المستوى التحليلي في الفعل الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


المستوى التحليلي في الفعل الاجتماعي:

يمكن وضع مقولات هذا النموذج، من حيث درجة التجريد، ضمن طروحات النظرية متوسطة الأجل، حيث تمثل مقولاته اشتقاقات من طروحات بارسونز المجردة، نحو درجة أدنى من التجريد، يقترب من حالات معينة يمكن العثور عليها بشكل أكثر سهولة ضمن المستوى الواقعي.
وللمزيد من الفهم يمكن الاستناد إلى مقولات ميرتون بهذا الخصوص، حيث يقول: تقع النظرية متوسطة المدى في موقع متوسط بالنسبة لنظرية الأنساق الاجتماعية العامة، التي هي بعيدة جداً عن طبقات محددة من السلوك الاجتماعي أو التنظيم، فهي تحولها لتأخذ بعين الاعتبار ما هو ملاحظ، وتلك الأوصاف المفصلة بصورة منظمة ﻷشياء محددة، والتي هي ليست مجردة على الإطلاق، إن النظرية متوسطة المدى تتضمن تجريدات، لكنها قريبة بما فيه الكفاية للبيانات الملاحظة، مما يسمح باختيارها إمبريقياً.
ومن الاعتبارات التفصيلية التي تضع مقولات نموذج التوازن التفاضلي في الفعل الاجتماعي، ضمن طروحات النظرية متوسطة المدى ما يلي:

أولاً: يتجاوز النموذج إشكالية الوحدة الوظيفية، ليعكس إحدى العمليات التي تؤدي إلى ظهور صورة أو نمط معين من التوازن والتكامل.

ثانياً: يبيّن النموذج القوة والتوازن خارج العمومية الوظيفية، حيث يظهر أن القوة والتوازن عناصر وظيفية بالنسبة ﻷصحاب القوة لكنها معوقات وظيفية بالنسبة للخاضعين.
ثالثاً: إن هذا النموذج يعكس مستوى معين من التوازن والتكامل وهي أدنى مستويات التوازن، باعتبار أنه يتضمن بذور الشقاق والصراع، رابعاً: يطرح النموذج عناصر تحليلية مصاغة بمصطلحات إجرائية أكثر تحديداً، توضح نشأة واستمرارية وتغير صور التوازن القائم.

أما من حيث مستوى التعميم، فإن مقولات النموذج بطبيعتها تتحرك من المستوى الطوعي للفعل إلى مستوى الأنساق المجتمعية، أي من المستوى الذي يوجد فيه الفاعل واختياراته إلى مستوى المجتمع وأنساقه الكبرى، باﻹضافة إلى ذلك فإن التوازن التفاضلي، كعلاقات قوة حقيقية، تختلف في الحجم، حيث يوجد المستوى قصير المدى العلاقات البينشخصانية، كما يوجد على المستوى بعيد المدى العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبينهما العلاقات الطبقية، والعلاقات التنظيمية.
لكن رغم إمكانية التحرك بين مستويات الواقع الاجتماعي تحليلياً، إلا أن كفاءة المقولات وكفايتها، كما هو الحال بالنسبة لمعظم المحالات من هذا النوع، قد تختلف من مستوى إلى آخر، ولكن بكل الأحوال، فإن هذا النموذج يظهر إمكانية التجسير بين المستوى بعيد المدى والمستوى قصير المدى.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: