في الاتحاد قوة

اقرأ في هذا المقال


إن في اجتماع الشمائل قوة لا يعادلها قوة، فكل واحدة منها تشد بعضها البعض، فليس يستطيع أحد أن يضعفهم، وقد كان نبينا محمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم يدرك هذا الأمر بشكل جيد، فقام بتوحيد صفوف المسلمين على كلمة واحدة، فلم يقدر عليهم أحد.
كلما فكر المحتل في أن يغزو بلدًا ما اختار التوقيت المناسب في الاختلاف والتمزق بين العرب، فالوحدة بالتأكيد كانت هي حصنهم المنيع القوي، والذي تحطمت عليه شوكة الأعداء، واندحرت جيوشهم الغاشمة، وفي الوحدة والاتحاد ضربت الأمثال التي تناقلها الناس في حياتهم، وكانت إرثًا يعتزون به ويتداولونه عبر صفحات تاريخهم، وقد عملوا بها وتمثلوا، ومن بين الأمثال الكثيرة التي تحث على الاتحاد، وتبين فوائده هذا المثل ” في الاتحاد قوة “.

قصة مثل في الاتحاد قوة:

يُروى أن أكثم بن الصيفي التميمي، وهو حكيم العرب المعروف، قد قام بدعوة أبنائه، وذلك لما أحسّ بأجله يدنو، وموته يقترب، ثم إنه أمر أن يأتوه بحزمة من العصي، وقد قدمها منهم، وطلب إلى كل واحد منهم أن يكسرها إلى قطع صغيرة متفرقة، فما استطاع أيّ واحد منهم مهما بلغ من القوة أن يكسر حزمة العصيّ وهى مجتمعة، فقام الأب بأخذ حزمة العصي، وفرقها من بعضها ثم قام بوضعها أمام أبنائه، وقدمها إليهم ليقوموا بكسرها مرة أخرى وهي متفرقة، وبالفعل استسهلوا كسرها، وتمكن كل واحد منهم أن يكسرها دون أي جهد.

بعد ذلك قال أكثم بن الصيفي لأولاده: أي بنيّ، “إن في الاتحاد قوة”، وإن اجتماعكم مع بعضكم البعض يُعجز كل من عاداكم عن كسركم كما عجزتم أنتم عن كسر هذه السهام مجتمعة، فالانقسام ضعف، والاختلاف هلاك، وإن المرء كالسهم إذا ما اتّحد مع غيره قوي واشتدّ، ولعل قومًا ضعافًا قد اتّحدوا أفضل من أقوياء تفرقوا، فالواحد منكم ضعيف بمفرده، قويّ بأخيه، وكانت كلمات أكثم بن الصيفي تلك، من أجمل وأفضل الكلام الذي قيل عن الاتحاد، والذي راح مثلًا يتداوله الناس وبه يتمثلون، وبعد أن أتم الرجل الحكيم كلامه أنشد قائلًا:

كونوا جميعًا بنيّ إذا اعتــرى خطب ولا تتفرقوا آحادًا
تأبى العصيّ إذا اجتمعن تكسرًّا وإذا افترقن تكسرت آحادًا.

المصدر: الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000خزاتة الخيال في الآداب والحكم والمواعظ والمناظرات والتراجم والأمثال،كاتب غير محدد،2014،الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010


شارك المقالة: