الدولة السلجوقية في عهد السلطان ملكشاه

اقرأ في هذا المقال


إنجازات السلطان ملكشاه:

لم تبقى الدولة السلجوقيّة على ما كانت عليه في عهد ألب أرسلان، إذ أنّ السلطان ملكشاه أتمّ مسيرة والده بالفتوحات، ووسّع نفوذ دولة السلاجقة حتى تشمل جميع أنحاء العالم الإسلامي، فاتجه نحو الشام، وكان قد دخلها في عهد أبيه حتى وصل إلى بيت المقدس عام (463هـ= 1070م)، وضمّ إلى دولته معظم بلاد الشام، وعيّن أخوه تاج الدين تتش، وأوعز إليه فتح ما يستطيع فتحه من البلاد المُجاورة.
وأرسل حملة للسيطرة على مصر، فدخل أراضيها حتىوصل القاهرة وحاصرها، غير أنّه لم يستطع في فتحها، بسبب دفاع الفاطميين عنها، ورجع إلى الشام.


وقام بتعين سليمان بن قلتمش على المناطق التي فتحها السلاجقة في مناطق آسيا الصغرى، ويعتبر سليمان بن قلتمش المؤسّس الحقيقي لدولة سلاجقة الروم، والتي ظلت تحكم حتى عام (1300)، وقد استطاع سليمان فتح أنطاكية (1084م) وهي من بلاد الشام، لكنها كانت تحت حكم الروم منذ عام (358هـ).


وبعد أنّ إستطاع ملكشاه بسط نفوذ الدولة السلجوقيّة في الجزء الغربي من دولته رحل إلى بغداد، حيث توثقت علاقة الصداقة بينه وبين الخليفة العباسي المقتدي بأمر الله، حيث تزوج الخليفة العباسي ابنة ملكشاه في سنة (480هـ= 1087م)، فازدادت قوة الدولة السلجوقيّة وازداد نفوذها.


استطاع ملكشاه أنّ يُسيطر على إقليم ما وراء النهر (جزء من آسيا الوسطى، تشمل أراضيها جمهورية أوزبكستان والجزء الجنوب الغربي من كازاخستان)، ووصل بعد ذلك إلى إقليم كشغر ( إحدى أشهر وأهم مدن تركستان وهي مركز تجاري مهم)،
ونستطيع القول أنّ حدود دولة السلاجقة بلغت أقصى اتساعها في عهد السلطان ملك شاه، فشمل حدود الهند شرقًا إلى البحر المتوسط غربًا، واستطاع ضمّ أقاليم ما وراء النهر وإيران وآسيا الصغرى والعراق والشام.
ويُذكر أنّ قياصرة الروم، ظلوا يقدموا الجزية المفروضة عليهم بعد معركة ملاذكرد إلى ملكشاه في كل عام.


أظهر السلطان ملكشاه اهتمامًا كبيرًا بالعلوم والفنون والأدب والشعر، حيث قام ببناء مرصد أصفهان أو مرصد مليكة خلال فترة حكمه، وأغلق بعد فترة وجيزة من وفاته عام (1092)، ومن خلال عمل المرصد تمّ اعتماد تقويم جلالي كما كان يقدّر بشدة فن العمارة أيضًا، حيث استمتع ببناء مساجد جديدة ورائعة في عاصمته أصفهان.


كان متسامحًا دينياً مدعومًا بحقيقة أنّ رعايا الإمبراطورية السلجوقيّة تمتعوا بسلام داخلي وتسامح ديني خلال فترة حكمه.


على الرّغم من أنّه يمكن القول أنّه أقوى ملك في عصره، يُذكر أنّ ملكشاه كان متواضعًا تقول المصادر أنّه خلال السنوات التي حققت نجاحًا كبيرًا للسلاجقة على جميع الجبهات، كان ملكشاه، الذي طغت عليه القوة الإمبراطوريّة لسلالته، يصعد إلى قمة التل ويقول ما يلي: “يا إلهي، سوف أتعامل بطريقة جيدة مع الناس، أرجوك يا ربي أنّ تحفظني من الكبر”.


توفي ملكشاه في(19) نوفمبر (1092) أثناء الصيد على الأرجح أنّه تسمم من قبل الخليفة أو أنصار نظام الملك، بناء على أوامر من تيركين خاتون، أعيد جثمان ملك شاه إلى أصفهان، حيث تمّ دفنه في مدرسة.


عند وفاته، سقطت الإمبراطوريّة السلجوقيّة في حالة من الفوضى، حيث اقتطع الخلفاء المتنافسون والمحافظون الإقليميون إمبراطوريتهم وشنوا الحرب ضد بعضهم البعض.


كان الوضع داخل الأراضي السلجوقية أكثر تعقيدًا مع بداية الحملة الصليبيّة الأولى، التي فصلت أجزاء كبيرة من سوريا وفلسطين عن سيطرة المسلمين في (1098) و(1099) يُعزى نجاح الحملة الصليبية الأولى جزئيًا على الأقل إلى الارتباك السياسي الذي نتجت عن وفاة ملكشاه.

المصدر: رافاندي ، محمد. راية الحضير و آية السر دار التاريخ ـ علي الصلق. طهران: Intishārāt-i Asāṭīr. ص. 85. ISBN 9643313662.Stroeva L.V. "دولة الإسماعيليين في إيران في القرنين الحادي عشر والثاني عشر". - دار النشر: العلوم عام 1978 م. 67 ، 69 ، 71جيب ، هـ. ر. (1960-1985). موسوعة الإسلام ، المجلد. 7. ليدن: بريل. ص. 275.عبد المنعم محمد حسنين: إيران والعراق في العصر السلجوقي ـ دار الكتب الإسلامية ـ القاهرة ـ 1402 هـ= 1982م.


شارك المقالة: