أغيرة وجبناً

اقرأ في هذا المقال


ما من شعب في هذا العالم إلّا يمتلك من الموروثات الثقافيّة ما يميزه عن غيره، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “أغيرة وجبنًا”.

فيم يضرب مثل: “أغيرة وجبناً”؟

مثل: “أغيرةً وجبنًا؟” من الأمثال العربية التي تصف حياة العربي وأخلاقه، ما يكره منها وما يحب، والمثل يُقال في أولئك الذين يتصفون بالجُبن والخوف من مواجهة العدو والمعضلات، وكذلك يجمعون مع جبنهم خصلة أخرى سيئة، وقد راجت الأمثال من بعض الأحداث والمواقف التي قيلت فيها، ومثلنا: “أغيرة وجبنًا”، والذي ارتبط بقصة قديمة جعلت منه مثلًا شهيرًا لدى العرب، فما هي قصة هذا المثل؟

قصة مثل: “أغيرةً وجُبنًا؟”

أمّا قصة مثل: “أغيرة وجبنًا؟” فقد جاء أنّه قيل على لسان واحدة من نساء العرب، إذ إنّها قالت هذه المقولة كي تعاير زوجها، بسبب أنّه كان قد قعد عن مواجهة عدوه والتصدي له، وعكف في منزله، وكأنّه يخاف المواجهة مع العدو، ولمّا شاهد زوجته تنظر إلى القتال بين الناس، قام بضربها كي لا تستمر في النظر.

لما تلقّت المرأة الضربات متتالية من زوجها، بادرت بالقول: “أغيرةً وجُبنًا؟”، وقد قصدت بذلك: أتغار غيرة، وتجبن جبنًا؟ أي إنّك غيور غير إنّك جبان، حيث أنّها كانت تتساءل في دهشة كارهة لمّا تراه منه، وذلك لأنّه بدا سيئًا من جهتين في وقت واحد، فمن الناحية الأولى ضربه لها وغيرته الشديدة، أمّا من الناحية الأخرى أنّه إنسان جبان لا يقوى على مواجهة عدوه.

لقد أتى مثل: “أغيرةً وجبنًا؟” بصيغة النصب على المصدر، وفي وجه آخر للنصب هو إضمار الفعل: أتجمع، بمعنى: أتجمع غيرةً وجبنًا معًا؟، ومنذ أن أطلقت المرأة تلك المقولة صارت مثلًا مشهورًا يتداوله الناس في مواقف مشابهة، وهو يعبّر عن الشخص الذي يجمع شرين في وقت واحد، أو صفتين سيئتين.

المصدر: الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011أمثال وحكم،محمد ايت ايشو،2009حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000


شارك المقالة: