الأخلاق والحقوق فوق الخِلاف

اقرأ في هذا المقال



الأخلاق والحقوق فوق الخِلاف :

قال تعالى:﴿وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾صدق الله العظيم [لقمان ١٥]، هذه الآية أصلٌ في علاقة الخلاف بالحقوق، وعلاقِة الخلاف بالأخلاق، لا يوجد خلاف أعظم ولا أكبر من الشرك بالله تعالى، هو ( الذنب الأعظم) والظلم الأكبر، ثم يجمع مع هذا الشرك دعوة إليه، وإلحاحاً ومجاهدةً عليه.

لقد بلغ بذلك الذروة من الخلاف، وكل خلاف يتطامن أمام هذا الخلاف، ومع ذلك لا يسقط حق الوالدين في الصحبة بالمعروف ! هذا هو دين الله تعالى الذي نفاخر به الناس! الذي لا يُسقط الحقوق من أجلِ الخلاف، ولا يترك الأخلاق من أجل الخلاف، بالغاً ما بلغ هذا الخلاف، والعبارة الشائعة كثيرة الاستعمال والتي صارت واحدة من أهم وأشهر العبارات “اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية”.

فإذا وجدت تديُّناً ينتهك الحقوق، ويتجاوز الأخلاق باسم الغيرة على دين الله، فانطق بلسانك وقلبك: سُبحانك هذا بُهتانٌ عظيم.

هل هناك أشدُ غيظاً وحنقاً من رجل تقبض عليه في أرض المعركة، قَطعَ الفيافي والقفار من أجل قتل الرجال، وسبي النساء؟! وشددت عليه الوثاق، وأصبحَ أسيراً في يدكَ، كان الإحسان إليه – مع شِركه – طريقاً للجنة، قال تعالى:  ﴿یُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَیَخَافُونَ یَوۡمࣰا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِیرࣰا (٧) وَیُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِینࣰا وَیَتِیمࣰا وَأَسِیرًا (٨) إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِیدُ مِنكُمۡ جَزَاۤءࣰ وَلَا شُكُورًا (٩)صدق الله العظيم [الإنسان ٧-٩] قال الطبري: ﴿وأسِيرًا﴾ : وهو الحربيّ من أهل دار الحرب يُؤخذ قهراً بالغلبة، أو من أهل القبلة يُؤخذ فيُحبس بحقّ، فأثنى الله على هؤلاء الأبرار بإطعامهم هؤلاء تقرّبا بذلك إلى الله وطلب رضاه، ورحمة منهم لهم، تصور رغم شركهم لقد أمرنا الله بالإحسان إليهم.

ومهما تذكرتَ أحبابك الذين قضوا نَحبهم في تلك المعركة، والأطفال الذين تيتموا، والنساء الذين ترمّلوا، وشركَه بالله تعالى العظيم، وحربَه للمسلمين، فإنّ ذلك كله لا يُبيح إسقاط الحقوق والأخلاق، قال تعالى: ﴿أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ یَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمࣰا لِّقَوۡمࣲ یُوقِنُونَ﴾ صدق الله العظيم[المائدة ٥٠]

المصدر: جامع البيان — ابن جرير الطبريتفسير القرآن العظيم — ابن كثيرفتح البيان — صديق حسن خانلعلهم يتدبرون - عبدالله القرشي


شارك المقالة: