ستة عشر كتفاً، ولكل واحد منها قاطع تيار اتجاه أعلى النهر واتجاه المصب وهناك سبعة عشر عقداً، وقد تمت الإشارة من قِبل المؤرخين العرب أنهم لم يكونوا على اتفاق بشأن عدد الأكتاف والعقود الخاصة بالجسر، إذ يحصيها الحميري (عالم جغرافي) سبعة عشر عقداً وله ثمانية أكتاف، أما ابن حيان فيشير إلى أنه كان هناك ثمانية عشر عقداً ولها تسعة عشر كتفاً، كما يشير كل من ابن حيان والإدريسي بأن فتحة العقود كانت مساوية لعرض الأكتاف الكائنة في الوسط.
ونظراً لأن تيار الماء أقوى في القطاع الأيمن بالمقارنة بالقطاع الأيسر، فإن الأكتاف الخاصة بذلك القطاع ذات كتلة أكثر كثافة، حيث يتراوح العرض بين تسعة إلى عشر أمتار، لكنه في القطاع الأوسط يتراوح بين خمسة وسبعة أمتار، وعندما ننتقل إلى القطاع الأخير يعود العرض للزيادة ليصل 7 أو 8 أمتار. كما نجد أن سُمك الأكتاف يبلغ سبعة أمتار مقابل عشرة أمتار هي الفتحة الخاصة بالعقود.

عقود جسر قرطبة:

تتسم العقود بتميزها معمارياً، حيث ترجع إلى العقود الرومانية العربية القديمة، وكان هناك نوعان من العقود أحدهما من العقود المدببة، والنمط الأخر فهو العقد النصف دائري الذي يتسم بأن له انحناء واسع في إطار العقد الأقل من نصف دائرة، ويلاحظ فيها الانتظام سواء على مستوى القياسات أم على المستوى الجمالي، حيث يوجد شنبران العقد في بطنه البارز، كما أن الشنبران له خط غائر في الوسط، كما توجد أكتاف صغيرة وفوق قواطع تيار المياه، كما أن هذا الجزء من الجسر هو الأقل تعرضاً لتيار المياه.
ومن المنظور الأثري فإن الشنبران والأكتاف الصغيرة تحدو بنا إلى التفكير في الجذور القديمة لها، ففيما يتعلق بالشنبرانات، فإننا نجدها في البوابة الرئيسية لمسجد المهدية في تونس، كما سبق وجود هذا النوع من الشنبرانات في الجسور الرومانية، ويلاحظ أن الإصلاحات خلال العصر المسيحي والأزمنة التالية له ظلت محتفظة بالشكل الجمالي للشنبران على الجسر، والشنبران هو عبارة عن إبراز خط الطبلات بحيث تظهر في مستوى مختلف عن مستوى سنجات العقد، تم إبراز ذلك خلال مدماك من كتل حجرية تصاحب درجة الانحناء في باطن العقد.
ونجد في الواجهة التي توجد نحو أعلى نهر الوادي الكبير في جسر قرطبة أكتافاً صغيرة تقوم على محور قواطع التيار ويبلغ ارتفاعها وعرضها ما يقارب من المتر، وربما كان لها وظفتين إحدهما زخرفية مثل تلك التي نجدها في الجسر الروماني؛ وذلك لإبراز تفرد العقود ومقابلتها برتابة الاستمرارية في الواجهة، أما الوظيفة الثانية فهي نوع من التقوية الجزئية لواجهة الجسر التي لا تحميها قواطع تيار المياه.

المصدر: العمارة الأسلامية من الصين إلى الأندلس/المؤلف خالد عزب/طبعة2010العمارة الأسلامية/المؤلف الدكتور عبدالله عطية عبد الحافظ/الطبعة الثانيةفنون العمارة الأسلامية وخصائصها/المؤلف الدكتور عفيف البهنسي/الطبعة الثانية


شارك المقالة: