القطاعات الصناعية في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود

اقرأ في هذا المقال


كون الصناعة ركيزة هامة في كل دولة، اهتم الملك سعود آل سعود بها، وفيما يلي أبرز وأهم القطاعات الصناعية المتواحدة في عهد الملك:

صناعات يدوية متطورة:

في المملكة عدة صناعات يدوية أخرى، كصناعة الذهب، وصياغة الفضة التي تمتاز بها بعض المناطق مثل نجران والتي تستخدم زينة للنساء، وبعض الخواتم للرجال، ولقد ازدهرت هذه الصناعة في وقت من الأوقات، إلا أنّ إقبال الناس قل عليها بسبب المصنوعات الذهبية. لكن مازال هناك بعض الحرفيين الذين لم يزل لهم علاقة وثيقة بهذه الصناعات القديمة مثل صناعة الفخار والزخرفة والتروس والسروج ومواد البناء والأوعية المعدنية والتطريز واللؤلؤ والنسيج.

وهي صناعات دقيقة جداً ويباع منها كميات كبيرة للحجاج والزائرين وما زالت هذه الصناعات اليدوية تتطور بسرعة فائقة كتطور الحياة في المملكة، على أن هناك صناعتين يدويتين لهما قيمتهما وأهميتهما بالنسبة للمملكة،  منهم صناعة النسيج فالعرب يجيدون النسيج إجادة تامة سواء كانت الأنسجة الثقيلة الخشنة والتي تصنع للخيام والركاب التي توضع على الجمال، أو المفارش بأنواعها، والسجاد وغيرها.

لكنهم برعوا في حياكة المشالح (العباءات) التي امتازت بها هذه البلاد، ولا تزال تحوز قصب السبق بين الصناعات المنافسة لها في مدن الخليج والجزيرة العربية. وبرعوا في صناعة المشالح وتطريزها بالقصب والخيوط الذهبية والفضة، وهناك أسر برعت وأتقنت هذه الصناعة، من هذه الأسر على سبيل المثال: أسرة أبي علي والهلال والعلو  والمزايدة وغيرهم ورغبة من محترفي هذه المهنة في الاحتفاظ بها والعمل على تطويرها فقد قام بعض القادرين منهم مالياً في سنة 1383/ 1993 ميلادي بإنشاء معمل الحياكة العبي والمشالح تحت اسم شركة النسيج الوطنية وقد بدأ إنتاجه عام 1384 هجري.

صناعة السفن:

وهي كذلك صناعه مهمة في معظم الموانئ في البحر الأحمر، ومواردها الأولية من الخشب المقطوع من الأشجار الموجودة في الجبال الداخلية بالمملكة، ولقد أنشئت في المملكة ترسانة حديثة لصناعة الطرادات الصغيرة.

مصنع الصابون:

وقد أسس مصنع الصابون في شارع الملك سعود بجدة بالقسم الجنوبي منه برأس مال حكومي، وزيد إلى قيمته الأساسية عام 1379/ 1959 ميلادي، مبلغ خمسة ملايين من الريالات السعودية، وقدر إنتاجه بما يقارب 100 طن من الجليسرين، ونحو سبعة آلاف طن من السمن النباتي كمحاولة لتنويع إنتاج المصنع.

مصانع إصلاح السيارات:

لاقى الشعب كثير من المتاعب خلال الحرب العالمية الثانية من جراء انعدام قطع غيار السيارات وتوقف وسائل السير، لذلك بادر بعض الأثرياء في عهد الملك سعود باستثمار أموالهم عن طريق إنشاء مصانع لإنتاج قطع غيار السيارات، وبالمملكة عدة مصانع لهذا الغرض وتنتج قطع الغيار المطلوبة، وإلى جانب ذلك أنشئت ورش خاصة تعمل على إصلاح السيارات المعطوبة وخاصة في الرياض وجدة والظهران لأنها مراكز للحركة التجارية والصناعية.

مصانع دباغة الجلود:

كان لتوافر مادة الجلود الخام في موسم الحج بالذات وغيره من المناسبات دور في ظهر الاهتمام بالعمل في هذه المادة وتصديرها، ثم عمل بعض رجال الأعمال على الاستفادة من ذلك وإنشاء مصانع داخل البلاد، من ذلك رجل الأعمال عبد العزيز جميل، الذي أنشأ مصنعاً لدباغة الجلود برأس مال قدره أربع مئة ألف ر.س بدلاً من أنّ تصدر إلى الخارج الجلود الخام التي تسلخ في البلاد خاصة أيام الحج.

ثم زاد رأس المال بعد ذلك إلى مليوني ونصف ر. س. وقد اشتغل المصنع كذلك بعمل الأحذية، فقارب إنتاجه 700 زوج من الأحذية يومياً، عدا الأنواع الأخرى من حقائب السفر وحقائب النساء وغيرها.

مصانع الذخيرة:

قامت حكومة جلالة الملك سعود من أجل الحفاظ على أمن البلاد بالعمل على إنشاء مصانع تنتج مختلف الأسلحة، وجعل مقرها مدينة الخرج، ونتج عن هذه المصانع مختلف أنواع الأسلحة من مدافع  ورشاشات وبنادق ومسدسات وقنابل ورصاص.

مصانع مواد البناء:

قامت الدولة كذلك وحسب متطلبات التقدم بإنشاء مصانع للطوب الأحمر على طريق مكة المكرمة، وجهز هذا المصنع بفرن كهربائي، وبالأجهزة الآلية الحديثة، وكان ينتج الألوف من الطوب المجوف القوي والخفيف، وقد أسس هذا المصنع عبد العزيز جميل أحد تجار جدة، وعلى طريق جدة أسس رجل الأعمال محمد بن عوض بن لادن مصنعة للطوب الأحمر، أما وقد بني المسجد النبوي وزین به الرخام فأنتجت البلاد المرمر وهذا النوع ليس له مثيل من ناحية بهاء المنظر، ولقد وجدت مصانع أخرى لصقل صخور المرمر الخام المجلوب من الخارج بألوانه الأبيض الناصع والأسود البراق والأخضر والأحمر والأزرق.

وتصقل في هذه المصانع، وتقطع إلى مربعات أو مثمنات أو أي شكل آخر مطلوب وتزين بها القصور والدور والمساجد وهناك مصنع مرمر كبير أنشأه المعلم محمد بن لادن في حي الكندرة بجدة، وهو المصنع الوحيد في البلاد من حيث ضخامة أجهزته ووفرة اللوازم والعمال، ويعتمد العمل في هذا المصنع على الرخام الوطني المستخرج من جبال شرق جدة وفي وادي فاطمة، وجبال أخرى قريبة من المدينة.

وقد أسس مصنع للأسمنت عام 1379 هجري لرجل الأعمال عبد الله السليمان وجعله شركة وطنية مساهمة وافتتحه جلالة الملك سعود وتم تشغيل المصنع عام 1378 هجري وينتج هذا المصنع نحو 107000 طن يومياً من الأسمنت الوطني المعبأ في أكياس من الورق عليها شعاره الخاص. أما عن صناعة الجبس فلقد أنشئت شركة الجبس الأهلية بالقرب من الرياض على طريق الخرج، وكان ظهور أول إنتاج للمصنع هو بطاقة إنتاجية قدرها 120 طناً يومياً، ثم قامت إلى جانبه مصانع للجبص وزخارف الحوائط الجبسية.

إلى جانب ذلك فقد أنشئت في أماكن أخرى مصانع للأنابيب الأسمنتية الضخمة والواسعة الفوهات، وقد انتج مئات الأنابيب، وكان ذلك في مكة المكرمة. وهناك صناعة المواد الغذائية  حيث كانت المملكة تستورد ما تحتاج إليه من المواد الغذائية من الخارج ومنها الحلويات واعتمدت أيضاً على الصناعة المحلية إذ يوجد بالمملكة العديد من مصانع الحلويات المزودة بأحدث المكائن، ولم يقتصر الأمر على الحلويات بل تعداه إلى أنواع أخرى من الأغذية منها على سبيل المثال: مصانع لصناعة الشج ومصانع للخبز ومنتجاته.

وفي جدة وجود عدة أفران كهربائية لصناعة الخبز، ومعامل لتصنيع المياه الغازية المرطبة، ليس في جدة فقط بل حتى الرياض ومكة مثل مصنع البيبسي كولا، ومصنع الكوكا كولا وقد توقف بعد إعلان المقاطعة اليهودية والكيني كولا وغيرها، ولم يقتصر الأمر على ما ذكر من صناعات ومصانع بل انتشرت في البلاد صناعات أخرى مثل: مصنع الخيزران لصاحبه عطا إلياس عام 1374 هجري وأنتج العديد من الخزائن والأرائك والكراسي وغيرها، بالإضافة إلى مصانع للأبواب الحديدية، والورش الميكانيكية.

فتعد الصناعة الفندقية  في تلك المرحلة في بدايتها عام 1380 هجري إذا قيست بالصناعات الأخرى وانتشرت الورش الخاصة بإصلاح بعض أنواع الأجهزة والأدوات والآت التصوير ومصانع للزوارق تسير بالآلات الميكانيكية، ومعامل لإنتاج الموبيليا، ومعامل خاصة بالغاز الخفيف الخاص بالطائرات، وصناعات بلاستيكية خفيفة، وشركات مطابع مثل مؤسسة الطباعة والصحافة والنشر لأحمد عبيد وهي شركة مساهمة بملكها أمير حسن شربيلي، وتتبعها عدة مطابع أخرى مثل مطابع دار الأصفهاني لصاحبها محمد حسین أصفهاني ومطابع التوفيق التي أسست وغيرها.

وهكذا وصلت البلاد إلى نهضة صناعية عالية، خاصة بعد المرسوم الذي أصدره الملك سعود والذي أسهم في الرقي بالبلاد في جميع النواحي. ساعدت هذه النهضة على خلق طبقة من المنظمين، وأرباب العمل والمديرين لا يقلون في الكفاءة والمقدرة عن نظرائهم ممن يتولون أقدر الصناعات في الخارج، وذلك يعود إلى محاولة الحكومة في رفع مستوى الكفاءة البشرية داخل حدودها وذلك بإقامة البرامج التعليمية والمهنية والدورات التدريبية، كذلك عملت على جلب التقنيات الحديثة للبلاد وتدريب الأفراد السعوديين عليها، والعمل على اكتساب الخبرات التقنية العالية المستوى.

وقامت أيضاً على إعداد مراكز تدريب ومعاهد وكليات متخصصة تحتوي على أحدث المختبرات ووسائل التدريب النظرية والعملية، واستقدمت لها نخبة ممتازة من المدرسين المتخصصين في مختلف فروع الصناعة، يضاف إلى ذلك إرسال الطلاب للخارج لتلقي التدريب العملي والنظري لدى جهات علمية متخصصة واستقدمت الخبراء المختصين من الخارج لتدريب الأيدي السعودية، والاستفادة من خبراتهم ومهارتهم في أثناء التدريب من أجل توفير الأيدي العاملة السعودية المدربة، وتوفير الكفاءات الإدارية لإدارة المشروعات الصناعية والتجارية.

وكان تزويد المدن والأرياف بالكهرباء قد أسهم في العملية التعليمية فكان الطلاب يتلقون علومهم حولها وبالتالي حرصت الدولة على توفير الكفاءات الإدارية والتقنية والقوى العاملة لهذه المنشآت. وعملت الدولة كذلك من أجل انتعاش صناعتها على استثمار رؤوس الأموال الأجنبية في الصناعة من أجل جلب التقنية الحديثة، ومن أجل توسيع السوق الخارجي لمنتجات تلك الصناعات.

ولقد استطاعت الصناعة أن تتجاوز الصعوبات والمعوقات التواصل تقدمها من أجل تحقيق مشروعات التنمية الشاملة، فانتشرت صناعات جديدة في المنطقة، وكثرت الأسواق، وتوسعت مراكز الاستثمار الصناعي الخاص، وبدأت تتوسع بشكل تدريجي إلى الغرب، فأصبحت العلاقة واضحة بين اقتصاد المملكة العربية السعودية والبلدان الصناعية الأخرى، وبذلك أصبحت أهم دول العالم الثالث المنتجة.

المصدر: تاريخ الدولة السعودية تأليف امين سعيد الطبعة الأولىالمملكة من الداخل تاريخ السعودية الحديث نقلة إلى العربية خالد بن عبدالرحمن العوض الطبعة الرابعةالتعليم في عهد الملك سعود بن عبد العزيز أل سعود تأليف حصة بنت جمعان الهلالي الزهراني الطبعة الأولىتاريخ الدولة السعودية في عهد سعود بن عبد العزيز تأليف امين سعيد الطبعة الأولى


شارك المقالة: