قَد كان ذلك مَرة.. فاليومَ لا

اقرأ في هذا المقال


صاحبة المقولة

فاطمة بنت مُرّ الخَثعَميَّة؛ شاعرة وكاهنة جاهليَّة، من أهل مكة. قرأت الكُتب والأخبار؛ واشتُهِرتْ بالكَهَانة. وكانت مُعَاصرة” لعبدالله بن عبدالمُطلّب” والد النَّبيّ_ صلى الله عليه وسلم_.
وكان من شِعرِها قولها: 
وما كُلّ ما نالَ الفَتى مِن نَصِيبهِ… بِحَزمٍ، ولا ما فَاتَهُ بِتَوانِ. 

قصة المقولة

مَرَّ عَبدالله بنُ عَبدِ المُطَّلِب بِامرَأَةٍ مِنْ خَثْعَم، يُقالُ لَهَا: فَاطِمَة بِنتُ مُرٍّ الخَثعَميّة؛ وَكَانَت مِن أَجمَلِ النَّاسِ وأَشَبِّهِ وأَعَفِّهِ، وَكَانَت قَد قرَأَت الْكُتُب، وَكَانَ شبَاب قُرَيش يتَحدَّثُونَ إِليها؛ فَرأَت نُورَ النُّبُوَّة فِي وَجْهِ عَبْدِالله، فَقالَت: يَا فَتَى مَنْ أَنْت؟ فَأَخبرَهَا، ثمَّ قَالَتْ له: هل لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ وَأُعطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، فَنظرَ إِليهَا وَقَالَ: 
أَمَّا الْحَرامُ فَالمَماتُ دُونَهُ 

وَالحِلُّ لَا حِلَّ فَأَسْتَبِينَهُ 

فَكَيفَ بِالْأَمرِ الَّذِي تَنْوِينَهُ؟ 

ثُمَّ مَضَى إِلى امرَأَتِهِ” آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ” فَكانَ مَعهَا، ثُمَّ بعد ذَلكَ ذَكرَ الْخَثْعمِيَّة وَجمَالهَا وَمَا عَرَضَتْ عَليهِ، فَأَقبلَ إِليهَا فَلمْ يَرَ مِنهَا مِنَ الْإِقبالِ عَليهِ، كَمَا رَآهُ مِنها أَوَّلاً، فَقَالَ: هَل لَكِ فِيمَا قُلْتِ لِي؟ فقَالتْ: قَدْ كَانَ ذَاكَ مَرَّةً، فَاليَومَ لَا، وَقالتْ لعبدالله: أَيَّ شَيءٍ صَنَعتَ بَعدِي؟ قَالَ لها: وَقعْتُ علَى زَوجَتِي” آمِنَةَ بِنت وَهب” قَالَت: إِنِّي وَالله لَستُ بِصَاحبةِ رِيبَةٍ، وَلكنِّي رَأَيتُ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجهِكَ فَأَرَدتُ أَنْ يَكونَ فِيَّ وَأَبَى الله إِلَّا أَنْ يَجعَلَهُ حَيثُ جعَلهُ.

وَبلغَ شَبابَ قُرَيش مَا عَرَضتْ عَلَى” عَبدِالله بنِ عَبْدِالمُطَّلِب” وَتَأَبِّيهِ عَلَيهَا، فَذكَرُوا ذَلِكَ لَهَا، فَأَنشَأَت تَقُولُ: 
إِنِّي رَأَيْتُ مَخْيِلَةً عَرَضَتْ 
فَتَلَأْلَأَتْ بِحَنَاتِمِ الْقَطْرِ. 

فَلِمَائِهَا نُورٌ يُضِيءُ لَهُ 
مَا حَوْلَهُ كَإِضَاءَةِ الْفَجْرِ. 

وَرَأَيْتُهُ شَرَفًا أَبُوءُ بِهِ 
مَا كُلُّ قَادِحِ زَنْدِهِ يُورِي. 

لِلَّهِ مَا زُهْرِيَّةٌ سَلَبَتْ 
ثَوْبَيْكَ مَا اسْتَلَبَتْ وَمَا تَدْرِي. 

وَقَالَتْ أَيْضًا: 
بَنِي هَاشِمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ أَخِيكُمُ 
أُمَيْنَةُ إِذْ لِلْبَاهِ يَعْتَلِجَانِ.

كَمَا غَادَرَ الْمِصْبَاحَ بَعْدَ خُبُوِّهِ 
فَتَائِلُ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَانِ.

وَمَا كُلُّ مَا يَحْوِي الْفَتَى مِنْ تِلَادِهِ 
بِحَزْمٍ وَلَا مَا فَاتَهُ لِتَوَانِ. 

فَأَجْمِلْ إِذَا طَالَبْتَ أَمْرًا فَإِنَّهُ 
سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَصْطَرِعَانِ. 

سَيَكْفِيكَهُ إِمَّا يَدٌ مُقْفَعِلَّةٌ 
وَإِمَّا يَدٌ مَبْسُوطَةٌ بِبَنَانِ. 

وَلَمَّا قَضَتْ مِنْهُ أُمَيْنَةُ مَا قَضَتْ 
نَبَا بَصَرِي عَنْهُ وَكَلَّ لِسَانِي.

المصدر: دلائل النبوَّة لأبي نعيم الأصبهاني


شارك المقالة: