الثرثرة والتعارف في بيوت العزاء كظاهرة اجتماعية سلبية

اقرأ في هذا المقال


يتم التركيز على الثرثرة والقيل والقال السلبية التي تنقل الرسائل ذات المحتوى السلبي عن أهدافها وتشكل إشكالية خاصة بالنسبة للمجتمع، وخاصة في بيوت العزاء، حيث يسهل تذكر المعلومات السلبية ومن المرجح أن تؤثر على التصورات حول الأهداف أكثر من المعلومات الإيجابية أو المحايدة.

الثرثرة والتعارف في بيوت العزاء كظاهرة اجتماعية سلبية

الثرثرة السلبية تقلل من سلوك المواطنة التنظيمية المستهدف من خلال تقليل الإدماج الاجتماعي، ومن خلال نهج متعدد الأساليب لعلماء الاجتماع مثل عالمة الاجتماع ايلينا مارتينيسكو ويبرين يانسن وبيانكا بيرسمانُشرت، قدموا معلومات بأن الثرثرة والتعارف في بيوت العزاء كظاهرة اجتماعية سلبية تقلل من الأهداف ومن سلوك المواطنة التنظيمية من خلال تقليل الإدماج الاجتماعي.

ومن خلال تجسير هذه النتائج يدرس علماء الاجتماع دور الإدماج الاجتماعي في شرح كيفية تأثير الثرثرة والتعارف السلبية في بيوت العزاء على مشاركة الأهداف في تقديم المواساة لأهل الفقيد أو المتوفى.

نظرية التبادل الاجتماعي وظاهرة الثرثرة والتعارف في بيوت العزاء

استنادًا إلى نظرية التبادل الاجتماعي يتوقع أن تعاني أهداف ظاهرة الثرثرة السلبية من احتواء اجتماعي منخفض، وفي المقابل يقترحون أن الشمول الاجتماعي المنخفض يؤدي إلى انخفاض أهداف الثرثرة في بيوت العزاء، وهذا نتيجة لثلاث دراسات دراسة ارتباطية وتجريبية ومعملية، حيث أن كون المرء هدفًا للقيل والقال السلبية يقلل من الاندماج الاجتماعي ويقلل بشكل غير مباشر من الشمول الاجتماعي، يربط نهج علماء الاجتماع متعدد الأساليب النتائج من الأبحاث التي أجريت في المنظمات وفي التجارب المعملية ويوفر فهمًا أكثر دقة لتأثيرات الثرثرة والتعارف والقيل والقال السلبية خاصة في بيوت العزاء على الأهداف.

ويظهرون إنه نظرًا لتأثيرها الضار على الإدماج الاجتماعي للأهداف قد لا تكون هذه الظاهرة الاجتماعية السلبية فعالة في تمكين التعاون المستدام كما تدعي الدراسات التجريبية، فالثرثرة أو التحدث عن الآخرين غير الحاضرين والتي غالبًا ما تكون غير رسمية وتقييمية منتشرة في التفاعلات اليومية، وأهداف الثرثرة أي الأشخاص الذين تدور النميمة حولهم غائبة عند مشاركة الثرثرة ويكون الوصول إليها والتحكم فيها محدودًا، ويمكن أن تكون الثرثرة إيجابية أو سلبية، وتظهر الأبحاث أن الثرثرة الإيجابية والسلبية تحدث بشكل متكرر.

ومن المحتمل أن تضر الثرثرة والتعارف والقيل والقال كظاهرة اجتماعية سلبية في بيوت العزاء بسمعة الأهداف لأنها تكشف عيوبهم أو سلوكهم المخالف لمعايير الآخرين، على هذا النحو قد تنعكس هذه الظاهرة الاجتماعية السلبية على اختيارات الأشخاص الذين يصبحون أهدافًا للثرثرة السلبية التصرف بشكل تعاوني في اللحظات الحاسمة، لتجنب المزيد من انتشار الثرثرة  السلبية وحماية سمعتهم.

وفي الواقع أظهر البحث التجريبي إنه في ظل تهديد القيل والقال يخصص الناس والمقصود هنا أهل بيت العزاء المزيد من مواردهم الاقتصادية للآخرين، ويكونون أكثر كرمًا، خاصةً إذا كانت القيل والقال عنهم يمكن أن تصل بسهولة إلى الآخرين، وتم استخدام هذه النتائج للدلالة على أن الثرثرة السلبية تثير سلوكيات مرغوبة من أهداف محتملة للذين يخشون على سمعتهم، واقترح علماء الاجتماع أن أنظمة الثرثرة والسمعة يمكن أن يكون لها تأثير مستدام على التعاون وربما تنمية التعاون التطوعي.

الخلفية النظرية لظاهرة الثرثرة والتعارف والقيل والقال في بيوت العزاء والفرضيات

علاقات التبادل الاجتماعي لأهداف القيل والقال السلبية وفقًا لنظرية التبادل الاجتماعي يتفاعل الناس لتبادل الموارد ذات القيمة الاجتماعية، مثل المعلومات أو المودة أو الحالة أو السلع أو الخدمات، ويسترشد التبادل بمجموعة من المعايير من أهمها المعاملة بالمثل، والناس في علاقات التبادل المتبادل مترابطون، مما يعني أن أفعالهم تتوقف على تصرفات الشخص أو الأشخاص الآخرون.

والاستجابة النموذجية هي السداد العيني، علاوة على ذلك فإن الأشخاص الذين يتبعون قاعدة المعاملة بالمثل في تفاعلاتهم سيطورون علاقة متبادلة المنفعة تتميز بالثقة والالتزام، لذلك إذا لم تستلزم علاقات التبادل منافع متبادلة للأشخاص المعنيين فلن تستمر.

وتكشف ظاهرة الثرثرة والتعارف والقيل والقال السلبية الأفراد الذين يسيئون التصرف في عيون الآخرين وتحذر الآخرين من الأهداف الاجتماعية التي قد لا ترد بالمثل في التبادلات الاجتماعية أي في بيوت العزاء، أو الذين يقل أداؤهم عن معايير المجموعة، لذلك تؤدي ظاهرة الثرثرة والتعارف والقيل والقال السلبية عن الذات إلى سمعة أكثر سلبية في المجموعة، مما يحد من قدرة الفرد على تكوين علاقات تبادلية مع الآخرين أو الحفاظ عليها، بل وقد تهدد عضوية المجموعة.

على سبيل المثال أظهرت دراسة عن ظاهرة الثرثرة والتعارف والقيل والقال في الحياة اليومية أن هذه الظاهرة السلبية تؤثر على كيفية تقييم الأهداف مما يجعلها أقل عرضة للمساعدة من قبل الآخرين وأكثر عرضة لتجنبها.

وبالمثل أظهرت الدراسات التجريبية أن الناس يميلون إلى التعاون بشكل أقل مع أهداف القيل والقال السلبية وقد ينبذهم ما لم يتوافقوا مع معايير المجموعة، وتمت مساواة النبذ بالموت الاجتماعي، وذلك لأن الأفراد المنبوذين لا يستفيدون من عضويتهم الجماعية ويواجهون صعوبات في تلبية الاحتياجات والأهداف.

لذلك من خلال الإضرار بسمعة الأهداف تلحق هذه الظاهرة السلبية الضرر بمدى قدرتهم على المشاركة في التبادل الاجتماعي الإيجابي مع الآخرين، وله آثار سلبية على رفاههم، وعلى هذا النحو فإن أهداف الثرثرة السلبية قد تدرك عدم وجود حسن نية من الآخرين تجاههم، ووفقًا لمبدأ المعاملة بالمثل قد يتم ثني أهداف الثرثرة  السلبية عن توسيع نواياهم الحسنة للآخرين وقد تقلل من سلوكياتهم التقديرية غير الخاضعة للرقابة والتي تهدف إلى مساعدة الآخرين ودعمهم.

الدور الوسيط للإدماج الاجتماعي في ظاهرة الثرثرة والتعارف في بيوت العزاء

تنقل الثرثرة السلبية معلومات غير مواتية والتي لا تضر فقط بسمعة الهدف وتبادل العلاقات مع الآخرين ولكنها تخبرهم أيضًا أن سماتهم أو سلوكهم غير مقبول في المجموعة، ومن الضروري أن يشعر الإنسان بالاندماج في المجموعات لأن عضوية المجموعة هي جانب مركزي من مفهوم الذات، وتلبي الاحتياجات المادية والنفسية للأفراد، على سبيل المثال الحاجة إلى الانتماء والاعتبار الإيجابي للذات، ويعكس الاندماج الاجتماعي إلى أي مدى يلبي احتياجات مجموعة واحدة من الأساسية للانتماء والأصالة.

ويشير الاندماج الاجتماعي إلى ما إذا كانت المجموعة مستعدة لتضمين الذات وهي تختلف عن التركيبات ذات الصلة مثل التعريف الاجتماعي والتي تمثل القيمة العاطفية التي يعلقها الأفراد على علاقتهم بالمجموعة أو الالتزام العاطفي الذي يمثل الارتباط العاطفي للفرد، باختصار يعد تحديد الهوية والالتزام مؤشرات على كيفية اتصال الفرد بالمجموعة، بافتراض الوكالة الأساسية للفرد بينما يعكس الاندماج الاجتماعي كيفية تعامل المجموعة مع الفرد.

ويعتمد مدى إدراك الأفراد على أنهم مشمولين اجتماعيًا على الإشارات الشمولية التي يرسلها أعضاء المجموعة، وتنبع بعض هذه الإشارات من التفاعلات المباشرة مع الآخرين ولكن من المرجح أيضًا أن يلتقط الأفراد إشارات شمولية من التفاعلات التي لا يشكلون جزءًا منها مثل القيل والقال الذي يستهدفهم، وقد يشكل الوعي بالنميمة السلبية عن الذات تلميحًا اجتماعيًا من المرجح أن يقلل من اندماج الفرد في مجموعة ما، عن طريق إحباط احتياجات الانتماء والأصالة.

من المحتمل أن تضر هذه الظاهرة السلبية بتصورات الأفراد عن أنهم ينتمون إلى المجموعة، ويتم تلبية الحاجة إلى الانتماء من خلال ارتباط ثابت مع المجموعة بناءً على التفاعلات المتكررة والعاطفية.

والثرثرة السلبية تنتقد وتفضح عيوب شخصية الأفراد أو سوء سلوكهم، من خلال الإضرار بسمعتهم، وتضر بعلاقة الهدف مع المجموعة لأنها تقلل من احتمالية التفاعلات الإيجابية مع الآخرين، ويفضل الناس التعاون مع الأفراد الجديرين بالثقة، الذين يثبتون أنهم يلتزمون بقيم ومعايير مماثلة، ومع ذلك تصف القيل والقال السلبية الأهداف كأفراد لا يلتزمون بقيم ومعايير المجموعة.

ونتيجة لهذه الظاهرة الاجتماعية السلبية من المرجح أن يتعلم المستهدفون الذين يسمعون ثرثرة سلبية إنه يُنظر إليهم على أنهم جناة يهددون مصالح المجموعة ولا ينتمون إلى الدائرة الداخلية للمجموعة، وعلى هذا النحو فإن هذه الظاهرة السلبية تضر بتصور الأهداف بأن لديهم علاقة مستقرة وعاطفية مع المجموعة.

المصدر: المشكلات الاجتماعية المعاصرة، مداخل نظرية، أساليب المواجهة، الدكتور عصام توفيق قمر،2000الظاهرة الاجتماعية عند إميل دوركايم، طالب عبد الكريم،2012علم المشكلات الاجتماعية، الدكتور معن خليل، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الاردن، 1998علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية، عدلي السمري ومحمد الجوهري، دار المعرفة الجامعية، القاهرة،1998


شارك المقالة: