لما اشتدّ ساعده رماني

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر مثل “لما اشتدّ ساعده رماني” من أكثر الأمثال العربية التي يتداولها الناس، فهو من ناحية المعنى والمضمون ينطبق على كثير من مواقف النكران والجحود لمن قام بواجب التعليم والتربية، فهو مثل عربي مشهور يُضرب حين يتنكر أحدهم لمن أحسن إليه، فقد يتنكر الشاب، عندما يصبح رجلًا فتيًّا لأمه، وقد تتنكر الفتاة التي ربُيت وعُلمت حتى زُوجت لأهلها.

قصة مثل “لما اشتدّ ساعده رماني”:

كثيرًا ما نتابع في حياتنا اليومية الكثير من قصص جحود ونكران الأبناء لوالديهم، فدور المسنين والشوارع مليئة بمئات الأهالي الذين تُركوا من قبل أبنائهم، ذلك أنهم اعتبروهم عبئا ثقيلًا عليهم، وهذا ما يرفضه الإسلام والإنسانية شكلًا ومضمونًا.

أما قصة المثل فيُروى أن رجلًا من العرب قد قام بتربية ابن أخت له، إلى أن كبر وصار فتيًا قويًا، فلما أحس الولد من نفسه القوة والقدرة، تنكر لمربيه وأخذ يرد جميله نكرانًا وكفرًا، فقال الرجل في ذلك بعض الأبيات الشعرية، والتي راحت بعض أشطرها أمثالًا يتداولها الناس:

فَيَا عَجَبًا لمن رَبَّيْتُ طِفْلاً * ألقَّمُهُ بأطْراَفِ الْبَنَانِ
أعلِّمهُ الرِّماَيَةَ كُلَّ يوَمٍ * فَلَمَّا اشْتَدَّ ساَعِدُهُ رَمَاني
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ الْقَوَافي * فَلَمَّا قَال قَافِيَةً هَجَاني
أعلِّمهُ الْفُتُوَّةَ كُلَّ وَقْتٍ * فَلَمَّا طَرَّ شارِبُهُ جَفَاني.

هكذا يفعلون من لا يؤتي المعروف أُكله فيهم، فما يكون منهم إلا الإساءة إلى من أحسن إليهم، وهم لا يقدّرون المعروف، وفي الأبيات أعلاه يسم العربي ابن أخته بنكران الجميل حين قال: لما اشتد ساعده رماني، أي أنه لما أصبح قويًا استقوى علي أنا، ونسي أني مربيه الذي علمته فن الرماية، ولكنه حينما رمى رماني، وأنا الذي علمته نظم الشعر، ولكنه حين قال الشعر هجاني، أي سبني.

العبرة من مثل “لما اشتد ساعده رماني”:

المعروف لا يكون لكل الناس على حدّ سواء، إذ يوجد بعض الأشخاص مهما قُدّم لهم من معروف فلن يشكروا المُنعم والمحسن إليهم، وهم سيقومون بنكران الجميل دائمًا، وينسون وقفة الناس إلى جوارهم، لذلك وجب على المرء أن يختار الناس الذين يقدم لهم المعروف، كي لا يُصاب بخيبة الأمل فيمن حوله، وهذا لا يتنافى مع قول الرسول صلّى الله عليه وسلم: “عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به”، ولكن إذا تعامل الشخص معهم بالحسنى، وتنكروا له، فالواجب عليه أن ينصرف عنهم، فالله يحب المؤمن القوي ولا يحب المؤمن الضعيف.

المصدر: حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011أمثال وحكم،محمد ايت ايشو،2009


شارك المقالة: