آليات التغير الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


هناك العديد من وجهات النظر التي تحاول فهم وتفسير آلية التغير الاجتماعي، وهناك عدد من الرؤى الأيديولوجية التي تؤكد مبادئ التغير أو أحادية الرؤية التي تنظر إلى التغير من وجهة نظر غير كافية من أجل فهم التغير ومن أجل فهم آلية التغير الاجتماعي.

آليات التغير الاجتماعي:

حيث أن كل النظريات التي نظرت إلى التغير الاجتماعي نظرت نظرة سطحية أحادية من خلال الانتقال من المجتمع البسيط إلى المجتمع المعقد، حيث تعد هذه النظريات مقتصرة على الإمساك بخيط واحد من المشكلة.

ومن هذه النظريات نظرية هربرت سبنسر الذي حاول فهم التغير على أنه نوع من التطور من تركيبة المجتمع البسيط في الوظائف والمهام إلى مجتمع معقد التركيب وذلك انطلاقا من رؤية المجتمع هو كائن عضوي ينمو ويتطور ويتميز في بناء الوظيفة.

كما أن العالم (تونيس) يرى أن التغير الاجتماعي هو الانتقال من شكل المجتمع البسيط إلى شكل المجتمع المعقد أو المركب، ويرى (ريدفيلد) أن التغير الاجتماعي هو التطور من المجتمع البدائي أو التقليدي إلى المجتمع الحضري وفي نفس الوقت يرى إميل دوركايم أن التغير الاجتماعي هو الانتقال من شكل المجتمع المتضامن آلياً إلى مجتمع متضامن عضوياً.

كما أن هذا النوع من الأنماط النظرية كان مقتصر على فهم التغير الاجتماعي وآلياته، فإن النمط الذي يفسر التغير الاجتماعي على أنه ناتج عن الصراع مهما كان نوع الصراع وأن فهم آلية التغير الاجتماعي بقيت في إطار محصور.

الصراع ودوره في حدوث التغير الاجتماعي:

إن الإنسان يعرف أن الحروب هي أساس النزاع والصراع وكل شيء يظهر إلى الوجود من خلال النزاع وبالتالي ينجم عنه التغير الاجتماعي وهو ناتج عن الحرب أو الصراع بين الأفراد، ولن يستطيع الناس معرف الحقيقة لولا وجود الأضداد.

العالم (توماس هوبز) الذي يرى أن الإنسان هو ذئب لأخيه الإنسان، ويرى أن المجتمع في حالة من الصراع الدائم لينتج عن هذا الصراع التغير الاجتماعي، ثم جاء العالم (لويس كوسير) الذي يرى أن الصراع هو أساس التغير الاجتماعي.

كما يرى (داروين) في نظريته تطور الأنواع والصراع بين أفراد المجتمع من أجل البقاء، و(كارل ماركس) الذي يرى أن أساس التاريخ وصيرورته هو الصراع بين الطبقات الاجتماعية وينتج عن هذا الصراع التغير الاجتماعي.

كما أن تفسير التغير بالصراع لا يعتبر إلا نظرة أحادية، وهذا الاتجاه غير كافي من أجل تفسير الجانب الذي نظرت إليه من خلال التغير الاجتماعي، وبارسونز يرى عكس أصحاب نظرية الصراع ويرى أن التوازن أو الاستقرار هو أصل التغير الاجتماعي، وبالتالي فإن استمرار الأنماط الاجتماعية وأشكال الاجتماعية والعمل على المحافظة عليها لا يتطلب التفسير ولكن التغير هو ما يحتاج إلى الشرح.

إن آلية التغير الاجتماعي هي الآلية الجدلية التي تحدث بشكل تلقائي والتي تربط بين معطيات متعددة وشروط وظروف وعناصر مختلفة، والتي هي أساس تشكيل مقومات البنية الاجتماعية وعناصر تشكيل وتحديد الجوهر وبشكل خاص الشكلية أو العرضية.

وهناك نوع من العلاقات والروابط بين جميع المكونات التي تتفاعل فيما بينها ويكون التفاعل بشكل دائم تنتج عن الاستقرار الاجتماعي فإذا حدث أي نوع من التقصير أو خلل في أي عنصر من العناصر أو مكون من المكونات حيث تغيرت مدخلات التفاعل بين مكونات التفاعل من أجل تحقيق الاستقرار الاجتماعي.

يؤكِّد ماكس ڤيبر أن التَّغير الاجتماعي يعتمد بشكل عام على مجموعة الأفكار أكثر مما يكون الاعتماد على العناصر  المادية الملموسة، بالعمليات الَّتي تدخل في التنظيم الاجتماعي للمجتمع، وتحدد تركيبته الاجتماعية تستند إِلَى المعلومات الثقافية اللامادية ولـم يعـد سوركين عن هذا المعنى عندما أكَّد دور الأنساق الثَّقافية في عملية التَّغير الاجتماعي وهذا الكلام حقٌّ ولكن فَقَطْ إذا حملناه على أَنَّه يعني بذلك الآلية الَّتي يتم بهـا التَّغيـر الاجتماعي، فالأفكار بمعناها الواسع هي الَّتي تمثل جوهر آلية التَّغير والتغيير ولكِنَّها لا تستغني عن العامل المادي بوصفه عاملاً مساعداً لتحقق التَّغير وتحقيق التَّغيير.

إن هذه الآلية والمعايرة الَّتي يتم بها ضبط التَّفاعل محكومة بمجموعة من العوامل الضبط الاجتماعي فلكلِّ مجتمعٍ عوامله الضابطة الَّتي يختص بها دون غيره من المجتمعات، ولكن هناك بالتَّأكيد خيوطٌ مشتركة بين المجتمعات من حيث عوامل الضبط هذه. يرى ماكس ڤيبر أن النُّظم الدينية هي الَّتي تتحكَّم بدرجة مطلقة في الحياة الاقتصادية ومـا أي إن الدين هو القاسم المشترك بين المجتمعات.

المصدر: مدخل الى علم الاجتماع،محمد عبدالهادي،2002مقدمة في دراسة علم الاجتماع،ابراهيم عثمان،2010التغير الاجتماعي والثقافي،دلال ملحس،2012التغير الاجتماعي ودوره في تغير القيم الاجتماعية،لطيفة طبال،2010


شارك المقالة: