البنية الاجتماعية والخدمة الصحية في علم الاجتماع الطبي

اقرأ في هذا المقال


البنية الاجتماعية والخدمة الصحية في علم الاجتماع الطبي:

أراد بعض الباحثين معرفة أيكولوجيا الرعاية الطبية والتحقق من الظروف التي تحكمها، فعلى سبيل المثال أجرى وايت جرينبرج هذه المحاولة، فتبيّن له أن 9% فقط من المواطنين في المجتمع هم الذين يعالجون بالمستوصف في كل شهر تقريباً، غير أنه لا يمكن التصديق بهذه النتيجة؛ ﻷنها تستند على معيار طبي مهني في أي مجتمع، وعلى إمكانية توزيع التأمين الصحي، وعدد العائلة في المستوصف، علاوةً على تفاوت استعمل العائلة بين الأماكن السكنية في حالات انتشار الأمراض وإمكانيات المستوصف.

الخدمات الصحية التي يتم تقديمها وفقا لتباين البنى الاجتماعية:

بمراعاة هذا الاعتبار فإنه من الملاحظ أن هناك تباين في الخدمات الصحية المقدمة للمجتمع وفقاً لتباين البنى الاجتماعية، فهي في الريف تتفاوت عن الحضر، حيث أثبت ابن خلدون على التمييز بين البدو والحضر في ضوء طبيعة النشاط الاقتصادي وعادات المأكل وطبيعة العادات والتقاليد، وانتهى إلى أن حياة الريف لا تستدعي وجود الطبيب، بينما يجب أن يكون موجود في الحضر، ليتم معالجة أفراده من مشاكل التخمة والغنى والرفاهية، ويقول في هذا المنطلق أن البدو أساس للمدن والحضر وسابق عليهما، ومهنة الخدمات الطبية مهمة في المدن، عندما يمكن تعريف فائدتها، فإن ثمرتها وقاية الصحة للأصحاء، ودفع المرض عن المصاب بالاستمرار والتواصل، حتى يتعافوا من أمراضهم.

وفي الحقيقة إن البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمع البدوي ينطوي على الاهتمام البالغ في مجال الخدمات الصحية، إذ يتضمن نقصها نوعاً من التوتر، وخاصة إن عدم الاكتراث للمرضى قد يؤدي إلى الموت، وعلاوةً على ذلك فإن صعوبة وصول الخدمة إلى هذه الأماكن الريفية غير القريبة، جعل أفرادها يلجأون إلى طرق ووسائل أخرى لكي يقابلوا بها المرض، فتميزوا في الطب الشعبي، ومارسوا العلاج بالتداوي بالأعشاب.

غير أن وصول العيادات الصحية إلى البدو وفي الأماكن العمرانية الصحراوية، وبناء المستوصفات العامة والمركزية، جعل أفراد البدو يقبلون على الطب الحديث لعلاج الأمراض الذي يتعلق بالعقم والحمل والولادة، وأصبح يذهبون إلى المستوصفات والصيدليات، أما بالنسبة للمجتمع الريفي فإن تقديم الخدمات الصحية تتضمن نظاماً حديثاً لم ينسجم في نهجه بعد، ربما بسبب طريقة تقديمها أداء القائمين بها، علاوةً على تعزيز الظروف الاجتماعية والثقافية لهذا التباعد، فالطبيب يتعدى ويرفع أجره بمستوى تعجز دخول القرويين المحدودة عن دفع الأجر، بينما طبيب القرويين منهم يأخذ منهم هدايا وبعض الأموال البسيطة لتقديم العلاج لهم.

المصدر: فوزية رمضان، دراسات في علم الاجتماع الطبي، 1985.إقبال ابراهيم، العمل الاجتماعي في مجال الرعاية الطبية، 1991.سامية محمد جابر، علم الاجتماع العام، 2004.حسين عبد الحميد، دور المتغيرات الاجتماعية في الطب والأمراض، 1983.


شارك المقالة: