الدويلات في عهد الخليفة المقتفي لأمر لله

اقرأ في هذا المقال


الخليفة المقتفي لأمر لله:

هو المقتفي لأمر الله، أبو عبد الله محمد بن أحمد المستظهر بالله، ولد في الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة (489 هجري)، وأمه حبشية. بويع بالخلافة بعد خلع ابن أخيه الراشد بالله بن المسترشد، وكان عمره إحدى وأربعن سنة، وفي عام (531 هجري)، تزوج أُخت السلطان مسعود فاطمة بنت محمد بن ملكشاه. وخطب لابنه المستنجد بولاية العهد عام (542 هجري). ودخل السلطان مسعود بغداد عام (541 هجري)، واختلف مع الخليفة ثم اصطلحا.

‎دولة السلاجقة:

قام الخليفة الراشد بإهانة رسول السلطان مسعود بموت أبيه وهذه ما فعل السلطان مسعوداً يذهب إلى بغداد ويحاصرها ويجبر الخليفة إلى الهرب إلى الموصل حيث عماد الدين زنكي، أما مسعود فقد استفتى الفقهاء لخلع الراشد فأفتى له بعضهم، وبايع السلطان الخليفة المقتفي عم الراشد وذلك عام (530 هجري)، وبعد عام تزوج مسعود بسفرى بنت دبيس بن صلقة أمير الحلة وزعيم جنوبي العراق وذلك ليقوى أمره.

أما في خراسان فقد بدأت المعارك بين سنجر ملك خراسان وبين ملك خوارزم (اتسز) عام (533 هجري)، الذي ثار على سنجر، وقد انتصر سنجر، غير أن (اتسز) قد عاد إلى إمرته ورجع لقتال سنجر إلا أنه هم وقتل ابنه في المعركة، واستولى سنجر على خوارزم وأقطعها لابن أخيه غياث الدين سليمان شاه، ولمّا رجع سنجر إلى مرو، رجع (اتسز)، واستردّ خوارزم، واستعان بالكفار فى بلاد الخطا.

وهاجم معهم سنجر فهزمه هزيمةً مُنكرةً في صيف (536 هجري)، وأسروا زوجته، واضطر إلى الفرار إلى ترمذ فبلخ، ودخل لكنه عجز عن دخولها، وتصالح الطرفان عام (551 هجري).‏ وسار السلطان مسعود عام (538 هجري)، لأخذ الموصل وبلاد الشام من زنكي، ولكن لم يتم له ذلك وتصالحا. اختلف السلطان مسعود مع أولاد أخيه محمد وملكشاه اللذين سارا إلى بغداد عام (543 هجري)، وحاصراها وما رفعا الحصار عنها حتى دفع لهما الخليفة ثلاثين ألف دينار.

وفي عام (547 هجري)، أُصيب مسعود بالحمى وهو بهمذان ومات فيها عام (547 هجري)، وقام بعده ابن أخيه ملكشاه بن محمود. وكان مسعود حسن الأخلاق، كثير المُزاح والانبساط مع الناس، وكان كريماً عفيفاً عن الأموال التي للرعايا، حسن السيرة فيهم. وكان من أحسن السلاطين سيرةً وألينهم عريكةً، سهل الأخلاق لطيفاً.

لقد ماتت مع مسعود صاحب البيت السلجوقي فلم تقم. اصطدم سنجر ملك خراسان بملك الغوريين علاء الدين الحسين بن الحسين، وانتصر سنجر، وأسر علاء الدين. ولكن سنجر هُزم عام (548 هجري)، أمام الغز الأتراك الذين دخلوا طوس ونيسابور، وأخذ أسيراً في بعض خواصه، ونقلوه إلى مرو، وأخذ يستعد للقتال غير أن المنية. وافته في (14)
‏ربيع الأول (552 هجري).

ومال ملكشاه بن محمود إلى اللعب وهجر أمور الدولة وأعطاها إلى وزيره خاصبك بن بلنكري الذي قام باستدعاء أخاه محمد بن محمود للقيام بأعباء السلطنة فتوفي عام (554 هجري)، وعمل بعض الخلفاء بعدئذ على استرداد سلطتهم. وقام بعد محمد ابن عمه أرسلان بن طغرل.

دولة خوارزم:

بقي اتسز يحكم خوارزم من (521 هجري)،‏ حتى توفي عام (551 هجري)، وإذا كان قد
هُزِمَ أمام سنجر في بعض المعارك وغادر مقر حُكمه إلا أنه يوم توفي كانت دولته مُتسعة الأركان وتشمل الجناح الشرقي من ديار الإسلام كله باستثناء ولايتي فارس وخوزستان. وخلف اتسز ابنه أيل أرسلان.

دولة الغزنويون:

كان بهرام شاه يحكم غزنة، وفي عام (529 هجري)، ارتاب سنجر في ولاء بهرام شاه، فسار سنجر إلى غزنة فاستعطفه بهرام شاه فرجع عنها على أن يأتيه بهرام شاه فخافه ولم يذهب إليه فرجع سنجر إلى غزنة ودخلها فرجع بهرام شاه يعتذر فغادر سنجر غزنة وعاد إليها بهرام. وفي عام (543 هجري).

ثار ملك الثغور سولي بن الحسين واتجه إلى غزنة فدخلها على حين غادرها بهرام شاه الذي سار إلى فرغانة واستنجد بملكها وجاء على رأس جيش كبير استطاع به أن يدخل غزنة وأن يقبض على سولي ويقتله. وفي عام (543 هجري)، دخل غزنة علاء الدين الحسين الغوري، وغادرها بهرام شاه، فولّى علاء الدين أخاه سيف الدين على غزنة ورجع، غير أن أهل غزنة قد ثاروا على سيف الدين، وجاء بهرام شاه ودخل المدينة وقتل سيف الدين.

توفي بهرام شاه وكان وراءه ابنه خسرو، وأتى علاء الدين الغوري إلى غزنة فهرب منها خسرو بن بهرام، وانتهى أمر الغزنويين من غزنة إلا أن سُلطتهم بقيت في لاهور حتى عام (559 هجري)، حيث أسر خسرو على يد شهاب الدين الغوري الذي حاصره في لاهور، وأرسله بعد أن قبض عليه إلى أخيه غياث الدين فقُتِلَ عام (582 هجري)، وانتهى الغزنويون.

دولة الغوريون:

الغوريون هم قوم يعيشون في مناطق جبلية يُقيمون بين غزنة وهراة، وبلادهم جبلية موحشة، فيها قلعة (فيروز كوه)، المشهورة وقد برز من الغوريين قطب الدين محمد الغوري الذي تزوج بنت ظهير الدين إبراهيم الغزنوي وأخت بهرام شاه وفى عام (542 هجري)، دبّر بهرام شاه مؤامرة لقتل صهره قطب الدين محمد الغوري، وقد أثار هذا إخوته، فسار سيف الدين سوزي وأخوه علاء الدين إلى غزنة ففرَّ منها بهرام شاه، واتجه إلى الهند، وتولى أمر غزنة سيف الدين سوزي نيابة عن أخيه علاء الدين حسين جهان سوز.

وعندما هجم فصل الشتاء البارد، وصَعُبَ الانتقال بسبب الثلوج، قبض السكان على سيف الدين، ودُعِيَ بهرام شاه للعودة فرجع إلى غزنة، وقتل سيف الدين. فما كان من علاء إلا أن رجع إلى غزنة عام (544 هجري)، وخرّبها، وفرَّ بهرام شاه الذي توفي عام (547 هجري)، كما أن علاء الدين قد هدم غزنة عام (550 هجري).‏

قوي أمر علاء الدين، وتوسعت مملكته، فقام بتعيين ابني أخيه بهاء الدين سام الذي توفي عام (544 هجري)، وكان حاكم قلعة (فيروز كوه)، وهما: غياث الدين محمد، وشهاب الدين محمد، وقد سارا بالبلاد التي يشرفان عليها سيرةً حسنةً، وأحبهما الناس، غير أن الوشاة قد أوقعوا بينهما وبين عمّهما علاء الدين، وأخبروه أنهما يُريدان قتله والاستيلاء على مُلكه، فدعاهُما فلم يحضرا إليه فأرسل إليهما جيشاً فلم يصل معهُما إلى نتيجة بل هُزِمَ أمامهما.

فما كان من علاء الدين إلا أن ذهب إليهما بنفسه غير أنه خسر أيضاً، وأُخذ أسيراً غير أنهما قد أحسنا معاملته، فأجلساه على مجلس الملك ووقفا فى خدمته، فتأثر كثيراً، وعرف أن الواشين والمغرضين هم الذين أوقعوا بينهم. لذا فقد أوصى لغياث الدين من بعده وزوّجه بابنته، وتوفي علاء الدين عام (556 هجري).

‎دولة آل زيري:

كان الحسن بن علي الصنهاجي أمير آل زيري منذ أن تولى أمر المهدية عام (515 هجري)، وبقي الصراع بينه وبين روجر النورماندي حاكم صقلية، ثم جرى بينهما عهد. وفي عام (540 هجري)، خرج أسطول للنصارى الصقليين، واستولى على جُزر قرقنة المقابلة للساحل التونسي، فأرسل إليهم الحسن من يذكرهم بالعهود بينه وبينهم.

وفي عام (541 هجري)، أرسل روجر أسطولاً استولى على طرابلس الغرب وما استطاع دخولها إلا بعد خلاف بين أهلها أدّى إلى قتال بعضهم مع بعض إذ وقع قتال بين بني مطروح الذين كانوا يحكمون البلد وبين المُلثمين، فأخذ النصارى الرهائن من المسلمين، ثم أعادوهم، وولّوا على طرابلس أحد بني مطروح، وأجبروا أهلها على أن يسمحوا لسفن صقلية بالمرور من بلدهم.

وفي عام (542 هجري)، حكم بمدينة قابس مولى اسمه يوسف فبعث إليه الحسن بن علي ينذره، فتواصل يوسف بحاكم صقلية روجر وبذل له الطاعة، فأرسل له الحسن جيشاً فما كان من يوسف إلا أن خلع طاعة آل زيري، وزادت صلته بـ (روجر)، أما أبناء المدينة فقد قاوموا يوسف وتصرفاته وسلموا بلدهم لجند الحسن بن علي آل زيري، وأُخذ يوسف أسيراً.

وذهبوا أهل يوسف إلى صقلية وطلبوا المساعدة من روجر فبعث أُسطولاً بإمرة وزيره جورج وصل إلى جزيرة قوصرة رغم العهد بين الحسن وروجر، ثم انتقل جورج إلى مدينة المهدية فغادرها الحسن بن علي، واتجه إلى بني حمّاد فحصروه في جزيرة بني مزغنان مُقابل مدينة الجزائر اليوم وذلك عام (543 هجري).

وبقي هناك حتى دخل عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين المنطقة فسار معه إلى المهدية عام (554 هجري)، فولّاه عليها، وهكذا زالت دولة بني زيري بعد حُكم دام (209 سنة)، وتوالى عليها تسعة حُكام من آل زيري: تسعة من أبناء المنصور ومثلهم من أبناء حمّاد في أشير، وقلعة بني حماد، وبجاية. أما الموصل فقد حكمها سيف الدين غازي بن عماد الدين زنكي حتى عام (544 هجري)، حيث تولى أمرها بعده أخوه قطب الدين مودود، وبقي حتى عام (565 هجري).

المصدر: ❞ كتاب الدولة العباسية ❝ مؤلفة محمود شاكر أبو فهر الجزء الثاني صفحة (265 – 269)❞ كتاب أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون ❝ مؤلفة سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث❞ كتاب سلسلة تاريخ الأدب العربي العصر العباسي الأول ❝ مؤلفة شوقي ضيف❞ كتاب تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ مؤلفة د.محمد سهيل طقوش


شارك المقالة: