الأسس العلمية لرعاية كبار السن

اقرأ في هذا المقال


رعاية كبار السن

موقف الدولة من الخدمات ليس موقف المتطوع أو موقف الشخص أو الهيئة المتطوعة لعمل الخير، بل هي الشخصية المعنيّة التي تُلزِم أجهزتها بتلك الرعاية، والتي تُلزِم المسنين أنفسهم بالخضوع لتلك الرعاية، فكما أنَّ الدولة تفرض الكثير من الخدمات فرضاً وإلزاما على المواطنين سواء في مجال الصحَّة أو في مجال التعليم أو في غيرها من مجالات خدمية، فإنَّها كذلك يجب أن تأخذ على عاتقها رعاية المسنين وأن تضع النظم واللوائح المنظَّمة لتلك الرعاية وألّا تقتصر في ذلك على ما تفعله اليوم من رعاية مادية لهم، بل عليها أن تمدَّ مظلَّة الرعاية للمسنين في جميع النواحي بما يوفِّر السعادة للمسن ويرفع من روحه المعنوية.

الأسس العلمية لرعاية كبار السِّن في الدولة

1- ضرورة تحديد الأهداف والمبادىء التي يجب على الدولة مراعتها في رعاية المسنين في تحقيق السعادة والرخاء والأمل لأفراد هذه الفئة، وتخليص الأسر ممّا قد يترتب على الجهل برعاية المسنين من نتائج وخيمة سواء على المسنين أنفسهم أو على أفراد الأسر التي تضمهم.

2- مراعاة الأساس العلمي المتعلق بطبيعة الشيخوخة وخصائصها، ذلك أنْ تَفهم نفسية المستهلكين للخدمات يُعدّ شرطآً أساسياً للنجاح في تقدير النوعية السلمية لتلك الخدمات.

3- الإفادة من خبرات وتجارب الدول الأخرى في مجال رعاية المسنين، وهنا تلعب الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية المتخصِّصة دوراً في نقل تلك الخبرات والتجارب حتى تستفيد منها سائر الدول.

4- أن تنبع الرعاية من داخل الشعب نفسه وألَّا تكون مفروضة عليه وحتى يظل حريصاً عليها ومتحملاً لمسؤوليتها وشاعِراً بأهميتها.

5- ضرورة التعاون في هذا المجال بين القطاع الحكومي والقطاع الأهلي التطوعي.

6- أن يتم التخطيط لمشروعات رعاية كبار السِّن في حدود الإمكانيات المتاحة للدولة، وحتى لا تعلن الدولة عن خطط خيالية لا تستطيع تنفيذها. كما أنَّه من الضروري أن تتزايد الميزانية المخصّصة لرعاية كبار السِّن مع تزايد أعدادهم وزيادة تكلفة مشروعاتهم.

7- مراعاة مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة وعدم التمييز بين كبار السِّن مع مراعة مبدأ الفروق الفردية، فالواقع أنَّ رعاية كبار السن ليست بأقل مهارة وعلماً من رعاية الطفولة ورعاية المراهقين، بل قد تكون رعاية كبار السن على جانب أصعب من حيث المعرفة والممارَسة بحيث لا يستطيع إلّا مَن اجتازوا تدريباً دقيقاً للنهوض بهذه الرعاية على خير وجه.

8- أن تساهم الدولة في إعداد طائفة من المسؤولين عن رعاية المسنين من أطباء وأخصائيين اجتماعيين ونفسيين بل ورجال إحصاء وممرضات وغيرهم.

9- توعية جماهير المجتمع على أهمية رعاية المسنين وضرورة الاهتمام بهذه الرعاية ومعاونة الدولة على النهوض بها.

أهمية رعاية كبار السن

إنَّ أهمية رعاية كبار السِّن ترجع إلى أنَّهم يمثلون قطاعاً من قطاعات المجتمع أدَّى دوره في الحياة وقدَّم خدماته وخبراته لوطنه وأفنى صحته وشبابه في تنميته حتى كُتِبَ عليه التقاعد وأصبح يعاني من الضعف والأمراض ما عاقهُ عن الاستمرار في ملاحقة ركب الحياة.

وما زال كبار السِّن لا يلقون في مجتمعاتنا العناية الكافية التي تتناسب مع وضعهم فيه أو مع دورهم الذي قاموا به في مراحل حياتهم المنتجة. والخوف كل الخوف أنَّه مع الزيادة الكبيرة في أعداد كبار السن تتوقف الخدمات المتاحة لهم أو تكاد تتجمَّد ممّا يؤدي إلى تفاقم المشكلة ويصبح من الصعب مستقبلاً مواجهتها أو توفير الاحتياجات اللازمة لها.

بناء جسر من الاحترام والفهم لكبار السن

إن توفير رعاية صحية واجتماعية لكبار السن يتطلب فهمًا عميقًا وأسسًا علمية قائمة على التجربة والأبحاث. يمكن تلخيص هذه الأسس العلمية في عدة نقاط تعكس الاحترام والاهتمام بالحياة والصحة لهذه الفئة العمرية.

1. فهم الاحتياجات الصحية: يعد فهم الاحتياجات الصحية لكبار السن أساسيًا لتقديم رعاية فعالة. يشمل ذلك الاهتمام بالأمراض المزمنة، والأمراض المزدوجة، والتغيرات البيولوجية التي تحدث مع التقدم في العمر. يتطلب ذلك تقديم خدمات صحية متخصصة ومعالجة فردية.

2. تعزيز النشاط البدني: تظهر الأبحاث أن النشاط البدني يلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على الصحة لدى كبار السن. يساهم التحرك المنتظم في تقوية العضلات والحفاظ على مرونة الجسم، ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري.

3. التركيز على التغذية السليمة: يتطلب الشيخوخة الصحية اهتمامًا خاصًا بالتغذية. يجب تقديم توجيهات غذائية تلبي احتياجات الجسم مع تقديم مكملات غذائية عند الحاجة. يساعد الحفاظ على وزن صحي وتوازن غذائي على دعم الصحة والنشاط البدني.

4. إدارة الأمراض المزمنة: يشمل الاهتمام الصحي لكبار السن إدارة الأمراض المزمنة بشكل فعال. يتضمن ذلك تنظيم الأدوية، والمتابعة الدورية للوظائف الحيوية، وتقديم التعليم حول كيفية التعامل مع الحالات المزمنة.

5. دعم الصحة العقلية: يتضمن رعاية كبار السن أيضًا الاهتمام بالصحة العقلية. يمكن أن يتضمن ذلك تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتوفير أنشطة ترفيهية وتثقيفية للحفاظ على روح الحيوية والراحة النفسية.

6. تعزيز التواصل الاجتماعي: يشير البحث إلى أهمية الاتصال الاجتماعي في الشيخوخة. تقديم فرص للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، والتفاعل مع المجتمع، والحفاظ على الروابط الاجتماعية تساهم في تعزيز الصحة العامة.

الاستنتاج: يتطلب رعاية كبار السن نهجًا متكاملًا يعتمد على الأسس العلمية. من خلال فهم احتياجاتهم الفردية وتوفير الرعاية الشاملة التي تشمل الصحة البدنية والنفسية، يمكن تعزيز جودة حياتهم والمساهمة في الحياة المجتمعية بشكل إيجابي.


شارك المقالة: