الثقافة الحضرية بين التهميش والتأهيل

اقرأ في هذا المقال


الثقافة الحضرية بين التهميش والتأهيل:

كانت المدن الثقافية قبل الحرب، عبارة عن جزر داخل عالم ريفي واسع، لكن خلال و بعد الاستعمار، خاصة بعد تطور الصناعة في المدن وتوالي سنوات الجفاف في بعض البوادي لهذه المدن، أدى بالـعـديد من سكان الأرياف إلى الهجرة من القرى نحو المدن، خاصة الحواضر الكبرى، التي تعتبر مكانا لتلاقح ثقافات عديدة إذ لا يـوجـد قبيلة أو قصر ليس فرد من أفرادها في هذه المدن الثقافية.

وكذلك بسبب أن الشخص الذي هاجر إلى الريف عندما يكون عند المدينة يكون لديه صدمة حضرية، وهي تكون بسبب التفاوت الكبير بين المجال الحضري و المجال الريفي، فينتج عن هذه الصدمة صراع بين هذا المهاجر بثقافته البسيطة التي لا تحمل أية فكرة عن المجال و المعمار الحضريين، يضاف إلى ذلك عدم قدرتهم للاندماج بالثقافة الحضرية الجديدة عليهم.

الشيء الذي عمل على اختلاف مرفولوجية المدينة الثقافية التي تتمثل في ترييف البارزة الحضرية، بحيث يتم نعت المدينة بقرية كبيرة لصعوبة التمييز بينها والقرية، والملاحظ للمدن الهامشية لا يفرق بين المديـنة والقرية إلا في الكثـافة في السكان والبنايات.

وهنا يكون هنالك سؤال مختص مفاده كيف يمكن لهذه الساكنة أن تبني معماراً جيداً و هو ليس في ثقافتها الأصلية؟ حيث كانوا يقيمون في الخيام  التي تصنع من القصب والطين، وحتى وان كانوا يسكنون في سكن صلب فهو مبني بالأحجار يفتقد إلى الجمالية فهو يلبي فقط الحاجات القروية الأساسية اليومية وانعدام البهو والحمّام والمرحاض والمطبخ.

الشخصية في البلدان الثقافية همـها الوحيد هو البـحـث عن الـعـمـل وربح القـوت اليومي والحصول عن المال، وأمام غياب مردود قار اضطر معه المهاجر إلى الاستقرار بجانب مكان العمل في براكة من بنائه الشخصي و الآخر إلى جانبه وهذا أدى على تكون حي صفيحي بحيث لا تجد مكاناً إلا و فيه حي صفيحي أو انتشار السكن غير اللائق أو مدن الصفيح المعلقة.

وكم أنه لا يتوقف الى هذا المحتوى بل نجد توسع واشتهار تربية الماشية كالأبقار والغنم و الدواجن وغيرها من المواشي كذلك انتشار العربات المجرورة من طرف الحمير والأحصنة إضافة إلى طريقة البناء وشكل السكن يعكس الثقافة القروية، والعلاقات الاجتماعية.

نجد في هذه الأعمال الريفية المستمرة وبعد ذلك تؤكد على مدى تعلق الريفي بثقافته الأصلية المتمثلة في تربية الماشية و تخصيص لها مكانا خاصاً داخل البراكة، والغرض من هذا اقتصادي محض كما تقوم النساء بتربية الدواجن.

إلا أن من أكثر وأهم الجوانب الجانب المديني الذي تأثر في المدن الثقافية بمحتويات الترييف هي المدينة القديمة فبعد خروج المستعمر تم إفراغ المدينة الحديثة ليتم تعويض ساكنيها بمهاجرين، لكن هذه المرة حضريين، غادروا مدينتهم العتيقة التي أصبحوا يشكون في ثقافتهم التي أنتجتها، فبعد إخلاء المدينة القديمة نسبياً تم تعويض الساكنة الأصلية بساكنة ريفية مهاجرة، تكدست بهذا المجال مما أدى إلى تدهوره.

المصدر: آثار البلاد وأخبار العباد، أبو يحيى القزويني، 2016دول العالم حقائق وأرقام، محمد الجابريموجز تاريخ العالم، هربورت جورج ويلز، 2005


شارك المقالة: