العادات والتقاليد الرمضانية في قطر

اقرأ في هذا المقال


تختلف عادات وتقاليد رمضان من دولة لأخرى، فلكل دولة طريقتها في تهنئة الأهل والأقارب بحلول شهر رمضان شهر التوبة والغفران، وفي دولة قطر، يُقال “مبارك عليكم الشهر”.

العادات الرمضانية في قطر:

تزيد نسبة التزام أبناء الشعب القطري في العادات والتقاليد الرمضانية العريقة، استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك، حيث يكون بدايةً من شهر شعبان، إذ يعمل أبناء الشعب القطري على إقامة الاحتفالات في الرابع عشر من شعبان، وفق التقويم الهجري بما يسمى “النافلة”.

وتركز النافلة على العطاء والمشاركة، حيث تجتمع العائلات القطرية لإعداد الأطعمة التقليدية، وتقوم الأمهات بإعداد الأطباق الترحيبية اللذيذة، في حين يستمتع الأطفال بالنظر إلى الأمهات أثناء الطهي، ويتم توزيع الطعام على الجيران والفقراء والمساكين. وأثناء طهي وإعداد طعام ليلة النافلة، يشرع الأهالي في الاستعداد لشهر رمضان من خلال إعداد الأطعمة ومكوناتها، ويستذكرون خيرات وبركات الشهر الفضيل.

المائدة الرمضانية القطرية:

التمر واللبن:

في الوقت الذي تكون فيه الأجواء الرمضانية الجميلة في دولة قطر، بشكل مشابه تقريبًا للأجواء التي تكون في باقي دول الخليج العربي، فإن المأكولات القطرية في هذه الأيام تكون الأكثر اختلافًا عن بقية الشعوب الإسلامية الأخرى، حيث تحتفظ أطعمة الشعب القطري منذ عقود من الزمان بأطباق مختلفة، إذ واصلت الأجيال المتتالية من سكان قطر المحافظة على معظمها حتى هذا اليوم. وبالرغم من اختلاف الأطعمة الرمضانية المتجددة والشعبية واللذيذة في هذا الشهر الكريم، فإن المواطن القطري يبقى على عاداته وتقاليده الرمضانية فيبدأ إفطاره بحبات التمر واللبن.

الهريس القطري:

يعتبر من أهم الأطباق الرمضانية في دولة قطر، وهي تعتبر بمكانة أطباق رئيسية ذات أصول شعبية، قليل ما تخلو منها الموائد القطرية التي تقدم في شهر رمضان الكريم، ومن أهم الأطباق الشعبية القطرية “الهريس”، التي تُعَد واحدة من أشهر الأكلات الرمضانية المتعارف عليها خلال هذا الشهرالفضيل، والتي تشكل طبقًا رئيسيًا وأساسيًا في المائدة القطرية، وهي عباره عن طبق يصنع من القمح المهروس والمطحون مع اللحم، كما يضاف إليها أيضاً السمن القطري البلدي والدارسين “القرفة” المطحونة.

الثريد القطري:

إن موائد الإفطار في البيوت القطرية لا تنفذ أيضاً من طبق الثريد ومكوناته،هو خبز أو الرقاق يقطع قطعاً صغيرة الحجم وتشرَّب بِمرق اللحم المسلوق، الذي يتكون غالباٌ من أصناف عديدة من الخضروات مثل البطاطس والقرع والباذنجان والعديد من الخضروات الأخرى.

والأساس في أكلة الثريد القطرية، هو خبز التنور، ولكن في وقتنا الحاضر يستخدم خبز الرقاق، وهو خبز رقيق الحجم يطهى بواسطة “التاوة” وهي عبارة عن صفيحة من الحديد السميك شكلها دائري تقريبًا حيث تقوم المرأة بمسح طبقة رقيقة من العجين فوقها بعد أن تحمى جيدًا كي تقوم بخبز هذا النوع من الخبز، كما تقوم بين فترة وأخرى بمسح صفيحة الحديد بطبقة خفيفة من الشحم؛ لكي لا تلتصق بها العجينة. ويكثر الطلب على خبز الرقاق في شهر رمضان المبارك.

اللقيمات القطرية:

أما بالنسبة إلى اللقيمات فهي من أشهر الحلويات القطرية في شهر رمضان الكريم، إذ تصنع من الحليب السائل وحبات الهيل الطازجة والسمن القطري البلدي والزعفران والعجين الممزوج بالخميرة، وتقطع اللقيمات وتلقى في الزيت النباتي المغلي، حتى يصبح لونها أحمر، ثم توضع اللقيمات في سائل السكر أو الدبس.

الغبقة الرمضانية القطرية:

كما يعرف في دولة قطر أن شهر رمضان هو شهر مليئ ب “الغبقات” والمعروف أن الغبقة هي اسم لعزيمة تؤكل عند منتصف الليل، والغبقة في الأيام الماضية تختلف عن هذه الأيام في كل شيء، فطابعها يختلف وأكلاتها التي تقدم فيها تختلف وعدد المدعوّين إلى العزيمة يختلف، كل شيء فيها يختلف ما عدا التسمية.

والهدف من“الغبقة” هو عملية التجمع، فنرى تجمعات خاصة بالشباب، وتجمعات أخرى خاصة للرجال الكبار كذلك النساء لهن تجمعهن الخاص، وعزيمة الطعام التي تسمى الغبقة لا يشترك فيها الغرباء ولا البعيدين عن أهل الحي، إنما هي لأهل الحي والمنطقة فقط، حيث يجتمعون فيما بينهم ويتفقون معاً بكامل السرية، إذ أنه لا تحكمهم قوانين ولا يمنعهم بروتوكول ولا عادات، إذ يقيمونها كل يوم أو يومين عند أحد الأشخاص المشتركين فيها؛ لتجمعهم الألفة والمحبة على مائدة واحدة، يعيدون فيها حديث الذكريات الماضية، كذلك النساء يجتمعن ليتناقشن ويسهرن وترجع بهن الذكريات إلى الماضي، إلى الطفولة ثم الشباب ثم تحمل المسؤولية لأنهن بنات حي واحد مشتركات في كل شيء.

والغبقة لدى الشعب القطري، هي الرجوع إلى التقاليد والأكلات الشعبية، منها الرجوع إلى ما يسمى لدى الشعب القطري العيش “الرز” ذلك لأن شهر رمضان المبارك في دولة قطر يمتاز بأكلته المشهور بها وهي “الثريد” الذي يحل محل العيش والهريس بشكل كبير جداً، كما أن طبق السمك يكون في هذا الشهر شبه معدوم، ويحل محله اللحم الذي عادة ما يكون متوفرًا بكثرة ولهذه الأسباب تكون الغبقة.

وكانت الغبقة في الماضي تتكون من “البرنيوش” وهو عبارة عن عيش مطبوخ بالسكر أو بالدبس المستخرج من التمور، الذي هو عبارة عن خلاصة التمر أو عسل التمر، بالإضافة إلى السمك المشوي أو المقلي أو المطبوخ أيّ على جميع أشكاله، وهناك من يفضل المكبوس ومنهم من يفضل المشخول، حيث أن جميعها أكلات شعبية لا تقدم على وجبة الإفطار، وقد يفتقدها الإنسان طوال شهر رمضان المبارك، كذلك تقدم الحلويات مثل “الساقوا واللقيمات أو النشأ أو العصيدة أو البلاليط” بالإضافة إلى التمر الهندي والشاي والقهوة والمشروبات الأخرى، وهذه هي غبقة أيام زمان.
أما في الوقت الحديث تغير كل شيء بدايةً من الناس إلى أصناف الأكل، فالغبقة تكون مطبوخة على لحم خروف مشوي على سبيل المثال، وتكون الحلويات عبارة عن جلي وكريم كراميل وآيس كريم وكيك بالزبدة وحلويات منوعة لا يحصى عددها ولا أسماؤها.

مدفع رمضان في قطر:

مدفع رمضان أو مدفع الإفطار من التقاليد الثابتة التي تعبر عن حلول نهاية يوم من الصيام، أيّ أن وقت غروب الشمس قد حان أيّ أنَّ موعد الإفطار قد حان، حتى أولئك الذين يقيمون بعيداً عن البلدة بإمكانهم معرفة وقت إطلاق المدفع وسماع صوته، ومعرفة أن وقت الإفطار قد حان، ويبث ضرب المدفع مباشرة على تلفزيون قطر.

عند حلول اليوم الرابع عشر من الشهر الفضيل، يستعد أهالي الشعب القطري وأطفالهم للاحتفال ب “قرنقعوه”، التي تعتبر واحدة من أهم العادات الرمضانية الشعبية في المجتمع االعربي بشكل عام والقطري بشكل خاص، إذ أنها من أشهر العادات لديهم، وذلك للاحتفال باكتمال نصف الشهر، وكذلك تعتبر من العادات المهمة لتشجيع الأطفال خلال شهر رمضان على الصيام والعبادة، وبهذه المناسبة يقوم الأطفال بشراء الحلويات المتنوعة، وتقوم الأمهات بخياطة أكياس من القماش الملون والمطرز، التي سوف يجمع الأطفال فيها ما يوزعه الأهالي عليهم من الحلويات وحتى النقود ومختلف الهدايا الأخرى.

حيث يقوم كل طفل منهم بتعليق الكيس على رقبته، فتقوم ربة المنزل “الأم القطرية” بعد أن تطلب من الأطفال تكرار وترديد الأغنية “أنشودة العيد” وخاصة الجزء الذي يمدحون فيها ابنها، بعد ذلك تقوم بالغرف بيديها أو بواسطة إناء من الصينية أو الجفير المليء بالمكسرات والحلويات، وتفتح كيس كل طفل من الأطفال وتضع به نصيبه، وفي أثناء ذلك يتدافع الأطفال للوصول إلى السيدة التي تقوم بالتوزيع، كما يتنافس الأطفال لجمع أكبر كمية من الحلوى والهدايا.

ويستمر الاحتفال في دولة قطر حتى ساعة متأخرة من الليل، والأهالي مجتمعون في المنازل ينتظرون مجيئ جماعات الأطفال عليهم بشكل متفاوت، حاملين معهم الحلوى والهدايا التي قدمت لهم، وعندما يدرك أهل المنزل صوت غناء الأطفال من بعيد يتأهبون ويتحمسون لاستقبالهم، ذلك بوضع الجفير عند باب المنزل أو في الحوش، ويستاء ويحزن أهل المنزل إذا أهملته مجموعات الأطفال في هذه الليلة ولم يقوموا بزيارته وأخذ نصيبهم من القرقعان، وقد يحدث ذلك إذا كان المنزل بعيدًا عن باقي البيوت أو أن ما يقدمونه للأطفال من قرقعان لا يرضي أذواقهم.

المسحراتي أو المسحر القطري:

وهي عادة قديمة للغاية ما زالت تمارس في بعض الأحياء القديمة في قطر، حيث يقوم المسحر بالضرب على دف أو طبلة صغيرة الحجم، وينشد الأناشيد الإسلامية المخصصة لرمضان بصوت عالي، ويطوف حول البيوت وهو ينشد ويطبل لكي يقوم الناس للسحور الذي فيه البركة.

الأعمال الخيرية والصدقة الرمضانية في قطر:

خلال شهر رمضان المبارك، يتسارع القطريون والمقيمين في قطر إلى إخراج الصدقة للفقراء والمحتاجين؛ ذلك للاقتراب من الله عز وجل. وهكذا يتجمع الآلاف من المحتاجين حول ما يسميه العرب “موائد الرحمن”، التي يُعدها الأثرياء للناس الفقراء في جميع أنحاء البلاد حول العالم. إضافة إلى ذلك، عندما يقترب وقت الإفطار، يتم توزيع مجموعة متنوعة من الوجبات الخفيفة بين الصائمين، الذين لا يستطيعون الوصول إلى منازلهم في الوقت المناسب لكسر صيامهم.

المصدر: آثار البلاد، القزوينيموجز تاريخ العالم، محمد غريب جودهتاريخ واسط، أسلم بن سهل الرازيدول العالم حقائق وأرقام، محمد الجابري


شارك المقالة: