الخليفة المطيع لله الفضل بن جعفر المقتدر

اقرأ في هذا المقال


الخليفة المُطيع لله الفضل بن جعفر المُقتدر:

هو الفضل بن جعفر المقتدر، ولد عام (301 هجري)، وأمه أم ولد تُدعى (شغلة)، يُكنى بأبي القاسم، كان مُستخفياً من ابن عمّه المُستكفي، وهو يطلبه، تمَّ مُبايعته للخلافة بعده يوم الخميس الثاني عشر من جمادى الاخرة من عام (334 هجري)، وأحضر المُستكفي عنده فسلّم عليه بالخلافة وأشهد على نفسه بالخلع.

وتفاقم أوضاع الخلفاء إدباراً ولم يظلّ لهم من الأمر شيء البتة وقد كانوا يرجعون وأُخِذَ بأمرهم فيما يفعل والحرمة قائمة بعض الشيء فلما كان أيام مُعز الدولة زال ذلك جميعه بحيث أن الخليفة لم يبق له وزير إنما كان له كاتب يدبر إقطاعه وإخراجاته لا غير، وصارت الوزارة لمُعز الدولة يستوزر لنفسه من يريد.

وكان من أكبر الأسباب اعتقاد الديلم أنهم يظنون أن العباسيين قد اغتصبوا بالخلافة وقاموا بأخذها مِنَ الناس الذين يستحقونها فلا يوجد عندهم راسل ديني يُجههم على الطاعة، حتى لقد بلغني أن مُعز الدولة استشار جماعةً من خواص أصحابه في إخراج الخلافة من العباسيين والبيعة للمُعز لدين الله العلوي، أو لغيره من العلويين فكُلهم أشار عليه بذلك ما عدا بعض خواصه فإنه قال: ليس هذا برأي فإنك اليوم مع خليفةٍ تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة ولو أمرتهم بقتله لقتلوه مستحلّين دمه.

ومتى قُمتَ بمجالسة بعض العلويين الخليفة الذين كانوا معك ممن تعتقد أنت وأصدقاءك صحة خلافته فلو أمرهم بقتلك لفعلوه فأعرض عن ذلك، فهذا كان من أعظم الأسباب في زوال أمرهم ونهبهم مع حُب الدنيا وطلب التفرّد بها، وتسلّم معز الدولة العراق بأسره ولم يبق بيد الخليفة منه شيء البتة إلا ما أقطعه معز الدولة مما يقوم ببعض حاجته.

وخرج الخليفة المطيع لله مع مُعز الدولة لقتال ناصر الدولة الحمداني ووصلا إلى عكبرا، واستطاع ناصر الدولة أن ينتصر عليهما وأن يدخل بغداد فضعف أمر معز الدولة، ثم مكر بناصر الدولة فتغلب عليه، ثم تصالحاً وخرج ناصر الدولة إلى الموصل، وتمكن مُعز الدولة في العراق فحجز على الخليفة وقرر له كل يوم مائة دينار نفقةً.

غير أنه بعد عام أي سنة (335 هجري)، قد عاد فرفع عنه الحجز، وأعاده إلى دار الخلافة، وسارا معاً عام (336 هجري)، إلى البصرة حيث أخذاها من يد أبي القاسم البريدي. وخرج في الكوفة عام (353 هجري)، المتبرقع وادعى أنه هاشمي، وكان مُعز الدولة يومئذٍ مشغولاً بقتال ناصر الدولة الحمداني في الموصل.

وخرج ببلاد الديلم رجل يُدعى أبو عبد الله محمد بن الحسين، وادّعى أنه من نسل الحسين بن علي رضي الله عنهما، وقد كَبُرَ شأنه في بلاد الديلم. وتعرض المُطيع لله بفالج عام (363 هجري)، وثقل لسانه فخلع نفسه، وتسلم الأمر بعده ولده الطائع لله، ثم توفي المطيع في مطلع عام (364 هجري)، في شهر المحرم.

الحركة الثورية مع الروم في عهد الخليفة المُطيع لله:

كانت مفاداة بين المسلمين والروم عام (335 هجري)، على يد نصر الثملي أمير الثغور لسيف الدولة الحمداني، وكان عدد أسرى المسلمين (2480)، أسيراً من ذكر وأنثى على حين كان عدد أسرى الروم (2250)، أسيراً فاضطر سيف الدولة أن يدفع مُقابل زيادة ما بيد الروم من أسرى وهو مائتان وثلاثون أسيراً.

وازدادت هجمات الروم في النصف الثاني من القرن الرابع، فقد أخذوا جزيرة اقريطش (كريت)، من أيدي المسلمين عام (350 هجري)، وجاء ملك الروم، وملك الأرمن إلى جهات (طرسوس)، وحاصرا حاضرتها، ولكنهما عجزا عن اقتحامها، كما هاجم ملك الروم بجيش عظيم ثغر (المصيصة) وأخذها قسراً ثم سار إلى طرسوس عام(354 هجري)، فطلب أهلها الأمان فأمنهم وأجلاهم عن مدينتهم.

وفي العام التالي اتجه الروم إلى (آمد) وحاصروها، ولم يتمكنوا من دخولها، فساروا إلى نصيبين وكان سيف الدولة فيها. وسار الروم عام (357 هجري)، إلى مدينة إنطاكية وقتلوا وسبوا ورجعوا عنها غانمين، وبعد عامين تمكنوا من دخول إنطاكية، وساروا إلى جهات حلب وصالحوا (قرعويه) مولى سيف الدولة.

وبدأ الروم بعد ذلك يتوغلون في أعماق بلاد المسلمين فقد تسلّلوا عام (358 هجري)، إلى مدينة حمص وأحرقوها، كما دخلوا مدينة طرابلس. وهاجمت الروم الجزيرة وديار بكر، وقتلوا كثيراً من أهل (الرها)، ولم ينهض مُعز الدولة البويهي لقتالهم بل أنفق الأموال التي جمعت لسدّ الثغور على لهوه، فغضبت العامة عليه، وفي العام التالي أرسل معز الدولة جيشاً لقتال الروم، وتمكّن هذا الجيش من إحراز النصر فسكتت حملة العامة عن مُعز الدولة.

وسار الروم عام (342 هجري)، إلى (آمد) ومعهم ملكهم، وقد حاصروا المدينة وعليها هزرمرد غُلام أبي الهيجاء الحمداني فاستنجد بأبي تغلب بن ناصر الدولة فأرسل له أخاه أبا القاسم هبة الله بن ناصر الدولة، فنصرهم الله على الروم، وأُسروا الدمستق ملك الأرمن والذي مات في السجن عام (363 هجري).

كانت مُهمة حماية الثغور قد آلت إليهم ووقعت على كاهلهم غير أن ضعفهم وتشيّعهم قد شجّع الروم فدخلوا حلب عدة مراتٍ ولكن قتالهم المستمر للروم أعداء المسلمين قد جعل المسلمين يثنون عليهم ويمدحون سيف الدولة حتى أصبح في نظر الناس بطلاً عظيماً وشُجاعاً مغواراً وما هو كذلك، وإن مغالاته فى التشيّع قد أغفلت ورُبما كانت سبباً في إهماله للثغور وهو ما شجّع الروم على المسلمين.

المصدر: ❞ كتاب الدولة العباسية ❝ مؤلفة محمود شاكر أبو فهر الجزء الثاني صفحة (147 – 150)❞ كتاب أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون ❝ مؤلفة سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث❞ كتاب سلسلة تاريخ الأدب العربي العصر العباسي الأول ❝ مؤلفة شوقي ضيف❞ كتاب تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ مؤلفة د.محمد سهيل طقوش


شارك المقالة: