الأسرة المشتركة عند التانالا

اقرأ في هذا المقال


ينتشر وجود الأسر المشتركة الأمومية، خاصة في تلك المجتمعات التي تكون أصغر بحيث تكتفي قي تنظيمها روابط القرابة وحدها.
ويُعتبر نظام الأسر المشتركة القائمة على نظام السكن عند الأب عند شعب التانالا في مدغشقر من النماذج المختلفة التي يجب أن تأخذ نظرة سريعة، لأنَّها تُمثل نموذجاً مقابلاً من حيث بناؤه ووظيفته للأسرة المشتركة عند الشيريكاهوا الأباتشي.

حياة شعب التانالا:


تعيش قبائل التانالا فى منطقة جبلية تغطيها الأحراش الكثيفة أو الغابات التي تنمو على المطر. والطعام البري نادر الوجود، ويصعب الحصول عليه.
وتُمثّل فِلاحة البساتين المورد الرئيسي عند التانالا، وتتطلب جهد كبير من العمل الشاق ويكون من خلال قطع وحرق الغابات. ومع أنَّ قبائل التانالا لديها قطعان الماشية، إلا أنَّ المراعي فقيرة وبالتالي لا نرى الكثير من الحيوانات.
وتتطلب أساليب فِلاحة الأرض عند التانالا (وتتمثل في زراعة الأرز وهو المحصول الأساسي عندهم) أن تبقى الأرض للراحة دون زراعة بين خمس وعشر سنوات بين كل زراعة وأخرى. ويُحتَّم هذا لضرورة تطهير أراضي جديدة كل عام.
وهكذا تؤدي تلك العوامل البيئية والتكنولوجية مجتمعة إلى جعل قرى التانالا تنعزل بعضها عن بعض وتتمتع بقدر من الاستقلال السياسي.
ومن أجل الدفاع عن القرى نجد أنَّها في مواقع يَسهل الدفاع عنها وتكون مُحصَّنة عادة. وتضمُّ القرية الواحدة حوالي ما بين خمسين إلى ثمانين أسرة نووية، مُوزَّعة بين عدد من الأُسر المشتركة يتراوح ما بين اثنتين إلى عشر أُسر أو أكثر.
وتقوم كلّ أسرة منها بتولي قسم أو حي من القرية وتقوم بحمايته، ويحكم القرية مجلس عُرفي مُكوَّن من أرباب الأسر، ويأخذ واحد منهم وظيفة الرئيس أو الزعيم. ولكنَّه لا يُمارِس أي سُلطة، باستثناء تلك السُّلطات المستمدة من مكانته وهيبته. ووظيفته أن يقدم المشورة والتوجيه، ويحلّ النزاعات التي توجد داخل القرية والتي تُعرَض عليه للفصل فيها.
كما يقوم بالتنسيق بين مختلف نشاطات مجتمع القرية، ويُمثّل القرية في المعاملات التي تتمّ مع القرى الأخرى ويشترك رئيس القرية مع المجلس العُرفي في توزيع الأراضي التابعة للقرية على الأسر المشتركة التي تنتمي إليها.

تأسيس الأسر المشتركة:

ويستطيع تأسيس الأسرة المشتركة أي رجل لديه عدد كافي من الأبناء والأحفاد الذكور يمكن أن يكون قوتها العاملة، ويكون قد حصل على الثروة من الماشية قدراً يتيح له أن يشتري أو يبني لنفسه بيتاً في القرية.
ويمكن أن تضمّ مثل هذه الأسرة بالإضافة إلى مؤسس الأسرة وزوجته وأولاده الذكور وزوجاتهم، وأحفادهم. أمَّا البنات والحفيدات فيذهبن عند الزواج ليلتحقن بالأُسر المشتركة لأزواجهن.
وما دام مؤسس الأسرة وزعيمها على قيد الحياة، فإنَّه يبقى (فيما عدا بعض الاستثناءات النادرة) يسيطر سيطرة مُطلَقة على الأسرة المشتركة.
فهو يقوم بتنظيم النشاطات في القرية ويوجّهها (خاصة فيما يتعلق بالزراعة أساساً) ويحل النزاعات التي تحدث بين أعضائها، ويتمتّع بطاعة واحترام جميع أفرادها.
ولكنْ الأهم من ذلك كله أن يحتفظ لنفسه بجميع الأرباح التى تعود على الأسرة من الزراعة على الرّغم من أنَّه مُلزَم بإعالة الأسرة وبدفع مهور زوجات أبنائه، ويقدم من حين لآخر هدايا لأولاده وأحفاده.
ولكن ما دام مؤسس الأسرة يتولى زمام الأمور، لا يستطيع أي من أبنائه أن يجمع من الثروة ما يكفي لتأسيس أُسَر مستقلة. ولذلك يضطرون بسبب عدم توافر الثروة المطلوبة، إلى البقاء مع الأب والعمل لحسابه.
وعندما يموت مؤسس الأسرة يَرث أكبر أبنائه مكانته وكذلك الجانب الأكبر من ثروته. غير أنَّ التَّصرف في داخل الأسرة لم يصبح بعد وقفاً على رب الأسرة الجديدة وحده، وإنَّما يتعين عليه أن يُشرك إخوته معه فيما يحصل عليه من دخل.

المصدر: محمد الجوهري،مقدمة في دراسة الانثروبولوجيا،2007محمد الجوهري،الانثروبولوجيا الاجتماعية،2004ابراهيم رزقانه،الانثروبولويا،1964


شارك المقالة: