إني لست عند عمر كأبي عبيدة

اقرأ في هذا المقال


صاحب المقولة

الصحابي عيّاض بن غُنم بن زهير بن أبي شدّاد القُرشيّ الفِهريّ، وهو ابن عمّ ابي عبيدة عامر بن الجراح. وكان من أشراف قُريش، وهو معروف بالفتوح في بلاد الشام والعراق.

أسلمَ عيّاض بن غُنم_ رضي الله عنه_ قبل صُلح الحُديبيَة، وشاركَ في الغزوات والمعارك جميعها بعد صُلح الحُديبية، والذي كان في سنة 6هجرية. وكان من القادة الذين فتحوا العراق، وكان أيضاً من الأمراء الخمسة في معركة اليرموك، فكان على رأس كُردوسٍ من كَراديس اليرموك. وقد عُرِف عنه الزُّهد والتواضع والأمانة فيما بين يديه من أموال المسلمين.

فتح منطقتي” نَصيبين وإعزاز” في الشام، وتولّى ولاية نصف الشام.

توفي رضي الله عنه بالشام سنة 20هـ، وهو ابن 60 سنة. ومات ما لهُ مال، وما عليه دَينٌ لأحد.

قصة المقولة

لمّا ولِيَ” عَيّاض بن غُنم” في الشام، قَدِمَ عليه نَفرٌ من أهل بيتهِ يطلبونَ صِلتهُ من مالٍ وأُعطيات، فَلَقيهم بالبِشرِ وأنزلهم وأكرمهم، فأقاموا أياماً ثمَّ كلّموه في الصِّلة، وأخبرته بما لَقوا من المشقّة والعناء في السَّفرِ رَجاءَ صِلتهِ، وأعطى كُلَّ رجلٍ منهم عشرة دنانير، وكانوا خمسة رجال، فردّوها إليه وتسخّطوا ونالوا منه. فقال لهم: أي بني عمّ( أي يا أبناء عمي)، والله ما أُنكِرُ قرابتكم ولا حقّكم ولا بُعدَ شُقّتكم، ولكنَّ ما حصلتُ إلى ما وصَلتكم به، إلّا ببيعِ خادمي، ويبيع ما لا غِنى بي عنه؛ فأعذروني. قالوا: ما عذَركَ الله؛ فإنّك والي نصف الشام، وتُعطي الرجل منّا ما لا يستطيعُ أنْ يَبلُغَ به أهله. فقال: أفتأمروني أنْ أسرق مال الله؟ فالله لأنْ أُشقَّ بالمنشار أحبَّ إليّ مِنْ أنْ أخون فلساً واحداً أو أتعدّى على مال الله.

فقالوا له: قد عذرناكَ في ذاتِ يدكَ، فولِّنا أعمالاً نُؤدي ما يؤدّي الناس إليك، ونُصيبُ من المنفعةِ ما يُصيبون، وأنت تعرف حالنا، وإنّا لا نتعدّى ما جعلت لنا. فردَّ عليهم قائلاً: والله إنّي لأعرفكُم بالفضلِ والخير؛ ولكنْ يَبلُغ عُمر بن الخطاب، أنّي وَلّيتُ نفراً من قومي فيَلومني على ذلك. فقالوا: قد ولّاك أبو عبيدة بن الجراح، وأنت منه في القَرابةِ بحيث أنت، فأنفِذ ذلك لِعُمر؛ فلو ولّيتنَا لأنفَذهُ. فقال: إنّي لستُ عند عُمر كأبي عبيدة. فتركوه ومضوا لائمينَ له.


شارك المقالة: