ولقد نصركم الله ببدر

اقرأ في هذا المقال


تفسيرالآية

﴿وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرࣲ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةࣱۖ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [آل عمران ١٢٣]

هذه الآية فيها إشارة من الله تعالى- في ثنايا الحديث عن غزوة أُحد – إلى منَّته على الصحابة- رضوان الله عليهم- حين نصرهم يوم بدر، الذي سماه الله تعالى يوم الفرقان، الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل، فاستبان أهل الإيمان حقاً، وصارت بدرٌ وصفاً عاصماً من النفاق، وتاجاً على رؤوس أهله، بتزكية الله لهم ( افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم).

من السور التي تكلمت عن معركة بدر ، سورة الأنفال التي سماها ابن عباس- رضي الله عنهما- سورة بدر، ولنقف على إشارات تذكر ببعض الدلالات:

أولاً: ابتدأت السورة بـ (یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَنفَالِۖ) ثم تأخر الجواب بعد أربعين آية في قوله سبحانه وتعالى ﴿۞ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَیۡءࣲ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِ ﴾ [الأنفال ٤١] وهنا يبرز السؤال: لماذا تأخر الجواب؟

فالجواب: لتذكير الأمّة بالأصول العظمى التي يجب أن تتعلق بها، وهي التقوى، وإصلاح ذات البين، وإقامة الصلاة، والخوف من الله والتوكل عليه، وفي هذا التأخير للجواب إشارة إلى التحذيرمن التلعق بالمال وأثره في إفساد ذات البين، إذا غلب على مصالح الشخص ونياته، أو كان هذا هو الدافع للجهاد في سبيل الله.

ثانياً: كم من الأحداث التي تكون في ظاهرها مؤلمة، وفي طياتها الخير للأمة: ﴿وَإِذۡ یَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحۡدَى ٱلطَّاۤىِٕفَتَیۡنِ أَنَّهَا لَكُمۡ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَیۡرَ ذَاتِ ٱلشَّوۡكَةِ تَكُونُ لَكُمۡ وَیُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُحِقَّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِۦ وَیَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾ [الأنفال ٧] فقد كان الصحابة يتمنون السلامة من الحرب، ويريدون الظفر بالعير التي جاءت من الشام، فكان ما وقع – رغم ألمه – خيرٌ وأحسن تأويلا.

ثالثاً: إذا صدق المؤمنون في فعل ما أمرهم الله به- ولو كانت عدتهم وعتادهم قليلاً- أعانهم بجُند من عنده، وهو ما وقع في بدر: ﴿إِذۡ یُوحِی رَبُّكَ إِلَى ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ أَنِّی مَعَكُمۡ فَثَبِّتُوا۟ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۚ ﴾ [الأنفال ١٢] وقال سبحانه: (وَمَا رَمَیۡتَ إِذۡ رَمَیۡتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ) [الأنفال ١٧].

رابعاً: تنبيه الصحابة وكل من يأتي بعدهم إلى أهمية الاستجابة لأمر الله تعالى ورسوله، وخطورة التأخير عن الاستجابة: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱسۡتَجِیبُوا۟ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا یُحۡیِیكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ یَحُولُ بَیۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥۤ إِلَیۡهِ تُحۡشَرُونَ﴾ [الأنفال ٢٤].

هذه بعض الدلالات الإيمانية التي تضمنتها قصد بدر في ضوء سورة الأنفال وآية من آل عمران، نسأل الله التوفيق.


المصدر: تفسير القرطبي - القرطبي تفسير ابن عجيبة - ابن عجيبة تفسر الرازي- الرازي


شارك المقالة: