استخدام البحث النوعي في التربية الخاصة

اقرأ في هذا المقال


استخدام البحث النوعي في التربية الخاصة:

يعتبر البحث النوعي مستقلاً عن بحوث العلوم الاجتماعية المبنية على افتراضات معينة حول معرفة السلوك البشري، فقد ظهرت هذه البحوث لدراسة الظواهر المختلفة وتوثيقها ووصفها وتحليلها ولسنوات عديدة سيطرت أساليب البحث الكمي في مجال التربية الخاصة مؤخراً ولم تخدم هذه البحوث الكمية مجال التربية الخاصة، كما هو مفروض لذلك زاد الاهتمام في السنوات الأخيرة بتطبيق أساليب البحث النوعي في التربية الخاصة، وبدأت بعض الدراسات النوعية التي تناولت موضوع الإعاقة بالظهور في أدبيات العلوم الاجتماعية.
ولم تصبح البحوث النوعية معروفة إلا في عام ١٩٨٠ ومع ذلك فإن الغالبية العظمى من الباحثين في مجال البحوث التربية الخاصة، وبما في ذلك والذين يدعمون استخدام البحث النوعية لم يقوموا بإجراء أي بحوث نوعية رسمية ومن ثم فهم لا يعملون كثيراً عن هذه المنهجية، فهناك كثير من الخلاف بين المؤيدين لكل من البحث الكمي ومؤيدي البحث النوعي ومع ذلك لم نسمع في أي وقت مضى أن هناك باحثاً في مجال التربية الخاصة قد اتخذ موقفاً ضد استخدام البحث النوعي ولم تنشر أي مقالات مناهضة، لهذا الأسلوب فهناك قاعدة في جميع المجتمعات البحثية تسمح بتبادل الآراء والأفكار والمناهج المختلفة.

الافتراضات التي تؤخذ على البحوث النوعية في التربية الخاصة:

  1. الافتراض رقم (١) عدم إمكانية تعميم النتائج المستخلصة من الدراسة النوعية:

    إن تركيز البحوث الكمية على اختيار موضوع الدراسة ومعايير القياس والسيطرة على المتغيرات الداخلية يعكس اهتماماتهم بتعميم النتائج، فهم يبحثون عن إمكانية الحصول على نفس نتائج الدراسة بمكان وزمان مختلفين عن مكان وزمان الدراسة، وفي حين أن هناك بعض الباحثين في مجال البحوث النوعية يعلمون القارئ بعدم إمكانية تعميم نتائج الدراسة على حالات أخرى، وقد يستشهد الباحث بعدد من الدراسات الصغيرة لإثبات التشابه أو الاختلاف بين دراسة الحالة الأصلية وغيرها.
    وهناك طريقة أخرى يقوم بها بعض الباحثين في مجال البحوث النوعية التعميم وتتم عن طريق قيام الباحث بتوثيق كل ما يخص الدراسة، ومن ثم يقوم شخص آخر بقراءتها وتفسيرها، وقد تساعد هذه التفسيرات والتوصيات على توسيع أو إعادة تحديد مفهوم الظاهرة قيد الدراسة، وإن الباحث في مجال البحوث النوعية لا يهتم بتعميم النتائج كما يهتم به الباحث الكمي فهو يهتم وباستنباط بيانات والعمليات الاجتماعية العامة بدلاً من البحث عن البيانات المشتركة، فقد يدرسون التغيير الاجتماعي التنشئة الاجتماعية الصراع ويعملون على نشر التوعية حول مفاهيم معينة.
  2. الافتراض رقم (٢) الدراسة النوعية لا تتصف بالثبات:
    يحافظ الباحث الكمي على الاتساق بين البيانات بواسطة الملاحظات أو القياسات التي أجريت من قبل باحثين آخرين كانوا قد درسوا نفس الظاهرة في نفس الوقت أو من قبل نفس الباحث في وقت مختلف، وفي حين يؤكد الباحثون في مجال البحث النوعي على الثبات في بحوثهم ولكنهم يستخدمون تعريفات مختلفة للثبات وفي السعي لتحقيق الثبات يحاول الباحث الكمي توحيد الآليات التي يستخدمها، وأياً كان ما سيحدث للحالة التي يتم دراستها يجب أن تكون موحدة في كل بحث على سبيل المثال عند إجراء المقابلات يجب المحافظة على الوضع نفسه بالنسبة لجميع المشاركين وطرح نفس الأسئلة في نفس الترتيب في كل مرة واستخدام نفس المكان لجميع المقابلات.
    ومن جهة أخرى يرى الباحثون في مجال البحوث النوعية أن هذا التوحيد غير ضروري وبدلاً من ذلك يستخدم منهجاً مرناً لدراسة التصميم، والذي قد يتغير مع مرور الوقت والتحليل البيانات فالبيانات التي يتم جمعها هي التي تبين منهج الدراسة مما يسمح بعدم ضياع أي بيانات، وقد تكون مهمة وأحد أسباب هذا الاختلاف في وجهات النظر بين الطريقتين من البحث هو أن الناس الذين يعملون في إطار النموذج النوعي يميلون إلى رؤية سلوك ثاني وكأنه حالة ظرفية مؤقتة، ويعتقدون أن الأشخاص قد لا يظهرون نفس الاستجابة في أوضاع أو في أوقات مختلفة.
    وفي حين نرى أن الباحثين في مجال التربية الخاصة قد أتوا من خلفيات وأفكار ومعتقدات مختلفة، فبعضهم قد درس عمل النفس وبعضهم علم الاجتماع وبعضهم تربية الطفل وبعضهم الآخر الأنثروبولوجيا أو العمل الاجتماعية إلا أن التدريب والتجربة الشخصية الأكاديمية السابقة تؤثر على اختبار موضوع الدراسة التي يختارها ، وفي هذا المجال على سبيل المثال قد يهتم الاختصاصيون الاجتماعيون وبالخلفية الاجتماعية للطلبة بينما علماء الاجتماع قد يوجه أنتباههم إلى البنية الاجتماعية في المدرسة، وقد يرغب علماء نفس النمو بدراسة مفهوم الذات للتلاميذ في الصفوف الأولى وبالمثل فإن الرؤى النظرية المحددة إلى عقولهم تؤدي إلى الملاحظات الميدانية ونصوص مقابلات مختلفة من باحث إلى آخر.
    وفي الدراسات النوعية يهتم الباحث بالدقة وشمولية البيانات الخاصة به التي تحتوي على ملاحظات ميدانية دقيقة، ولكن هناك جوانب أخرى من البيانات في البحوث النوعية لا يتم التعامل معها بشكل جيد في البحوث الكمية وهو السياق، فالباحث في مجال البحوث النوعية يهتم بشكل كبير بالسياق الذي يجمع البيانات، فالباحث يكون بحاجة إلى فهم السباق من أجل استخدام البيانات كما يهتم الباحث في مجال البحوث النوعية بالصدق؛ وذلك لأن التحليل في البحث النوعية استقرائي لذلك تكون الأسئلة والنتائج والموضوعات والمفاهيم أثناء عملية جمع البيانات مستمدة من البيانات، أما الباحث الكمي فيتبع المنهج الاستنباطي المليء بالفرضيات المسبقة والتعريفات والمؤشرات التجريبية ويعتبر إثبات صحتها مشكلة كبيرة ويشكل عام فإن الباحث الكمي والباحث النوعي تهمه نتائج دراسته.
  3. الافتراض رقم (٣) يفضل استخدام منهج البحث النوعي مع منهج البحث الكمي:

    هناك العديد من الباحثين في المجال الكمي يعتقدون أنه ينبغي استخدام البحث النوعي مع البيانات الكمية لكنهم لا يفضلون استخدام البحث النوعي، وفي الدراسات التجريبية ويفترضون أن البحث النوعي جيد كمرحلة ابتدائية قبل الانتقال إلى البحث الكمي، ويشير بعض الباحثين إلى أن الجمع بين المنهجين يكون أكثر فعالية ومن المتوقع أن يستخدم الباحث النوعي الأرقام والإحصاء الوصفي والبيانات الكمية التي تصدرها المنظمات ولكن بدلا من أخذ البيانات بالقيمة الأسمية، فأن الباحث النوعي في كثير من الأحيان يقوم بدراسة الطريقة التي تم بها في جمع البيانات من أجل فهم الطريقة وكيفية استخدام البيانات والحفاظ على تعريف الحالة.
  4. الافتراض رقم (٤) البحث النوعي ليس علمياً:

    لا يقوم العديد من العلماء في مجال العلوم المادية على سبيل المثال الفيزياء والكيمياء بتحديد العلوم بقدر أولئك الذين يتخذون بهم، فبعض الأشخاص قد يعطون تعريفاً محدداً للبحث العلمي ويرون أنه استنتاجي ويختبر الفروض بطرائق معينة، وبالنسبة للبحوث العلمية تستند إلى التجريب ومنهجية البيانات والبحث النوعي يلبي هذه المتطلبات بما يترتب على التحقيق الدقيق والمنهجي.
  5. الافتراض رقم (٥) عدم دقة طرائق البحث النوعي:

    يرى البعض أن الأساليب المستخدمة في البحث النوعي غير دقيقة ولا يمكن تدريسها كمناهج دراسية، لذلك يتعلم الباحث النوعي في وقت مبكر جمع وتحليل وكتابة البيانات وبعضهم من الطلبة الدراسات العليا الذين يتعملون في مشاريع البحوث الممولة مع أساتذتهم، ولكن بالتزامن مع هذه التجارب فإن أساليب ونظريات البحث النوعي يتم تدريسها في مقررات الدراسات العليا، وذلك ليتعلم الطلبة المبادئ التوجيهية للبحوث النوعية التي وضعت على مر السنين بالإضافة إلى ذلك تشمل معظم الدورات الخاصة بالبحوث قسماً عن أساليب البحث النوعي وهذا يشمل تصميم الدراسة وجمع البيانات وتحليل البيانات والنتائج الخطية.
  6. الافتراض رقم (٦) البحث النوعي انطباعي ولا يختلف عن كيف يتعلم الآخرين عن البيئة المحيطة:
    كثير من الناس العاديين يراقبون الأحداث الجارية بعالمهم ويجرون تحقيقات منهجية ويتوصلون إلى استنتاجات، ولكن في البحوث النوعية يكون التركيز على البحث وليس على المناهج الدراسية أو على التعليم أو ما يجري مع الطلبة، كما يقوم الباحث النوعي بتسجيل وتوثيق البيانات بشكل مفصل ولا يوجد لدى الباحث أي مصلحة شخصية في ملاحظة شيء ما دون غيره، كما يتم تدريب الباحث النوعي على النظرية ونتائج البحوث السابقة التي توفر إطاراً لتوجيه الدراسة ووضع ما يتم إنشاؤه في سياق أوسع.
  7. الافتراض رقم (٧) التحيز في الآراء وعدم الثقة بالنتائج:

    يجب على الباحث النوعي عدم التحيزفي الآراء ومواجهة آرائه الخاصة والتحفيز مع البيانات، حيث يتم جمع البيانات ويقوم الباحث بتحليلها بالاستعانة بزميل له ليضع الملاحظات على البحث مما يقلل من التحيز الذي قد ينتج.
  8. الافتراض رقم (٨) وجود الباحث في موقع الدراسة قد يغير من سلوك المشاركين:

    يحاول الباحث النوعي التفاعل مع المشاركين أثناء تواجده في موقع الدراسة على نحو طبيعي وغير مزعج مع مراقبة الأداء ولا يمكن لأي باحث السيطرة على جميع من له تأثير على الدراسة.

المصدر: 1_أبراهيم الزريقات ومحمود القرعان.قضايا معاصرة وتوجهات حديثة في التربية الخاصة.عمان: درا الفكر.2_إسماعيل بدر. مقدمة في التربية الخاصة. الرياض: دار الزهراء.3_فاروق الروسان. سيكولوجية الأطفال غير العاديين. عمان:دار الفكر للطباعة والنشر.4_عادل محمد. مدخل إلى التربية الخاصة. الرياض:دار الزهراء.


شارك المقالة: