أحداث الجبهة البيزنطية في عهد عبد الملك بن مروان

اقرأ في هذا المقال


الجبهة البيزنطية في عهد عبد الملك بن مروان:

فقد المسلمون جزءاً كبيراً من قوتهم؛ وذلك نظراً للظروف الداخلية التي أثرَّت بشكل كبير على الدولة الأموية، فقام جستنيان الثاني إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية بانتهاز الفرصة وقام بنقض العهد الذي كان بين البيزنطيين والمسلمين، وفي عام 70هـ أخذ جيشه وسار بهم لاجتياح بلاد الشام.
وفي نفس الوقت كان قد حصل على الطرف الشرقي للإمبراطورية البيزنطية حادث مهم جداً في التطور بعلاقات المسلمين والبيزنطيين، فالصوائف والشواتي التي كان يقوم بها المسلمون ضد الدولة البيزنطية، وكان وجود المردة في جبال أمانوس وقد قاموا بتأليف جيش استعمله البيزنطيون طوق حماية لتلك المنطقة.
وكان المردة بسبب الموقع الاستراتيجي الذي اتخذوه والوضع السياسي يقومون بحماية قوية للدولة البيزنطية من أي ضربة ممكنة الحدوث من قِبَل المسلمين، وكانوا أيضاً يقومون بالدفاع عن المعاقل الجبلية المنيعة ضد أي هجوم خارجي، وكان توغلهم الداخلي عميق جداً وقد وصلوا إلى جبال لُبنان، وكانوا يضايقون المسلمين بالغارات التي كانوا يقوموا بها باستمرار في المناطق المجاورة خصوصاً الساحلية منها، وكان ذلك كله تحريضاً من البيزنطيين.
واضطر الخليفة عبد الملك بن مروان لشراء سكوت المردة؛ حتى يتفادى أي حرب في هذه المنطقة، وحتى يكون متفرغاً للمشاكل الداخلية في العالم الإسلامي، وفي سنة 70هـ قام بعقد معاهدة جديدة مع الإمبراطور البيزنطي جستنيان الثاني.

بنود المعاهدة التي جرت بين عبد الملك بن مروان والإمبراطور جنستيان الثاني:

  • أن يقوم عبد الملك بن مروان بدفع ثلاثمائة وخمسة وستين ألف قطعة ذهبية سنوياً للإمبراطور جنستيان الثاني، بالإضافة لثلاثمائة وخمسة وستين عبداً، وثلاثمائة وستين جواداً أصيلاً، وذلك يكون مقابل أن تتوقف الغارات البيزنطية على أراضي الدولة الإسلامية.
  • أن تقتسم الدولتان الدولة الإسلامية والدولة البيزنطية بدفع الخراج الذي يخص أرمينيا وقبرص وإيبيريا.
  • أن تقوم الدولة البيزنطية بسحب المردة من مناطق شمالي الشام حتى ما وراء طرطوس في داخل آسيا الصغرى.
  • أن تستمر المعاهدة بين المسلمين والبيزنطيين لمدة عشر سنوات.

وأدى انسحاب المردة من مناطق جبال لبنان وشمالي الشام لتدمير السور النحاسي الذي يقوم بحماية آسيا الصغرى من أي غارة قد توجهها القوى الإسلامية؛ ممّا سمح لهم بتجديد غاراتهم وتوطيد المركز في الأقاليم التي قاموا بفتحها، وبدأت غزوات الشواتي والصوائف بالعودة، وكان فتح قيسارية في سنة 71هـ نتيجة لها.
وفي عام 73هـ بعد أن أنهى الخليفة عبد الملك بن مروان مشاكلة الداخلية كشف عن نواياه اتجاه الإمبراطورية البيزنطية، وعندما بدأ عبد الملك بصك الدنانير الإسلامية وإرسالها كجزية بدلاً من العملة البيزنطية، وظهر ذلك بأنه تحدٍ للإمبراطور، ودليلاً على رغبة الخليفة باستكمال عملية الفتوحات على الجبهة البيزنطية.
وبالفعل قام المسلمون بمهاجمة آسيا الصغرى في عام 73هـ، وحقق المسلمون انتصاراً في أرمينيا ورد على هجومهم البيزنطيون وقاموا لالغزو على مرعش في عام 76هـ، ويكون هذا أكبر دليل على مدى الضعف الذي كانت تعانيه الإمبراطورية البيزنطية.
وتم عزل جنستيان الثاني في عام 76هـ؛ وذلك بسبب أنه حكمه على الإمبراطورية كان ضعيفاً، ولم تكن الأوضاع البيزنطية أفضل في عهد الإمبراطور ليونتيوس، واستمرت الغارات الإسلامية على مناطق آسيا والمناطق الحدودية في عهده، فقام الوليد بن عبد الملك بالغزو على ملطية في عام 77هـ، بالإضافة لقيام عبيد الله بن عبد الملك بالغزو على قاليقلا عند منابع نهر الفرات.
وتراجع تقدم المسلمين في الأراضي البيزنطية من عام 81هـ، وكان ذلك من حُسن حظ الإمبراطورية البيزطية، وكان هذا التراجع سببه عاملين مهمين وهما: كان مرض الطاعون قد اجتاح بلاد الشام في عام 78ه: وكان هذا الانتشار للمرض مخيفاً، أما السبب الثاني هو قيام الثورة التي قام بها عبد الرحمن بن الأشعث في عام 81هـ واستمرت لمدة أربعة أعوام.
أما الإمبراطور البيزنطي طيباريوس الثالث قد استغل الأوضاع التي كانت داخل الدولة الأموية وعمل على تكثيف نشاطه العسكري، وكان قد انتصر على الجيش الإسلامي في عند سمياط وأيضاً في منطقة قيليقيا في عام 84هـ، ولكن عبد الملك بن مروان أنهى مشاكله مع عبد الرحمن بن الأشعث، وبعدها قام بمهاجمة قيليقيا والتقى بالقوات البيزنطية عند مدينة سيواس.
وكانت الجيوش البيزنطية بقيادة الإمبراطور البيزنطي طيباريوس الثالث، فكان الفوز حليفاً لجيش عبد الملك في هذه المواجهة، وبذلك عادت سيطرة المسلمين مجدداً على أرمينيا، وقام أيضاً بفتح المصيصة، وبفعل مقدرة الخليفة عبد الملك بن مروان استعادت الدولة الأموية تفوقها على البيزنطيين.

المصدر: كتاب تاريخ الدولة الأموية، محمد سهيل طقوشكتاب عبد الملك ين مروان والدولة الأموية، محمد ضياء الدين الريسكتاب الدولة الأموية عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار، محمد علي صلابيكتاب أطلس تاريخ الدولة الأموية، سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث


شارك المقالة: