أحداث حركة سليمان بن صرد الخزاعي ضد الحكم الأموي

اقرأ في هذا المقال


حركة سليمان بن صرد الخزاعي ضد الحكم الأموي:

عندما قام أهل الكوفة بترك الحسين بن علي بن أبي طالب في معركة كربلاء لوحده أحسّوا بتأنيب الضمير، وكانوا مؤمنين بضرورة التكفير عن ذنوبهم فقرروا أن يضحوا بأنفسهم، فأطلقوا على أنفسهم اسم التوابين وبدأوا بتنظيم أنفسهم، فكانوا من كبار السن وليس فيهم أحد دون سن الستين، وكانت أولى تجمعاتهم عددها مائة رجل، وأعطوا زمام الأمور إلى سليمان بن صرد.
وكان سليمان بن صرد له صحبة مع رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، وكان من بين الأشخاص الذين قاموا بالكتابة إلى الحسين بن علي بنأبي طالب ليأتي إلى الكوفة حتى يبايعوه، وكان معه أربع رجال آخرين من زعماء الأزد وفزارة وبكر وبجيلة، وكان أصحاب هذه الحركة يقومون بعقد اجتماع في يوم السبت من كل أسبوع في منزل سليمان.
بقيت حركة سليمان بن صرد ومن معه سرية حتى وفاة الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وقامت ثورتهم بالإنطلاق على عبيد الله بن زياد، وكان حينها مقيماً في البصرة فقاموا بطرد نائبه عمرو بن حريث المخزومي، وكان زعماء الحركة من الأشراف، كما كانوا من فئات إسلامية متعددة وقائدهم يزيد بن رديم الشيباني، الذي اكتسب مركزاً هاماً.
كما قام عبد الله بن الزبير باستغلال هذه الحركة فوطد مركزه في العراق، وقام أشراف الكوفة بمبايعته ولكن لم تكن قلوبهم معه، وفي عام 64هـ قام ابن الزبير بتعيين عبد الله بن يزيد الأنصاري أميراً على الكوفة ومن بعده الخطمي على الحروب والثغر، أما ابراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله الأعرج على خراج الكوفة.
أما بالنسبة إلى التوابين فقد ساعدتهم حركة عبد الله بن البير؛ حيث أصبحوا أكثر قوة وجرأة وأوسع انتشار، كانت عواطف أهل الكوفة مع التوابين وفي مقدمة دعاة التوابين كان عبيد الله بن عبد الله المري، وكان يتميز في بلاغته ومنطقه وعظته، كما كان ذا أسلوب قوي ومؤثر على كل من يسمعه، وبفضل أسلوبه المقنع زاد عدد التوابين إلى 1600 رجل.
وكان الرجال الذين انضموا إلى التوابين قد أقسموا على الولاء حتى إن لم يكونوا في الحملة، وقام سليمان بن صرد بالإتصال مع أنصار التوابين في البصرة والمدائن؛ حتى يقوموا بجمع المال والسلاح، وكان شعار التوابين: الثأر للحسين، ولم يكن هدفهم أو أسلوبهم ثابتاً، ولكن كان ما أرادوه أن يطردوا الأشراف من الكوفة؛ لأنهم ساعدوا الخلافة الأموية على قتل الحسين.
ولكن كان رأي سليمان بن صرد مختلفاً إذ خاطبهم قائلاً: رويداً لا تعجلوا إني نظرت فيما تذكرون فرأيت أن قتلة الحسين هم أشراف أهل الكوفة؟ وفرسان العرب هم المطالبون بدمه ومتى علموا ما تريدون وعلموا أنهم المطالبون كانوا أشد عليكم.

بداية ثورة سليمان بن صرد ضد الخلافة الأموية:

قام سليمان بن صرد بالدعوة إلى الثورة ضد الخلافة الأموية وعاملها عبيد الله بن زياد في العراق الذي قام بالهروب إلى الشام في عام 64هـ، وقام بتكوين جيش كبير من أهل الشام؛ حتى يقوم بإخضاع أهل العراق لحكم بني أمية، وقد عبر والي الكوفة عبيد الله بن زياد من قبل عبد الله بن الزبير عن هذا الرأي أيضاً، كما ألح أشراف الكوفة عليه ليهاجم التوابين؛ لأن لديهم النية للخروج عن السلطة ليقوموا بالانتقام من أشراف الدولة.
وبهذا أصبح للتوابين القدرة ليعلنوا الثورة على عبيد الله بن زياد، فقاموا بإعلان الثورة في عام 65هـ في معسكر النخيلة، وقاموا بدعوة أنصارهم في المدائن والبصرة حتى يشاركوهم، ولكن لم يتم الإتفاق مع رؤوساء قبائل الكوفة ولا مع والي ابن الزبير الكوفة بأن يكونوا جبهةً واحدةً للقتال ضد أهل الشام.
وحضر من أنصار التوابين الذين بلغ عددهم 1600 فقط 400 رجل، وكانوا من مختلف قبائل العرب ولا يوجد بينهم أحد من الموالي، وكانوا مسلحين بأفضل السلاح، ويمتطون أفضل الجِياد، وبقوا على قبر الحسين بن علي ليوم ولية؛ ليقوموا بإلقاء العهود والمواثيق فيما بينهم، فمضوا حتى وصلوا إلى قرقيسيا التي قام زفر بن الحارث الكلابي زعيم القبائل القيسية بالاعتصام فيها.
قام زفر بن الحارث بتقديم الكثير من الخدمات إلى التوابين؛ إذ قام بوضع سوق ليتسوقوا ويتزودوا بالعلف والطعام، وقام بإخراج العير العظيمة والشعير الكثير، كما قام بإخبارهم بجميع تحركات عبيد الله بن زياد الذي كان ينزل في الرقة.
اجتهد التوابين في في السير حتى وصلوا إلى عين الوردة وعسكروا فيها لمدة خمسة أيام، وكن من خلفهم المدينة لتحمي ظهورهم، ولكن ذلك قبل أن تهاجمهم فرقتان من أهل الشام، وبدأت المعركة بين الطرفين في يوم الأربعاء بتاريخ الثاني والعشرين من شهر جمادى الأول في عام 65هـ، واستمرت حتى يوم الجمعة.
وكان قتال التوابين قتالاً شرساً ولكن بسبب قلة عددهم وكثرة رمي السهام من الجيش الشامي أدّى لهروب الكثير منهم، وبعدها خسروا المعركة وتم قتل سليمان بن صرد، ولم يقم أي أحد بمطاردتهم عند انسحابهم، وفي طريقهم إلى البصرة إلتقوا بأنصارهم من المدائن والبصرة الذين لم يلحقوا الوصول إلى مكان المعركة، وعلموا كل ما حدث فبكوا وعادوا خائبن وبهذا تكون انتهت هذه الحركة.

المصدر: كتاب العصر الأموي، صلاح طهبوبكتاب الدولة الأموية والأحداث التي سبقتها ومهدت لها ابتداء من فتنة عثمان، يوسف العشكتاب الدولة الأموية عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار، علي محمد صلابيكتاب أطلس تاريخ الدولة الأموية، سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث


شارك المقالة: