ذكرتني الطعن وكنت ناسيًا

اقرأ في هذا المقال


في المصائب والملمات، نلجأ إلى حكمة الأجداد وما تمخضت عنه تجاربهم، والتي يزخر بها تراثهم العظيم من الحكم والأمثال والأقوال والأشعار، نحاول أن نتصبر بها، وأن نستلهم منها الوعي والقوة والعمل، وليس هناك أدنى شك أنّ للأمثال دورها الكبير في إظهار درجة فصاحة الشخص المتكلم أوالكاتب، وفي تمكينهما من أن يعبّرا ويبيّنا بعبارة موجزة عن الكثير الأفكار، فما يكاد يسمع أهل اللغة مثلًا أو يقرؤونه، حتى تتداعى المعاني في أذهانهم فتغني المتحدث والكاتب عن كثير من الكلمات والألفاظ.

فيم يضرب مثل “ذكرتني الطعن وكنت ناسيًا”؟

يُعدّ مثل “ذكرتني الطعن وكنت ناسيًا” من الأمثال المأثورة الحكيمة، والتي تتناول الشجاعة والإقدام في الشدائد والملمات، وهذا المثل “ذكرتني الطعن وكنت ناسيًا” يُضرب في تنبيه الغافل إلى ما لديه من وسائل المقاومة والدفاع عن نفسه وحماه، وفي الدعوة الى التنبه الى ما نملك من طاقات كامنة قادرة على مواجهة الأخطار.

ما قصة مثل “ذكرتني الطعن وكنت ناسيًا”؟

أما أصل قصة مثل “ذكرتني الطعن وكنت ناسيًا” فيرجع إلى رجل في زمن موغل في القدم، إذ كان يريد قتل رجل آخر، وفي الوقت الذي تحامل فيه هذا الرجل على قتل الآخر، كان الآخر ممسكًا بيديه رمحًا، غير أن الخوف والجزع اللذين ألمّا به أنسياه أمر الرمح الذي بيده، فقال اله لرجل: ارمِ الرمح، فرد الآخر: أي رمح، إن معي رمحًا لا أشعر به؟ وحينها قال: ذكرتني الطعن وكنت ناسيًا، ومن هنا أُخذ الكلام مثلًا، فقام الرجل بطعنه بعد أن تذكر أمر الرمح فقتل من اعتدى عليه، وأراد أن يقتله، ويقال إن الرجل الذي كان يريد قتل الآخر هو صخر بن معاوية السلمي، والرجل الآخر كان يزيد بن الصعق.

رواية أخرى لقصة مثل “ذكرتني الطعن وكنت ناسيًا”:

في رواية أخرى فهناك من يقول: إن أول من قال هذا المثل ليس يزيد بن الصعق، بل هو رُهيم بن حزن الهلالي، وكان ذلك حين قام بالانتقال هو وأهله وماله من بلده إلى بلد آخر، فقام قوم من قبيلة بني تغلب باعتراضه، وعرفوه غير أنه لم يعرفهم، فقالوا له خلِّ ما معك وانجُ، فقال لهم: دونكم المال ولا تعرضوا للحرم، ولكن البعض منهم قال: إن أردت أن تفعل ذلك فألقِ رمحك، فقال: وإن معي لرمحًا؟، فشدّ عليهم، وأخذ يقتل فيهم واحدًا تلو الآخر، وهو ينشد ويقول: ردوا على أقربها الأقاصي إن لها بالمشرقي حاديًا ذكرتني الطعن وكنت ناسيًا، فراحت مقولته مثلًا يتداوله الناس إلى عصرنا هذا.


شارك المقالة: