الرعاية الاجتماعية الإسلامية على المستوى الفردي

اقرأ في هذا المقال


اشتمل الإسلام على تشريعات تطبيقيَّة تسمح بتوفير الرعاية الاجتماعية لأفراد المجتمع وحماية حقوقهم والواجبات المتعلِّقة بهم والتي من شأنها أن تجعل المجتمع في حالة تسمح له بمقابلة احتياجات أفراده.

الزكاة في الإسلام

وهي فريضة مُلزمة وسمِّيت بهذا الاسم لأنَّها تزكِّي المال والنفس، وهي فرض على كل مسلم يملك نصاب الزَّكاة، وهي واجبة على المال النَّامي، وشعور الفرد بأهميَّة الزَّكاة يجعله يكافح ( الحثّ على العمل) لكي يُنَمِّي ماله حتى لا تذهب به الزَّكاة ويكفي لأهميتها والحكمة منها أن جعلها الله سبحانه وتعالى أحد أركان الإسلام. وهي بذلك أحد أوجه الرِّعاية على مستوى الأفراد.

الصدقات في الرعاية الإسلامية

ومنها صدقة الفطر التي تُوَفِّر للفرد الفقير فرص الإعاشة وعدم الشعور بالعَوَز والحاجة في أيام العيد وتحول دون نظرة الحسد للأغنياء والقادرين وبثّ روح التآخي فيما بينهم بالإضافة إلى الصَّدقات بصفة عامَّة التي تؤكِّد على إحساس الفرد بالمسؤولية في المجتمع وبدون جبرية إلا من الوازع الديني واكتساب الثواب في الآخرة، بلْ إنَّ الله سبحانه وتعالى جعل الصَّدقة طوق نجاة من التهلكة، وهي سلوك مرغوب فيه يؤكِّد عليه المولى بالنسبة للعامَّة كلٌّ حسب مقدرته وهي أيضاً إنْماء للمال بطريقة غير مباشرة وتكفير للمعاصي، بل نَجِد أنَّ الله سبحانه و تعالى قدّ حدّد الفئات التي لها الأولوية في الصَّدقات، وأيضاً على الإنسان أن ينتقي ما يقدِّمه من الصَّدقات بل عليه أن يختار أفضلها وأطيب ما لديه لكي يتصدَّق به، لانَّه بذلك يزكِّي ماله ويُنَميه وليست مِنّة على الآخرين، وبنفس الوقت يستثمر هذه الصَّدقات لكسب الأجر والثواب.

كما نجدُ أنَّ الإسلام حفظ للفقير كرامته ولذلك حدّد طريقة العطاء بالنسبة للصَّدقات، أي أنَّ الصَّدقة إن كانت ظاهرة يجب أن يكون الغرض منها القدوة وليس أكثر ومن الأفضل أن تكون سرَّاً للحفاظ على كرامة من يحصل عليها، لأنَّ مَنْ يتصدَّق يُخرِج صدقته لوجه الله سبحانه و تعالى ويجعل من التفاخر والتباهي فيها أو المَنّ بها على الفقير موازياً لانعدام الثَّواب عليها.

الكفارات والنذور والأوقاف في الرعاية الإسلامية

الكفَّارات هي تكفير من الآثام التي ارتكبها الإنسان في حياته، كالإفطار في رمضان وعدم القدرة على الوفاء بهذا الالتزام مستقبلاً أو مَن حَنَث في يمينه، أو كفَّارة عدم اكتمال أحد أركان الحج.

أمّا النذور فهي صدقات معلَّقة بشرط طمعاً في إجابة الله تعالى لمسألة ما وهي واجبة الأداء ما تحقِّق الشرط والنذور واجبة الأداء حتى لو لم تكن مُعلَنَة أمام الناس.

أمّا الأوقاف فهي صدقات جارية سواءً مال أو عقار او أرض أو ما شابه وهي لا تُباع ولا تورَّث ولا توهَب ولكن لا جناح على من يتولَّى أمرها أن يأكل منها بمعروف، وفي المجتمعات الحديثة وزارة الأوقاف هي الجهة التي تعود إليها إدارة هذه الأوقاف والتأكُّد من وصول ريعها إلى مستحقيه.

الحث على العمل وعدم الاتكالية

على الرُّغم من وجود أصناف من الرِّعاية المختلفة التي كفلها الإسلام للأفراد ليكونوا في كنف القادرين إلا أنَّه في نفس الوقت يؤكِّد على مبدأ الإعالة الذاتيَّة والعمل وعدم الاتكاليَّة، وجاء هذا في القرآن والسنَّة وهذا دليل على أهميَّة العمل قبل أن تفطن إلى هذا المبدأ الحضارة الغربيَّة بزمن بعيد. ومن مظاهر الرعاية الإسلامية الفردية أيضا ما يلي:

1- العدالة الاجتماعية: يركز الإسلام على أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن بين الأفراد في المجتمع. يُحث على توزيع الثروة بشكل عادل وتقاسم الفرص بين الأفراد، وهذا يسهم في تحقيق الرعاية الاجتماعية على نطاق واسع.

2- الرفق والمحبة: يحث الإسلام على مفهوم الرفق والمحبة في التعامل مع الآخرين. يُعلم المسلمون أن يكونوا رحماء ومتعاونين مع الأفراد الذين يحتاجون إلى دعم ورعاية. يسهم هذا النهج في بناء روابط قوية داخل المجتمع وتقوية روح التعاون.

3- الرعاية الأسرية: تُعَدُّ الأسرة في الإسلام بمثابة مصدر أساسي للرعاية الاجتماعية. يشجع الإسلام على توفير الدعم والحماية للأفراد داخل الأسرة، وذلك من خلال تعزيز العلاقات الأسرية وتحقيق التوازن بين حقوق الأفراد والواجبات نحو الأسرة.

4- التحفيز للعلم والتطوير الشخصي: يرى الإسلام أن تحقيق التوازن الاجتماعي يتطلب تطوير الأفراد من الناحية الشخصية والمهنية. يشجع المسلمون على السعي للتعلم وتحسين المهارات الشخصية لتحسين وضعهم الاجتماعي والمساهمة بشكل فعَّال في المجتمع.

تظهر الرعاية الاجتماعية في الإسلام على المستوى الفردي كأداة أساسية لتحقيق العدالة والتوازن الاجتماعي. يُشجع المسلمون على تكامل القيم الإسلامية في حياتهم اليومية لتعزيز الترابط الاجتماعي وتقديم الدعم للأفراد في الحاجة، وبذلك يُسهمون في بناء مجتمع قائم على الرعاية والعدالة.


شارك المقالة: