الخدمة الاجتماعية في مجال الأسرة والطفولة

اقرأ في هذا المقال


تعريف الأسرة وأهميتها في المجتمع

استخدم بعض الباحثين مصطلح الأسرة، واستخدم بعضهم مصطلح العائلة، واستخدم فريق ثالث المصطلحين الأسرة والعائلة في المعنى نفسه. وخرج فريق رابع استخدم العائلة كمصطلح يدلُّ على الأسرة الممتدَّة التي تُشير إلى الزَّوج والزوجة والأولاد، سواءً كانوا متزوجين أم غير متزوجين وأولادهم وزوجاتهم، اللذين يجمعهم مسكنٌ واحد ويشاركون في حياةٍ اقتصاديَّة اجتماعية واحدة، برئاسة الأب الأكبر للعائلة.

ولعلَّ أبسط التعريفات لمفهوم الأسرة هو الذي يعدُّها مجموعة من الأفراد اللذين يُكَونون وحدة اقتصاديَّة، ويقيمون معاً تحت سقف واحد.

وكان (اوجبرن) قد عرّفها بأنَّها رابطة اجتماعية من زوج وزوجة وأطفالها أو دون أطفال، أو من زوج بمفرده مع أطفاله، أو زوجة بمفردها مع أطفالها.

ويُضيف بأنَّ الأسرة قد تكون أكبر، فتضمُّ أفراداً آخرين كالجدود والأحفاد وبعض الأقارب، بشرط أن يكونوا مشتركين في معيشة واحدة مع الزَّوج والزَّوجة والأطفال.

ويدلُّ مفهوم الزَّواج في بناء الأسرة على المشاركة المستمرَّة مدى الحياة. إنَّ الأسرة (كنظام اجتماعي مميَّز بنائيّاً ووظيفيّاً) موجود منذ القدم، حتى في المجتمعات البدائيَّة، بل في أقلِّها بساطة ومدنيّة، وهو ما جعل هذا النظام يختلف عن الكثير من النُّظم الاجتماعيَّة الأخرى.

فالأسرة موجودة في التَّاريخ البشريِّ، ولكن بأنماطٍ وأشكال مختلفةٍ باختلاف الحضارات والبيئات الطبيعيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة.

وقد حَدَّدت ثقافة أيُّ مجتمعٍ من المجتمعات عبر الزَّمان والمكان النَّاحية البنائيَّة وتوزيع الأدوار بين أفرادها، وأظهرَت تلك الثقافات بأنَّ الوحداتِ الأساسيَّة ليست الأشخاص ولكنَّها المكانات والأدوار ذات العلاقة المتبادلة وتوقُّعاتها المصاحبة، أي تلك العلاقات المتبادلة بين الزَّوج والزَّوجة والأبناء والجدّ والأحفاد.

الأسرة ومميزاتها

  • أبسط أشكال المجتمع، وهي أوَّل خلية يتكوَّن منها البنيان الاجتماعي.
  • تشكِّل نظاماً متكاملاً للعيش لأفرادها، وإطاراً عامَّاً يُحدِّد تصرُّفاتهم.
  • أول وسط يحيط بالطِّفل.
  • المحيط الذي يُعنى بتحويل الطِّفل من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي.
  • موجودة في مختلف المجتمعات عبر المكان والزَّمان.
  • نظام اجتماعي تؤثِّر في النُظم الاجتماعية الأخرى وتتأثر بها.

فالأسرة أحد مظاهر التنظيم الاجتماعي وأداة من أدواته في الوقت ذاته، وتستجيب للرغبات والاحتياجات والميول وتثبيتها وفق أسس وتقاليد تُنظّم فاعليتها واتِّساقها، وهي لذلك لا بدّ أن تتميَّز بالمرونة التي تُساعدها على التكيّف مع المستجدات.

ومهما حدثت تغييُّرات في المجتمع وتداخلت مع أدوار الأسرة، إلَّا أنَّ الأسرة بقيت المصدر الرئيس للاحتضان والمحبَّة والمساندة لأفرادها، والوحدة الأساسيَّة للإنتاج والاستهلاك، فهي قلب العمليَّة الاقتصادية، ولهذا فإنَّ احتياجاتها من أولويات الخطط الاقتصاديَّة والاجتماعية للتنمية باعتبارها الأداة الفاعلة لجهود التنمية.

ويأتي هذا الارتباط بين الأسرة والنُّظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسيَّة من منطلقين:

١- الوظائف الذَّاتية الخاصَّة بها بوصفها خليَّة اجتماعية تعمل على توفير البيئة المناسبة لأفرادها كي يتمتَّعوا بالأمن النفسيِّ والصحَّة البدنيَّة وتحديد حقوقهم وواجباتهم، بما يحقِّق التَّماسك والتطبيق بينهم وبين مجتمعهم، كما أنَّها تمثِّل القِيم والمبادئ التي يمثلونها.

٢- وظائف الأسرة داخل التركيبة الاجتماعية التي تؤثِّر عن طريقها في المجتمع وتتأثَّر بالعوامل السَّائدة فيه، سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية، وتنشأ مشكلاتها أساساً من التحوُّلات التي يتعرَّض لها المجتمع.

وظائف الأسرة ومقوماتها

يمكن أن نستعرض وظائف الأسرة بالشَّكل التالي:

١- إشباع الرَّغبة الغريزيَّة التي فطر الله عزَّ وجل الإنسان عليها وتتمثل بالإشباع الجنسيِّ والتناسل.

٢- توفير العناية بالنُّمو الجسمي والتنشئة الاجتماعيَّة للأطفال (الأعضاء الجدد في الأسرة) تمهيداً لدمجمهم في المجتمع متفاعلين فاعلين.

٣- تعليم الأطفال وتثقيفهم وإكسابهم اللغة، كنقطة البدء التي تتكفَّلها المدرسة بالرِّعاية والتنمية فيما بعد.

٤- غرس القيَم الدينيَّة والمعايير الأخلاقيَّة.

٥- اكتساب العادات والتقاليد الاجتماعية.

٦- صياغة الميول والرَّغبات في بدايتها وتوجيهها.

٧- إشباع الحاجات الأساسية للأطفال بحدود الإمكان.

٨- توفير الدَّعم المادي اللازم لسدّ الاحتياجات.

٩- توزيع الأدوار والمسؤوليات على أعضائها حسب مقدرة كل واحد منهم.

١٠- الضَّبط الاجتماعي والرَّقابة غير الرسميَّة، ممّا يعين الأعضاء على التكيّف مع مجتمعهم.

ما هي مقومات الأسرة

أمَّا مقوِّمات الأسرة فيمكن إجمالها فيما يأتي:

١- توافر المستوى المعيشي المناسب، وأسباب الاستقرار العائلي مثل: المأوى وموارد الدَّخل.

٢- سلامة الأسرة من حيث الوراثة والصحَّة العامَّة والفضائل الأخلاقية.

٣- اكتمال هيئة الأسرة، من حيث وجود الأب والأم والأولاد، لأنَّ انعدام وجود أيِّ من هذه العناصر يضرّ بوحدة الأسرة، ويقضي على الوظائف الطبيعيَّة والاجتماعية التي يؤديها.

٤- تكامل الأسرة، من حيث توحُّد الاتجاهات والمواقف بين عناصرها، والتَّماسك والتَّضامن في الوظائف والعمل المشترك.

٥- وجود النِّظام في الأسرة، من حيث الاحترام المتبادل، واحترام القانون العام وآداب السُّلوك، وقواعد العرف، والتقليد ومستويات الذَّوق العام.

والأسرة بذلك لا يمكن النَّظر إليها ودراستها كظاهرة منعزلة ضمن السياق الاجتماعي والاقتصادي والسِّياسي والدينيِّ والمؤثِّرات الأخرى كالوضع الديموغرافي.

ويتضح الدَّور الفعلي للأسرة من خلال طبيعة العلاقات بين أفرادها، التي تتراوح ما بين التَّرابط أو التفكُّك وبين المتسامح أو المُتسلِّط، فضلاً عمّا تقوم به من دور في تشكيل السُّلوك العام لأفرادها من خلال التوجيه والتطبيع الاجتماعي.

ولذلك فإنَّ التقدُّم السياسيِّ أو الاقتصاديِّ أو الثقافيِّ لا بُدَّ أن ينعكس في تكوين الأسرة ووظائفها وتحرُّكها. ولهذا نجد الاهتمام الواضح بالأسرة في مختلف التَّشريعات والسياسات لتبقى أفضل وحدة اجتماعيَّة تُؤَمِّن العيش الكريم والمستقبل الآمن للإنسان.


شارك المقالة: