بكم تبيع هذين البيتين؟

اقرأ في هذا المقال


صاحب المقولة

مروان بن أبي حفصة بن يزيد بن عبدالله الأمويّ، وُلدَ باليَمامة سنة 105هجرية. وهو شاعر عالي الطّبقة، من شعراء صدر الإسلام، ويُكنّى بأبي السِّمْط.

كان جَدّهُ أبو حَفصة مولىً لمروان بن الحكم، فأعتَقهُ يوم الدّار، وعاشَ في أسرةٍ عريقةٍ في قول الشِّعر، وأدركَ العصرين الأمويّ والعبّاسيّ؛ فمَدحَ الخلفاء والأمراء، وسائر شِعرهِ سائرٌ لِحُسنهِ وفُحولتهِ، وقد حكى عنهُ خَلف الأحمر والأصمعيّ.

ويمتازُ شِعرهُ بالعَراقةِ والجُودةِ ومتانةِ الألفاظِ وسدادِ الرأي، وقد دافعَ بشعرهِ عن العبّاسيين ودَعى إليهم، واحتجَّ على خُصومهم وعارضهُم. وقد دفعَ ثمن تعصّبهُ للعبّاسيين حياتهُ، إذْ اغتالهُ بعض المُتَطرّفين في بغداد. وقد كان بخيلاً مُقتراً على نفسهِ، بالرّغم من أنّهُ كان ميسورَ الحال من أُعطِيات الخلفاء والأمراء، فَعدَّ بسبب بُخلهِ من البُخلاءِ العرب، ولهُ حكايات في البُخل.

وقد توفّي عام 182هجرية، ودُفنَ في بغداد في مقبرة نَصر بن مالك.

قصَّة المقولة

يقول مروان بن أبي حفصة: خرجتُ أُريدُ” معن بن زائدة” أمدحهُ بقصيدةٍ لي، فَلَقيتُ أعرابيّاً في الطَّريق، فسألتهُ: أين تُريد؟ فقال: هذا المَلك الشَّيبانيّ( يعني معن بن زائدة). فقلتُ لهُ: فَما أَهدَيتَ إليه؟ قال: بيتين من الشِّعر. فقلتُ لهُ: فقط! فقال: إنّي جمعتُ فيهمَا ما يَسرّهُ. فقلت: أنشدهُمَا أمامي، فأنشَدَني قائلاً:

‏ مَعنُ بن زائدة الذي زِيدَت بهِ** شَرفاً على شرفٍ بنو شيبانِ

إنْ عَدَّ أيامَ الفِعالِ فإنّما** يوماهُ يومُ ندىً ويومُ طِعانِ

وكنتُ قد نَظمتُ قصيدتي بهذا الوزن. فقلت للأعرابيّ: تأتي رجلاً قَد كَثُر الشُّعراء ببابهِ بيتينِ اثنَين! قال: فما الرأي؟ قلت: تأخذ منّي ما أمَّلتَ بهذينِ البيتينِ، وتعودُ أدراجَك. فقال لي: فَكم تبذُل؟ قلت: خمسين دِرهماً. قال: لا والله؛ ولا بالضِّعف. فلمْ أزَل أرفُقُ بهِ حتى بذلتُ لهُ مئة وعشرينَ دِرهماً. فأخذها وانصرَف.

وأتيتُ معن بن زائدة، فأنشدّتهُ قصيدتي بعد أنْ جعلتُ البيتَين في وسط الشِّعر، فوالله ما هو إلّا أنْ بَلغتُ البَيتين، فسَمعهُمَا؛ فما تَمالك أنْ خرَّ عنْ فَرشهِ حتى لَصِقَ بالأرض. ثمَّ قال: أعِدْ البَيتَين؛ فأعدتُهُما. فنادَى: يا غُلام، ائتِني بِكيسٍ فيهِ ألف دينار، وصُبّها على رأسهِ، وأعطهِ دابّةً وبغلاً وعشرينَ ثوباً من خاصِّ كُسوتي.‏


شارك المقالة: