الحق لا يتعارض

اقرأ في هذا المقال



الحق لا يتعارض :

قال تعالى : ﴿كُلࣰّا نُّمِدُّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ وَهَـٰۤؤُلَاۤءِ مِنۡ عَطَاۤءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَاۤءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا﴾ صدق الله العظيم .

إنّ التفكير الصحيح لا يقبل بعض الحق ويرد بعضه، ولا يضرب بعض الحق ببعض، فكما أنّه لا يجوز أن يُضرب الوحي المنزل بعضه ببعض، فإنّه لا يجوز أن يُضرب الوحي المُنزل بحقائق الكون وسننه ونواميسه، فالوحي من عند الله، والكون ونواميسه خلق الله، والحق لا يتعارض، مثال ذلك: ما نراه من تفوق الكفار في قوَّتهم واقتصادهم ونظامهم ورفاهيتهم، فربما فِهم بعض الناس أن كفرهم يمنعهم من ذلك، فإمّا كابر الواقع، أو شك في الوحي، ولم يعلم أنّ من سنن الله في خلقه العدل، فهو يؤتي في هذه الدنيا من أخذ بأسبابها، وسعى لها سعيها، والإيمان بالله وحده لا يكفي لأن يجعل أتباعه أكثر قوة، أو أغنى مالاً، أو أحسن نظاماً.

وإذا فهم الإنسان من الوحي ما يعارض سنن الكون ونواميسه الثابتة ؛ فالواجب عليه أن يرجع لكي يتأكد من فهمه للوحي، وفهمه لنواميس الكون، فلا بد من وجود خطأَ قد وقع في فهمه لأحدهما، وقد نص القرآن على أنّ الدنيا يؤتيها الله لمن طلبها بصدق قال تعالى: ﴿مَن كَانَ یُرِیدُ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا وَزِینَتَهَا نُوَفِّ إِلَیۡهِمۡ أَعۡمَـٰلَهُمۡ فِیهَا وَهُمۡ فِیهَا لَا یُبۡخَسُونَ﴾ صدق الله العظيم [هود ١٥] وقال تعالى: ﴿كُلࣰّا نُّمِدُّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ وَهَـٰۤؤُلَاۤءِ مِنۡ عَطَاۤءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَاۤءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا﴾ صدق الله العظيم -[الإسراء ٢٠].

وجاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ: إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإنّ الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلّا من أحب، فمن ضنّ بالمال أن ينفقه، وخاف العدو أن يجاهده، وهاب الليل أن يكابده، فليكثر من قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

إذن فعقل المسلم ونظامه في التفكير يجب أن يستوعب حقائق الوحي، ونواميس الكون، وأن يستفيد منها علماً وبصيرة، وأن لا يفترض التعارض بين أمرين مردُّهما لله وحده قال تعالى:  ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامࣲ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ یُغۡشِی ٱلَّیۡلَ ٱلنَّهَارَ یَطۡلُبُهُۥ حَثِیثࣰا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَ ٰ⁠تِۭ بِأَمۡرِهِۦۤۗ أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الأعراف ٥٤] صدق الله العظيم.

المصدر: لعلهم يتفكرون - عبدالله القرشيخطب منبرية - الشيخ البوطي تفسير ابن كثير - ابن كثير المصنف - ابن ابي شيبة


شارك المقالة: