أسرع من المهثهثة

اقرأ في هذا المقال


كل الشعوب التي عاشت على أطراف كوكبنا هذا، تمتلك ميراثًا ثقافيًّا يخصها، وهو يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “أسرع من المهثهثة”.

فيم يضرب مثل: “أسرع من المهثهثة”

لا شك أنّ التراث العربي حافل بالحكم والأمثال، فبيت من الشعر  قد يصير مثلًا يتداوله الناس من جيل إلى جيل، والأمثال قد تكون وليدة موقف حياتي ارتبط به وجعله مستساغ التكرار في مواقف أخرى مماثلة، وأمّا مثلنا: “أسرع من المهثهثة”، فهو مثل قديم، يُضرب في حال تكلم المرء بلا مبالاة، وأظهر سخافة في الكلام وقلة في العقل.

معنى مفرادت مثل: “أسرع من المهثهثة”

أمّا كلمة المهثهثة في معاجم العربية فهي التمامة، وتلك رواية محمد بن حبيب في تفسيره لها، وأمّا ابن الأعرابي فقد رواها المهتهتة، بالتاء المعجمة من فوقها بنقطتين، وقال: معناها هي التي إذا تحدثت قالت: “هت هت”، وقيل: الهَثهثة، هي: اختلاط الأصوات في حرب أو صخب.

تفسير مثل: “أسرع من المهثهثة”وقصته

عن تفسير هذا المثل فقد قال حمزة : “إنّ الهثهثة الكلام غير المفهوم“، وابن فارس قال: “الهثهثة الاختلاط، والهتهتة صوت البكر، ويُقال: رجل مهت، أي خفيف في العمل“، وقال الأصمعي: رجل مهت وهتات، أي خفيف كثير الكلام ، وكلاهما أي الثاء والتاء، يدلان على ما ذهب إليه محمد بن حبيب لأنّ التمامة تخفّ وتسرع في نقل الكلام وتخليطه.

رواية أخرى لتفسير مثل: “أسرع من المهثهثة”

يُروى عن أبي عمرو قوله: “إنّ الهتاء هي: الكذابة والتمامة، وأما ما قاله ابن الأعرابي إنّها هي التي اذا تكلمت قالت: هت هت، فإنّه قصد قلة مبالاتها بما تقول؛ لسخافة عقلها وكلامها، وجعل قولها صوتًا لا معنى وراءه، وذلك كقولهم في حكاية الأصوات غسغس: اذا قال غس غس، وهجهج وأشباه ذلك”.

المصدر: الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011أمثال وحكم،محمد ايت ايشو،2009حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000


شارك المقالة: