التغير الاجتماعي كحقيقة موضوعية وتغيير مخطط له

اقرأ في هذا المقال


ليس لكل دارس مهتم بقضايا المجتمع حقيقة مختلفة، أي أن هناك تغير اجتماعي ديناميكي سيؤثر على بنية المجتمع والعالم بأسره، وخاصة المجتمعات النامية، وهذا يتطلب بحثًا معمقًا وفهمًا للموضوع، لأن عملية التغير تؤثر في البناء الثقافي والاجتماعي، يرتبط تأثير هذا التغيير بنمط حياة صحي.

التغير الاجتماعي حقيقة موضوعية أم تغيير مؤسس له؟

يتم تعريف التغير الاجتماعي في أساسيات علم الاجتماع والأنثروبولوجيا الثقافية بأنه أي تغيير يحدث في بنية المجتمع ويسمح لأنماط حياة جديدة ومختلفة بالظهور على ما كان في الماضي، بحيث يمكن التعبير عن هذا التغير ويمكن ملاحظة أي واقع حي.
يُنظر إلى التغير الاجتماعي أيضًا على أنه أحد الإفرازات الموضوعية لعملية التاريخ، أي نتاج عام التطور الذي تعيش فيه البشرية، ربما هذا ما قدمه عالم الأنثروبولوجيا هنري مورغان في وصفه لدرجات الحضارة وفقًا لنمط تطوري في الأنثروبولوجيا الثقافية.
يقول فرانسيس بويش في هذا السياق أن الاحتكاكات الثقافية تساهم في عملية التغيير الاجتماعي، حيث توجد مراكز مستقلة لنشر الثقافة. يتطلب هذا الاقتراح المهم عددًا من الأسئلة ، ربما يكون أبرزها ما إذا كان التغيير الاجتماعي دائمًا موضوعًا موضوعيًا للتاريخ والتنمية.
الجواب الواضح من اقتراح فرانش بويش، أي أن التغيير الاجتماعي ليس دائمًا موضوعيًا ولا يتدخل فيه أحد بدلاً من ذلك، هناك جهات فاعلة نشطة فيه؛ لأن ما شهده العالم من تغيرات في أسلوب الحياة هو من جانب نتاج الطبيعة التطورية للتاريخ.
من ناحية أخرى، يتم تحديثها وترسيخها في ضوء الأقطاب العالمية التي تعمل على إخضاع الإنسانية لثقافة واحدة وفق آليات تسهل العملية التغيرية، ولعل أبرزها الوسائل التكنولوجية التي تخلق النزوح من الهوية، وهذا ما يمكن رؤيته بوضوح من خلال أسلوب حياة الفرد في مختلف المناطق في العالم.

التغيرات الاجتماعية في البنية الحياتية:

إذن هناك تغير اجتماعي في الواقع في بنية الحياة أدى إلى عدد من مفارقات في الحياة التي يعيشها الأفراد في حياتهم، ولعل أبرزها وأخطرها هو عدم التوافق بين البنية العقلية والمفاهيم الجديدة، الأنماط والمحفزات التي انتقلت وتسببت في شرخ نفسي واجتماعي وسياسي، في داخل المجتمعات، يبدو مما سبق أن التغيير الاجتماعي هو نتاج عملية التطور التاريخي من ناحية، وتدخل الآخر من ناحية أخرى من خلال نشر الثقافة والنماذج الاجتماعية الجديدة.
لعل ما هو أخطر من الاستعمار المباشر ألا وهو ضرب مرتكزات الهوية الثقافية مثل اللغة والمرجع الديني الذي ينظم حياة الأفراد وما يتضمنه من تعاليم ونماذج تجعل الفرد دائماً تحت سند وتحفزه في حاضره ومستقبله ولعل هذا ما دفع الأخير إلى إتلاف الهوية.
هذا التغير الاجتماعي هو مفهوم يستخدم لتوفير تغطية قانونية لتدمير الهوية الثقافية والاجتماعية لشعوب، وذلك بعد اقتناع مجموعة واسعة من مفكري ونخب الأمة في حقبة ما بعد الاستقلال بأن قضية التغيير الاجتماعي هي مسألة موضوعية وعامة تاريخية، عملية لنشر الثقافات والقيم وأنماط الحياة القائمة على التحرر السلبي.
بالإضافة إلى أن كل شيء له أصول في الماضي وربط هذا بالتخلف والرجعية ويتم تجاوز المعتقدات والإيمان وذلك من خلال الأمور المادية، بعد هذه العملية التي حدثت ولا تزال تحدث ضمنيًا وبشكل واضح في بعض الأحيان، تسبب قي تضرر العمود الفقري للأمة والهوية، مما أدى إلى وضع اجتماعي وثقافي وسياسي يتسم بعدم التوافق والارتجال والانشغال.
وتتوصل النخبة بالقول إننا بحاجة ماسة إلى الوعي بالمخططات المختلفة من جهة والوصول إلى المفاهيم بالطريقة العلمية، والحذر من الاستخدام غير اللائق لها من جهة أخرى، وفي سياق الموضوع يجب التعامل مع عدم قبول أي شيء يهدف إلى تغير الهوية بحجة التغيير الاجتماعي؛ لأن ذلك يعني أن التغيير الاجتماعي لا يعني غزو مجتمعات ذات ثقافات معينة وصيغ حياة بطريقة مخططة، لكن التغيير الاجتماعي ليس عدوًا ليكون شيئًا لكن نظرية علمية تهدف إلى تشخيص حالة التغيير في المجتمعات ومعرفة العوامل التي تساهم في ما لا علاقة له بالغزو الذي أنشأته القوى العالمية التي تهدف إلى إخضاع البشرية جمعاء لتاريخ واحد.
إن عملية التغير الاجتماعي مصطلح من الممكن استعماله وذلك لهدف إضفاء الطابع المشروع والقانوني له من أجل الوصول إلى القضاء على الهوية والثقافات المختلفة، ويتم إقناع مجموعة من المثقفين بعملية التغير من أجل نشرها في مجتمع من المجتمعات.

المصدر: مدخل الى علم الاجتماع،محمد عبدالهادي،2002مقدمة في دراسة علم الاجتماع،ابراهيم عثمان،2010التغير الاجتماعي والثقافي،دلال ملحس،2012التغير الاجتماعي ودوره في تغير القيم الاجتماعية،لطيفة طبال،2010


شارك المقالة: