التنمية الاجتماعية ونظرياتها

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر التنمية شكلاً من أشكال التغيُّر الاجتماعي الذي يطرأ على الإنسان، وعلى الاقتصاد وعلى البناء الاجتماعي والثقافي في المجتمع.

لكنَّ التنمية عملية تغيُّر مُخطّط إلى حدّ كبير مُوجّهة نحو تحقيق أهداف معيّنة للمجتمع، بينما التّغيُّر الاجتماعي عملية طبيعية وتلقائيّة لا تخضع للتخطيط والتوجيه من قِبَل جماعات المجتمع.

تعريف التنمية

تُعَرّف التنمية: بأنها تحقيق مُستمرٌّ في الناتج القومي الإجمالي، يصحبهُ نموٌّ مُستمرٌّ في متوسط دخل الفرد الإجمالي يؤدّي إلى تحسين في مستوى المعيشة للأُسر والأفراد.

وفي السّتينيّات من هذا القرن أُدخلت تعديلات على المفهوم فأصبح يتضمّن إلى جانب هذه العمليّات ذات الطبيعة الاقتصادية عمليات اجتماعية ثقافية وسياسية ونفسية، مثل تطوير نَسق للقيم والتَّقاليد يتناسب مع النموِّ الاقتصادي والاستقرار السياسي، والمُشاركة السياسية، ووجود متزامن التحديث أو تحديث الشخصية. وقد أوضحت الأبحاث والدراسات أنَّ لهذه العوامل ارتباط بتدعيم أو إعاقة تحقيق النمو في الناتج القومي الإجمالي في البُلدان النامية.

ركّز المفهوم الحديث للتنمية، وبخاصّة الكتابات القومية العربية على ضرورة اعتماد الدولة للتّخطيط بوصفه الأداة المُناسبة لتحقيق التنمية في المجتمع التي ينظر إليها على أنها أكثر من تحقيق النموّ الاقتصادي.

فالتنمية يجب أن تتضمن أيضاً تحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وإتاحة الفرص المناسبة أمامهم للمشاركة في صنع القرار، ودمجهم جميعاً في دولة عصرية بوصفهم مواطنين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.

نظريات التنمية

تعمل نظريات التنمية على تفسير العمليات التي من خلالها يُحقّق المجتمع زيادة في النموّ الرأسمالي، وتحسُّناً في الإنتاجية يتبعهُ تحسُّن في مستوى المعيشة للسكان وفي مستوى مشاركتهم في شؤون المجتمع على مستوى المجتمع المحلي وعلى مستوى الدولة ككل.

وبينما تركّز بعض النظريات على الشروط التي يمكن أن تُيَسِّر عمل هذه العمليات مثل: النظرية السيكولوجية، ونظرية النظام العالمي الحديث، فإنَّ هناك نظريات أخرى تركِّز على على الشروط التي يمكن أن تعمِّق تحقيق هذه العمليات وبالتالي تحقيق التنمية في المجتمع مثل: النظرية التصنيفية أو نظرية التحديث، ونظرية التبعية.

نظرية التحديث

تقوم نظرية التحديث على اعتبار الحداثة عملية تحوُّل كوني تشمل جميع المجتمعات في العالم تتم نتيجة انتشار نمط الإنتاج الرأسمالي من أوروبا الغربية إلى جميع البلدان الأخرى ممّا يحقّق لهذه البلدان زيادة في النموّ الرأسمالي، وزيادة في القدرات الإنتاجية، وتحسُّناً في مستوى المعيشة للسكان.

وإذا ما تبنى هؤلاء السكان نظام القِيَم الليبرالي المُصاحب للرأسمالية فإنهم يشهدون عملية تحوُّل ديمقراطي أيضاً تزيد من مشاركتهم في شؤون المجتمع وبخاصة السياسية منها.

صنفت هذه النظرية المجتمعات البشرية إلى صنفين عريضين هما: المجتمعات المتقدمة، والمجتمعات المُتخلّفة التي سُمّيت فيما بعد من قِبَل مؤسّسات الأممّ المتحدة (المجتمعات النامية)، وتحفيزاً لها على مواصلة الجهود لتحقيق النمو والتغيُّر، وتشمل المجتمعات المتقدمة الرأسماليات الحديثة وبخاصة الأوروبية منها، وهي تتَّصف بسيادة الإنتاج الرأسمالي فيها، وتَمتُّعها بفائض إنتاجي يضمن مستوى معيشي مُتقدّم للسكان، كما تسود فيها الديمقراطية الليبرالية التي تتضمّن المساواة والعدالة والكرامة للجميع.

النظريات التي تسهم في شكل أو آخر في تحديد مسارات التنمية


تعد التنمية مفهومًا شاملاً يشير إلى التحسين المستدام في جودة حياة الأفراد والمجتمعات. إن فهم هذا المصطلح يتطلب التدقيق في العديد من النظريات التي تسهم في شكل أو آخر في تحديد مسارات التنمية. إليك نظرة على بعض هذه النظريات:

1. نظرية النمو الاقتصادي: تشير هذه النظرية إلى أن الاقتصاد يلعب دورًا حاسمًا في التنمية. يُعتبر تحقيق نمو اقتصادي مستدام بمثابة الطريق لتحسين مستوى المعيشة والفرص الاقتصادية. يؤكد مفترون هذه النظرية على أهمية الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز الإنتاجية لتحقيق التقدم.

2. نظرية الحد الحديث: تشير إلى أن هناك حدًا للنمو الاقتصادي، وبعد تجاوز هذا الحد، قد يؤدي التركيز الشديد على النمو الاقتصادي إلى تأثيرات سلبية على البيئة والمجتمع. تحث على تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة والعدالة الاجتماعية.

3. نظرية البشرية والتنمية البشرية: تركز هذه النظرية على تطوير الإنسان باعتباره العنصر الأساسي في التنمية. يشدد المفترون على أهمية توفير التعليم والرعاية الصحية وتعزيز حقوق الإنسان لتحقيق التنمية الحقيقية.

4. نظرية الرأسمالية الاجتماعية: تركز على دور العدالة الاجتماعية وتقليل التفاوت في الثروة والفرص. تعتبر تحقيق التنمية أمرًا يتطلب توزيعًا عادلاً للفوائد الاقتصادية والاجتماعية بين الفئات المختلفة في المجتمع.

5. نظرية التنمية المستدامة: تهدف إلى تحقيق التنمية بشكل يضمن استدامة الموارد وحماية البيئة. تركز على التفاعل بين البُعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لضمان تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال المستقبلية على تلبية احتياجاتها.

تظهر هذه النظريات كمجموعة متنوعة ومتداخلة تعكس تعقيد التنمية، إن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب النظر إلى العديد من العناصر، بما في ذلك الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. بموجب هذه النظريات، يُشجع على اتخاذ نهج متكامل يحقق التوازن بين التقدم الاقتصادي واحترام البيئة وتحسين جودة الحياة للجميع.


شارك المقالة: