دروس من سورة المجادلة

اقرأ في هذا المقال


قال تعالى في محكم كتابه العزيز : ﴿قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِی تُجَـٰدِلُكَ فِی زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِیۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ یَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَاۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرٌ﴾ صدق الله العظيم.

مناسبة التسمية:

المجادلة – لأنّ الله عزَّ وجل افتتح السورة بذكر الواقعة التي حدثت بين خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها ، وزوجها عندما جاءت إلى النبي عليه الصلاة والسلام تشكتي من زوجها.

موافقة السورة لآخرها:

بدأت السورة الكريمة بذكر علم الله سبحانه وتعالى، قال تعالى : ﴿قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِی تُجَـٰدِلُكَ فِی زَوۡجِهَا وَتَشۡتَكِیۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ یَسۡمَعُ تَحَاوُرَكُمَاۤ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرٌ﴾ صدق الله العظيم.

وخُتمت بعلم الله الأزلي بقوله تعالى: (كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِیۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِیٌّ عَزِیزࣱ (٢١)) صدق الله العظيم. وذلك لكي يعلم العبد أنّ الله عز وجل مطلع على حركاته وسكناته، وأنّ الله عز وجل سيحاسب العبد على أفعاله يوم القيامة.

سبب النزول:

قال علماء التفسير:  نزلت الآية في خولة بنت ثعلبة، روي أنّ خولة ظاهر منها زوجها، فأتت النبي ﷺ فسألته عن ذلك. فقال النبي ﷺ: (قد حرمت عليه) فقالت: أشكو إلى الله حاجتي. [ثم عادت فقال رسول الله ﷺ: (حرمت عليه) فقالت: إلى الله أشكو حاجتي إليه، وعائشة تغسل شق رأسه الأيمن، ثم تحولت إلى الشق الآخر وقد نزل عليه الوحي، فذهبت أن تعيد، فقالت عائشة: اسكتي فإنّه قد نزل الوحي. فلما نزل القرآن قال رسول الله ﷺ لزوجها: (اعتق رقبة) قال: لا أجد. قال: (صم شهرين متتابعين) قال: إن لم آكل في اليوم ثلاث مرات خفت أن يعشو بصري. قال: (فأطعم ستين مسكينا). قال: فأعنّي. فأعانه بشيء.

المحور الرئيسي للسورة:

بيان فضل أن الله عز وجل مطَّلع على ما في قلوبنا، ويعرف ما في ضمائرنا، ويراقب أحوالنا، ويسمع شكوانا، ويعطينا حاجاتنا لذلك ذكر الآلوسي في تفسيرة قال: الله سمع قول المجادلة التي شكت إليه تعالى، ولهذا قالت عائشة فيما رواه النسائي وابن ماجه والبخاري تعليقاً حين نزلت: ««الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله تعالى : ﴿قد سمع﴾ صدق الله العظيم.

مواضيع السورة المباركة:

  • توضيح حكم الظهار قال تعالى: (ٱلَّذِینَ یُظَـٰهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَاۤىِٕهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَـٰتِهِمۡۖ إِنۡ أُمَّهَـٰتُهُمۡ إِلَّا ٱلَّـٰۤـِٔی وَلَدۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَیَقُولُونَ مُنكَرࣰا مِّنَ ٱلۡقَوۡلِ وَزُورࣰاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورࣱ) صدق الله العظيم.
  • أمر الله بالتناجي بالخير، والنهي الشديد عن التناجي بالشر، وأذية المؤمنين قال تعالى: ﴿ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه﴾ صدق الله العظيم قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: نزلت في اليهود والمنافقين كانوا يتناجون دون المؤمنين وينظرون إليهم ويتغامزون بأعينهم عليهم يوهمونهم عن أقاربهم أنّهم أصابهم شر فلا يزالون كذلك حتى تقدم أقاربهم فلما كثر ذلك منهم شكا المؤمنون إلى الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فنهاهم أن يتناجوا دون المؤمنين فعادوا لمثل فعلهم، قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس ، من أجل أنَّ ذلك يحزنه).
  • بيان فضل وفضيلة أهل العلم على غيرهم قال تعالى: (یَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَـٰتࣲۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ) صدق الله العظيم، قال عليه الصلاة والسلام: (يشفع يوم القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء).

فوائد ولطائف حول السورة المباركة:

  • سورة المجادلة هي السورة الوحيدة التي فيها لفظ الجلالة (الله) في كل آية.
  • قال تعالى (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا نَـٰجَیۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةࣰۚ ذَ ٰ⁠لِكَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ) صدق الله العظيم، قال علماء التفسير: الصحابي الوحيد الذي عمل في هذه الآية، هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم نُسخت الآية وتمّ رفع الحكم.
  • قوله تعالى: ﴿استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إنّ حزب الشيطان هم الخاسرون﴾ صدق الله العظيم، قال الزجاج: استحوذ في اللغة استولى، قوله تعالى ﴿فأنساهم﴾ صدق الله العظيم، أي فتسبب عن استحواذه عليهم أنّه أنساهم ﴿ذكر الله﴾ أي الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى بعد أن كان ذكره مركوزا في فطرهم الأولى، فصاروا لا يذكرونه أصلا بقلب ولا لسان.

المصدر: زاد المسير — ابن الجوزيجامع البيان — ابن جرير الطبريفتح البيان — صديق حسن خانروح المعاني — الآلوسيتفسير القرآن العظيم — ابن كثير


شارك المقالة: