التوجهات النظرية للصفوة عند غيانو موسكا في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


التوجهات النظرية للصفوة عند غيانو موسكا في علم الاجتماع السياسي:

يذهب بوتومور إلى أن موسكا كان أول من أقام تمييزاً منهجياً بين الصفوة والجماهير، رغم أنه قد لجأ بمفاهيم أخرى، وأنه أول من أراد بناء علم سياسة جديد على هذا الأساس، وقد وردت أفكار موسكا هذه في كتابه الطبقة الحاكمة، الذي نشر سنة 1896، ثم ترجم إلى الإنجليزية سنة 1939.

وقد تركزت تلك الأفكار على تفنيد ما جاءت به الماركسية في أن العامل الاقتصادي هو المحرك الأساسي للتاريخ، وأن العامل الطبقي سيزول عندما تسود الشيوعية الأولى، ويدل موسكا إلى أن الصفوة لا تقترب من مكانها وذلك بسبب السيادة الاقتصادية، وأن التحوّل السياسي والاجتماعي كان بسبب لتحوّل ودوران الصفوة، بمعنى أنه لم يكن محصلة عوامل اقتصادية.

وموسكا مثله في ذلك مثل باريتو، انطلق من التصور الأساسي لفكرة تجزئة المجتمع إلى فئتين أساسيتين، تمثل إحداها الأقلية، وتمثل الأخرى الأكثرية، وقد عبر عن ذلك بقوله، بين الحقائق والميول الثابته التي يمكن أن تكون في كل بنية أساسية، ظاهرة بينة إلى درجة تبدو فيها بوضوح لأقل العيون تدقيقاً، ففي كل المجتمعات، من تلك المجتمعات ضعيفة التطور والتي لم تكد تبلغ فجر المدنيات، إلى أكثر المجتمعات في التقدم والعظمة، تظهر طبقتان من الناس، طبقة حاكمة وطبقة محكومة، والطبقة الحاكمة هي دائماً أقل هاتين الطبقتين عدداً.

وهي التي تقوم بكافة الوظائف السياسية، وتحتكر السلطة كما تتميز بالمنفعة التي تكون مجموعة لتلك السلطة، بينما الثانية وهي الأكثر عدداً، في حال تسيرها فيه الطبقة الأولى وتدير شؤونها بطريقة يقال فيها آناً أنها شرعية بصورة أو بأخرى، كما يقال فيها في آن آخر أنها كيفية عنيفة بشكل أو بآخر.

إذن فإن المجتمع حسب رأي موسكا يتجزأ إلى جزأين، يمثل الأول الطبقة الحاكمة أو الصفوة الحاكمة، والتي تكون في العادة أقلية، ويمثل الثاني الطبقة المحكومة وتشمل الأكثرية، بذلك فإن الصفوة تتحدد طبيعتها من حيث أنها تمتلك مقاليد السلطة في حين أن الطبقة المحكومة بالمقابل لا تمتلك شيئاً.

وإذا كانت الصفوة طبقة قليلة العدد، فإنها ليست مجرد أقلية فقط، بل تنفرد أيضاً بمزايا وخصائص تمكنها من اكتساب السلطة وأخذ القوة السياسية في المجتمع، ما يجعلها بالتالي تشكل الفئة المسيطرة، وذلك على عكس الأكثرية التي تشكل الفئة الخاضعة، ولا يرجع مصدر قوة الصفوة في نظر موسكا إلى جهودها التنظيمية، وإمكاناتها المتفوقة على صعيد تنظيم ذاتها بشكل كامل وشامل في مقابلة الأغلبية الجماهير التي تفتقد تلك الإمكانات.

المصدر: أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد سيد أحمد.محاضرات في تصميم البحوث، سعيد فرح.مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.


شارك المقالة: