التغيرات الطارئة على البنية الاجتماعية وانعكاساتها

اقرأ في هذا المقال


كثيراً ما يتخذ الباحثون تأثيرات السمات الاجتماعية والاقتصادية على التنازعات الاجتماعية والسياسية، وذلك عن طريق النظر إلى الانقسامات السياسية، أي عن طريق النظر إلى أهم خطوط التنازعات المسيّسة، جرت العادة على ربط الانقسامات السياسية بنموذج من الفعل الجمعي اتجه فيه الفاعلون إلى التنازع بعضهم ضد بعض من أجل الحفاظ على مصالحهم المادية أو السياسية، وتعريف أنفسهم باعتبارهم أعضاء في طبقة ما أو مجموعة قومية، بالنسبة إلى هذه المصالح.

التغيرات الطارئة على البنية الاجتماعية وانعكاساتها على الانقسامات السياسية

عادة ما ربطت التفسيرات البنيوية للحركات الاجتماعية في المجتمعات الصناعية بين هذه الحركات وبين عمليتين رئيسيتين، تتصل الأولى بنشأة السوق، والثانية بتأسيس الدول القومية وخلق المواطنة الحديثة، لقد أدى نشوء اقتصاد السوق إلى مركزية التنازعات بين الرأس المال والأيدي العاملة، لكنه أدى كذلك إلى حدوث انقسام آخر مخالف للقطاعات الاجتماعية الحضرية والزراعية.

يعد تأسيس الدول القومية إحدى نتائج التنازعات القائمة على اعتبارات إقليمية، التي تؤلب المناطق المركزية في الدول الجديدة على المناطق الهامشية، بالإضافة إلى أنه إحدى تبعات التنازعات بين الدول العلمانية التي تنشأ وبين من ينكرون شرعيتها.

داعمين في المقابل السلطة الدنيوية للبنى (التنازعات بين الكنيسة والدولة)، في الواقع تمحورت أهم التنازعات التي ميزت المجتمعات المعاصرة حول هذه التوترات، فقد أسفر ترسيخ الانقسامات وإضفاء طابع مؤسسي عليها عن شكل عام للأنظمة السياسية، بقي ثابتاً حتى العقود الأخيرة من القرن العشرين في خضم هذا التقدم، مثلت الحركات الاجتماعية الجديدة، كالحركة البيئية، فكرة مستحدثة تفتقر إلى القاعدة الاجتماعية وتتصف إلى حد عالي من باللامبالاة من أجل إخضاع الدولة وإلحاق الهزيمة بها كهدف لها.

البنية الاجتماعية وتأثيرها على الفعل الجمعي

تؤثر البنية على الفعل الجمعي، وتأثيرها لا يختصر على تكوّن أنماط من الاعتماد بين المجموعات الاجتماعية، ومن ثم إمكانية إيجاد مصالح متضاربة، بل إن الأنماط الراسخة من تنظيم الحياة الاجتماعية، من الفعل الاقتصادي إلى السياسي، ومن الحياة العائلية إلى الجمعيات، تؤثر أيضاً على إنشاء الفاعلين الجمعيين وتشكيلهم، إن الفعل الجمعي الصادر عن مجموعات اجتماعية محددة يصبح ممكناً في واقع الأمر حين تتسم هذه المجموعات بالسمتين التاليتين، أولاً يسهل التعرف عليها وتمييزها بالنسبة إلى المجموعات الاجتماعية الأخرى، ثانياً تتمتع بمستوى عالٍ من التماسك الداخلي بالإضافة إلى هوية معينة، وذلك بفضل الشبكات الاجتماعية القائمة بين أعضائها.

المصدر: أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح.مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.


شارك المقالة: