هل التمائم حقيقة أم خرافة؟

اقرأ في هذا المقال


التميمة جمعها تمائم وتميمات، وهي التي يعلقها بعض الأشخاص في أعناقهم من الخرز ونحوه، والقصد منها حماية وصون النفس من العين، أو وقايتها من الأرواح الشريرة، وتقوم الأمهات بتعليق التمائم في أعناق أولادهنّ لأنهنّ يعتقدن أنّها تحميهم من أعين الناس، ويوجد اعتقاد عند من يعلق التمائم أنّ فيها قوة سحرية تقي صاحبها وتحميه من شر الأرواح الشريرة، وقد كان من عادة أهل الجاهلية اتخاذ التمائم وتعلقيها في الأعناق ظنًّا منهم أنّها تدفع الأقدار، أو تحميهم من المخاطر التي قد يتعرضون لها من عين أو مرض أو أرواح شريرة، كما كانوا يعلقون تلك التمائم على دوابهم.

هل تمنع التمائم العين وتبعد الأرواح الشريرة؟

هذه العادات والخرافات توارثها الأبناء والأحفاد عبر الأجداد على مدار القرون؛ لاعتقادهم بأنها تبعد الشر أو تمنع الحسد، ولعل من أبرز هذه الخرافات التي نجدها في موروث كثير من الشعوب تعليق التمائم، فعلى مر العصور استخدم الناس التمائم لمنع وإبعاد الحسد.
وأكثر مثال يشيع ويستخدم كتميمة الخرزة الزرقاء، والتي خرجت من بين ثنايا الموروثات والخرافات إلى موضة تتزين بها شريحة واسعة من النساء والفتيات مرورًا بالأطفال الصغار، ولم يتوقف اقتناؤها على الرغبة في الأناقة فقط، فمن السيدات من يسيطر عليهن شبح الاعتقاد أن لتلك الأنواع من الأحجار تأثيرا واسعًا في دفع العين والحسد، وهو ما يعكس صورة واضحة عن مجتمع بأكمله من حيث نمط التفكير والمعيشة ومدى التطور لديه والاعتقادات والتقاليد الموروثة.

الخرزة الزرقاء:

تعددت الروايات حول تفسير ما ترمز إليه الخرزة الزرقاء، فالشعوب السامية التي قطنت أطراف البحر المتوسط هي التي رسمت الكف الذي يحتوي على العين الزرقاء؛ كي ترهب الرومان الذين احتلوا بلدانهم، فكانوا يعبرون بذلك عن رفض الاحتلال وكما أنها ترمز إلى تهديد باقتلاع أعينهم والاحتماء من شرهم.

في بعض الروايات قيل أن الخرزة الزرقاء تعود الى قدماء المصريين، حيث أنها كانت صورة من صور التعاويذ التي كانت تلبس في العنق وتتدلى منه عبر خيط أو رباط عنق، والرقية لديهم كانت تُصنع من الخرز وقد نالت شهرة كبيرة، أما اللون الأزرق فقد اختاره الفراعنة، بحسب الروايات لارتباطه بزرقة السماء والتي تسبح فيها الشمس التي ترمز ل”الإله رع”، وهي تهدف الى حماية الإنسان ومباركته من القوى الخفية والشريرة.

في روايات أخرى قالت أن الخرزة الزرقاء مرتبطة منذ القدم بالسحر والشعوذة، وكانت توضع في منتصف كف اليد المؤلفة من خمسة أصابع، وهذا ما تؤكده الأمثال الشعبية، فعلى سبيل المثال: “خمسة وخميسة”، “خمسة بعيون الحسّاد”، أما الهدف من هذا السحر فهو طرد الذبذبات المؤذية وإبعاد العيون والحسد.

ارتباط الخرزة الزرقاء بتركيا والشرق الأوسط:

يستخدم الأتراك الخرزة الزرقاء في كافة تفاصيل حياتهم، ويعتقدون حسب موروثهم الشعبيّ، بأنها تدفع العين وتبعد الحسد والنحس، وهم يتفننون في صنعها بشكل كبير، إذ أنها تدخل في الكثير من البضائع وتنتشر في أغلب البيوت، كما أنها تُباع بألوان عديدة، مثل: الأحمر والأصفر والأخضر، وقد دفع ولع الأتراك بالخرزة الزرقاء الدولة الى اعتبارها من ضمن القيم الثقافية والتراثية وتمّ إدراجها في قائمة الأونيسكو بإسم “ثقافة الخرزة الزرقاء”.
يشيع استخدام الخرزة الزرقاء في منطقة الشرق الأوسط للأهداف نفسها، أي لإبعاد العين والحسد وطلب الحماية من الشرّ، كما أنّ لها مسمّيات عديدة مرتبطة بالدين مثل: “يد فاطمة” الموجودة في التراثين الإسلامي كما اليهوديّ، وحتى يُطلق عليها في بعض المناطق “يد مريم” تيمنًَا بالسيدة مريم العذراء.

لا يوجد في التاريخ ما يؤكد بشكل دقيق أصل الخرزة الزرقاء، أو حتى فوائدها وانعكاسها على حياة الإنسان، فهي ككل الخرافات التي توارثتها الأجيال، وتحولت الى عادات وتقاليد مع مرور الوقت دون وجود دليل وإثبات على صحة ما يعتقدونه حولها، وحسب تفسير بعض علماء النفس لهذه المعتقدات والخرافات؛ فلأن الإنسان منذ القدم حاول التمسك ببعض المعتقدات والموروثات، وإن كانت لا ترتبط بالدين بشكل مباشر، بهدف أن يُشعر نفسه بالطمأنينة والراحة.

رأي الإسلام في التمائم:


تعليق التمائم محرم في الإسلام، وقد يكون شركاً أكبر، وقد يكون شركاً أصغر، على حسب اعتقاد من يعلقها، فالتمائم جمع تميمة وهي ما يعلق على الأولاد من خرزات وعظام ونحو ذلك لدفع العين، وقد سمّيت تميمة لاعتقادهم أن أمورهم تتمّ بها ويعتقدون أنها تحفظهم، إذن تعليق التمائم محرم، وهو من التشبه بالجاهلية، وإن اعتقد من يعلق التميمة أن فيها النفع والضرر من دون الله عز وجل، فهذا شرك أكبر، وإن اعتقد أنها سبب للسلامة من العين أو الجن فهذا شرك أصغر.

المصدر: الخرافات هل تؤمن بها؟ سمير شيخانى، 2011سيكولوچية الخرافة والتفكير العلمي، عبدالرحمن الصاوي، 1982معجم اعلام الاساطير و الخرافات في المعتقدات القديمة، جورج اليسون، 1999الإنسان والخرافة،أحمد علي موسى،2003


شارك المقالة: