ما هو منطق التفسير السببي الاجتماعي وعلاقته بالمتغيرات

اقرأ في هذا المقال


يُعَرَّف العلم ببساطة بأنه: جهد مُنظّم لاكتشاف العلاقات السببية بين الظواهر، بحيث تُقَدَّم أدلة كافية على وجود مثل هذه العلاقات.

أهداف العلم السببي

لا يكتفي العلم بتوثيق وجود العلاقات السببية، وإّنما يتمّ أيضاً تقديم تفسيرات سببيّة للظواهر لتوضيح عِلتها وأسباب وجودها، ويحاول العلم أن يُجيب عن الأسئلة مثال: ما الذي يُسبب حدوث ظاهرة ما؟ وتحت أي ظروف؟ ولماذا يتميَّز المجتمع مثلاً بدرجة نموّ اقتصادي منخفضة؟ أو ما هي الأسباب التي أدَّت إلى نشوء وسيادة النمط النووي للأسرة في المجتمعات العربية؟ أو ما هي العلاقة بين قسوة الوالدين وجنوح الأحداث؟ كل هذه الأسئلة وغيرها يُجيب عنها العلم.

علاقة أسباب الظواهر بالمتغيرات

لاكتشاف أسباب أو مُسببات هذه الظواهر سواء أكانت النموّ الاقتصادي أو أسباب نشوء وسيادة النمط النووي للأسرة في المجتمع العربي أو ظاهرة جنوح الأحداث، فإنَّ الباحث في علم الاجتماع وفي العلوم المختلفة بشكل عام يلجأ إلى لغة المُتَغيّرات التي تساعد على اكتشاف وتوثيق أسباب هذه الظواهر بوضوح ودِقّة.

ما هو المتغير

المُتَغير بشكل عام هو صِفة أو قيمة تتغيَّر من حالة إلى أخرى، فالسِنّ أو العمر مُتَغيّر فقيمته تتغيّر من فرد إلى آخر ومتوسط العمر مُتَغيّر أيضاً فقيمته تتغيّر من جماعة إلى أخرى، والدخل الشهري للأسرة مُتَغيّر أيضاً فقيمتهُ تتغيَّر من أسرة إلى أخرى أو من مجموعة من الأُسَر إلى مجموعة أخرى.

سبب اهتمام علم الاجتماع بالمتغيرات السوسيولوجية

هناك مُتَغيرات سوسيولوجية خالصة مثل النمط الأسري نووي أم مُمْتد، وطبيعة العلاقات الأسرية ديمقراطية مرنة أم ديكتاتورية مُتَشدّدة، وهي أيضاً أشياء تتغيّر من مجموعة إلى أخرى إمّا من الناحية الكميّة أو من الناحية النوعية، فيسود النمط النووي للأسرة بين الجماعات الحضرية بينما يسود نمط الأسرة الممتدَّة مثلاً بين الجماعات الريفية، وبالنسبة لطبيعة العلاقات الأسرية نجد أنَّ النمط الديمقراطي المَرِن يسود في الأُسَر الميسورة أو الغنية، بينما يسود النمط المُتسلّط أو المُتَشدّد الديكتاتوري في أُسَر الطبقات الفقيرة مُتَدنية الدَّخل.

ويهتم علم الاجتماع عادةً بمثل هذه المُتَغيرات السوسيولوجية فيعمل على استخدامها لتفسير ظواهر أخرى كما يعمل على تحليل أسباب حدوثها وتشَكُّلِها، قدّ أكدَّ العالِم (اميل دور كايم ) على ضرورة استخدام ظاهرة اجتماعية لتفسير ظاهرة اجتماعية أخرى، وهذا يعني أنَّ علينا أن نستخدم مُتَغيِّراً اجتماعياً إذا أردنا أن نُفسِّر مُتَغيِّراً اجتماعياً آخر.

منطق التفسير السببي في علم الاجتماع

في علم الاجتماع، يُعتبر منطق التفسير السببي أداة أساسية لفهم العلاقات بين المتغيرات الاجتماعية. يستخدم علماء الاجتماع هذا النهج لتحليل الأنماط والعلاقات بين العوامل الاجتماعية المختلفة وكيف يمكن أن تؤثر هذه العوامل في تكوين المجتمع والتفاعلات الاجتماعية.

في سياق علم الاجتماع، يمكن أن يكون منطق التفسير السببي موضوعًا للدراسة في مجالات عدة، منها:

  1. العلاقات الاجتماعية:
    • يمكن استخدام منطق التفسير السببي لفحص كيفية تأثير متغيرات معينة على نماذج العلاقات الاجتماعية، سواء كان ذلك في سياق الأسرة، المجتمع، أو العلاقات الاقتصادية.
  2. الطبقات الاجتماعية:
    • يُستخدم التفسير السببي لفهم كيف يؤثر التفاوت في الموارد والفرص على تشكيل الطبقات الاجتماعية وتحديد دور الأفراد في المجتمع.
  3. السلوك الاجتماعي:
    • يمكن استخدام هذا النهج لتحليل العوامل التي تؤثر على سلوك الأفراد في المجتمع، مثل السلوك الجماعي، والالتزام بالقوانين، والتفاعل الاجتماعي.
  4. التغيير الاجتماعي:
    • يُستخدم منطق التفسير السببي لفهم كيفية حدوث التغييرات الاجتماعية وما إذا كانت هناك عوامل معينة تسهم في هذه التغييرات.
  5. الظواهر الثقافية:
    • يمكن أيضًا استخدام هذا النهج لتحليل العلاقات بين العوامل الاجتماعية والظواهر الثقافية مثل اللغة، والفن، والعادات والتقاليد.

على سبيل المثال، يمكن للباحثين في علم الاجتماع استخدام منطق التفسير السببي لفهم كيف يمكن أن تؤثر التغيرات في نظام التعليم على الطموحات المهنية للأفراد، أو كيف يمكن أن تؤثر ظروف الفقر على التفاعلات الاجتماعية في مجتمع معين.


شارك المقالة: