المؤسسات الاجتماعية والإدارة العامة

اقرأ في هذا المقال


المؤسَّسة الاجتماعية: هي وحدات يتمّ تكوينها في شكل تنظيم مُحدّد بهدف تحقيق خدمة أو مجموعة من الخدمات وإشباع لحاجاتٍ إنسانية، ومثل هذا النَّوع من المؤسَّسات قد يكون حكوميّاً ( جزءًا من جهاز الدولة ) أو أهليًّا أو ملكًا لأفراد، وقد يكون في المستوى القومي ( وزارة )، أو في مستوى إقليمي (مديرية ) أو محافظة، وقد يكون في مستوى محلي.

علاقة المؤسسات الاجتماعية بالإدارة العامة

إنَّ الصِّفة المشتركة التي نعمل على تجميعها في مصطلح واحد ، استهداف هذه المؤسسَّات لتحقيقِ أهداف اجتماعية، كَسِلَعٍ وخدماتٍ ماديَّة ومعنوية فهي بهذا التحليل مؤسَّسات خدمية لا تستهدف تحقيق الأرباح المادية كالمشروعات الاقتصادية.

وهذه الخاصية التي تُميّز مؤسَّسات الرعاية الاجتماعية هي التي تجعلها جزءًا لا يتجزأ من جهاز الدولة، حيث تكون على صورة وحدات من أجهزة الحكومة ( وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الصحة، وزارة الشباب وغيرها)، وما يتفرَّع عنها من وحدات في المستوى القومي الإقليمي المحلي.

ولقد ظهرت إلى جانب هذه المؤسَّسات الحكومية أنواعُ المؤسَّسات الاجتماعية التي لا تدخل في ملكية الدولة مباشرةً، وإنما تخضع في نشاطها وتدعيم تمويلها والرقابة على برامجها، وتخضع لإشراف الإدارة العامَّة لجهاز الدولة بل نستطيع التأكيد على أنَّ هذا النوع من المؤسَّسات قد ظهر قبل تدخُّل الدولة في توفير خدمات الرعاية الاجتماعية، إذ إنَّ قيامه ارتبط تاريخيًّا باعتبارات دينية وأخلاقية وعنصرية، وكانت المؤسَّسات الاجتماعية الخيرية من قبل هي: مؤسَّسات توفير الرعاية حتى قبل أن تنظم الدول أجهزتها الحكومية المعاصرة، فقد كانت الملاجىء والمساجد والتكايا والأوقاف الخيرية والكنائس وبيوت الإحسان وغيرها.

كانت كل هذه المؤسَّسات نماذج معروفة للمجتمعات الإنسانية من قديم الزمان، وما زال بعضها قائماً حتى الآن غيرَ أنَّ تداخل نشاطها مع وظيفة الدولة المعاصرة خصوصاً فيما يتعلق بوظيفة الحماية والرعاية التي بات من المُحَقّق مسؤولية الدولة الحديثة توفيرها، وأدَّى أيضاً إلى تدخّل الدولة تشريعيًّا ورقابيًّا في تسيير نشاطها ممَّا جعلها في كثير من الأحيان قريبة الشبه من أجهزة الحكومة، وقدّ تلجأ بعض الدول إلى التعاقد مع مشروعات أعمال تُقام وِفق أسس اقتصادية لتعمل في مجال الخدمات الاجتماعية طبقاً لشروط تحدّدها الدولة؛ لتنوب هذه المؤسَّسات عنها في بعض الخدمات التي ترى الدولة تقديمها لمواطنيها الذين تحدّد شروط استحقاقهم لها.

وأصبحت أهداف المؤسَّسات الاجتماعية العاملة في مجالات الرعاية الاجتماعية إذن بمثابة أهداف عامة منذ أن تدخّلت الدولة المعاصرة فيها، وخصوصاً منذ قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية وظهور فكرة وأيدولوجية التَّدخُّل المُكثَّف للدَّولة في توفير الرعاية الاجتماعية .

والفكرة الجوهرية هنا أنَّ إدارة وتنظيم نشاط المؤسَّسات الاجتماعية العاملة في مجالات الرعاية الاجتماعية وعلى الرغم من تعدُّد صُور تبعيتها واختلاف النظم السياسية التي تقوم في ظِلها، بدأت تخضع للتَّشريعات والقوانين التي تصدرها الدولة ويسير نشاطها في ظلّ السياسات العامة التي تتخذها أعلى السُّلطات أيضاً ممّا يجعلها موضوعاً لاهتمام الإدارة العامَّة لجهاز الدولة.

ونقصد بذلك أنَّها كمؤسَّسات تحقِّق أهدافاً مقصودة تتميَّز بأن إدارتها تسعى لتحقيق المساواة في المعاملة وأنَّها مفوَّضة من قِبَل سُلطَة الدولة، وأنَّ نشاطها ينظِّمه إطار قانوني تضعه سُلطَة الدولة أيضاً، حتى وإن كان في صورة أهداف وتدابير عامة كي يتيح قدَراً من الذاتية لأنشطة المؤسَّسات الأهلية والخاصة.

وبذلك تصبح هذه المؤسَّسات بمثابة مُنظَّمات عامة، فملكيتها في أغلب الأحوال صارت ملكية عامة يجري تسييرها مباشرة أو غير مباشرة عن طريق إدارة حكومية مركزية أو محلية بل إن الملكية الخاصة والتطوعية لم تُعَد بعد قادرة على تحقيق وإنجاز أهدافها بعيداً عن تدخُّل الحكومة، ممَّا يجعلنا نشير إليها على أنها صارت ذات ملكية مجتمعيَّة تعمل نيابة عن المجتمع كلِّه، ومن هذا المنُطلق نربط بين هذه المؤسَّسات وبين الإدارة العامَّة لأهداف المجتمع الأمر الذي يربط بينها وبين البيئة التي توجد فيها.


شارك المقالة: