المشكلات الأسرية في مرحلة الشباب

اقرأ في هذا المقال


تؤكُّد دراسات عديدة وجود علاقة قوية بين التَّوافُّق أو التَّكيُّف من جهة وبين الاستقرار في العلاقات الأسرية من جهة أخرى، ولذلك تُعني الدِّراسات الخاصَّة بمشكلات الأسرة اهتماماً واضحاً بمشكلات توافق الشخصيَّة في الأسرة، ولذلك يُعتبر عدم التَّوافق والصراعات الأسرية شكلاً من التفاعل بين الأعضاء الرَّاشدين في الأسرة.

دور الأسرة في تكوين شخصية الفرد

يقول بعض الباحثين أنَّ الأسرة هي المسؤولةُ عن تكوين نمط شخصية الفرد، وهو الإطار العام الذي يُغطي جميع الأدوار الاجتماعية المُختلفة التي يلعبها الفرد في مسرح الحياة، وهي الأساس الذي يُحيط باستجابات الفرد المُختلفة تِجاه بيئتهِ التي يعيش فيها، ويقول آخرون أنَّ الأسرة مسؤولة عن تكوين أخلاقيات الفرد بوجه عام، كاتِّجاهاته نحو الأمانة والنزاهة أو الصَّدق أو الوفاء أو بقية القِيَم الأخلاقية الأُخرى.

ولن تستطيعَ الأسرة تكوين نمط الشخصية، وتكوين أخلاقيات الفرد واتّجاهاته بالصورة السَّوية التي يجعل منها الإطار العام، والذي يُغطي جميع الأدوار الاجتماعية التي يلعبها في مسرح الحياة إلّا في جوّ أسري آمن يسوده الفهم والحبُّ المُتبادل بين أفراد الأسرة، حيث تقوى شبكة العلاقات الأسرية حتى يَجد الشباب مكانتهم المُناسبة ويعرف كلٌّ منهم هويته التي يبحث عنها.

ولكن يبدو أنَّ علاقة الشباب العربيّ بأسرته تصل إلى نقطة حَرِجَة في بداية الشباب، ليس لتغيُّر ظروف الأسرة بالضرورة بل لأنَّ الأبوين والأبناء أصبحوا يَرَون أنَّ علاقة كلِّ طرف بالآخر تغيّرت من وجهات نظر مختلفة ومتعدّدة، ممّا يجعلُ الشَّباب يشعرون بأنَّ الوالدين وبقية أفراد الأسرة لم يعودوا يفهمونهم كما كانوا من قبل، وذلك بعد أن تغيّروا لمرحلة الشباب وخرجوا من مرحلة الطفولة، وأصبح لهم تفكيرهم الخاصّ بهم، وبدأوا ينطلقون إلى الاستقلال عن الأسرة ويثورون على السُّلّطَة الأبوية، وكل من يُمثلون السُّلّطَة بعد أن أصبح هناك فجوة كبيرة تفصل بينهم.

أهم المشكلات الأسرية التي تواجه الشباب

  • الشعور بالنبذ والاضطهاد في تلك المرحلة الحرجة التي يحتاجون فيها إلى الأمن والطمأنينة، فالأب دائماً يسخر من ابنه المراهق ويُحَقّره ويستمرُّ في معاملته كطفل صغير، وهو لا يدري أنَّ هذا الطفل قدّ ودّع مرحلة الطفولة وبدأ يبحث عن هويته بين الكبار، ويبقي يعامله كطفل بصفة مُستمرَّة إلّا أنَه في بعض الأحيان يُعامل كطفل صغير، وفي أحيان أخرى يُعامل على أنه صار رجلاً، وهنا تزيد حيرة الشباب وخاصّةً في مرحلة المراهقة، ويبدأ كلٌّ منهم في ترديد السؤال: من أكون؟ ومن أنا؟
  • يشكو الشباب في هذه المرحلة من تقييد حرياتهم، وعندما يحاولون شقّ طريقهم إلى الحياة وفهم الظروف الجديدة عليهم والتكيُّف معها، حيث يتابع الآباء كلَّ هذه المحاولات بكثير من المخاوف والقلق على أبنائهم خشية ألّا يُحسنوا التَّصرف، وبدافع من العطف والخوف عليهم ويقيّدون حريتهم ويحجزون على تصرفاتهم، وكأنهم ما زالوا أطفالاً صغاراً.
  • عندما يشعر الشباب بالألم والإحباط والقلق وعدم الثقة من الوالدين، فيشعرون بالقلّة والدُّونية ويفقدون شعورهم بتقدير الذَّات.
  • الحرمان من إبداء الرأي في الأمور الخاصة كاختيار الملابس والحاجات الشخصية واختيار الأصدقاء …وغيرها، بل أنَّ الأمر يصل في بعض الحالات إلى حرمانهم من تقرير مصيرهم بالنسبة لاختيار الدراسة أو العمل أو الزواج.
  • التفرقة في المعاملة والتمييز بين الأخوة في الأسرة الواحدة، وما يترتب على ذلك من مشاعر الحقد والكراهية بين الأخوة وبعضهم بعضاً وبين الأبناء وآبائهم، فبعض الآباء يُفضّلون أحد الأبناء ويمنحونه امتيازات تفوق ما يُعطى للآخرين فيتعالى على أخوته ويحاول فرض سيطرته عليهم، وبذلك تضعف الروابط الأخوية، وتضعف العلاقات الأسرية، وتَحِل الكراهية مكان الحب، وينتشر الخوف والقلق بدلاً من الأمن والطمأنينة.
  • مشكلة الفقر وعجز الأسرة عن إشباع احتياجات الشباب المُختلفة، ممّا يُشعرهم بالدُّونية واليأس والخوف من المستقبل، فتهتزُّ ثقتهم بأنفسهم وتضطرب شخصيتهم، فيسهل استهوائهم والتأثير عليهم من رفاق السوء أو عصابات المُنحَرفين الذين يوفّرون لهم ما يحتاجونه، ثم يُورطونهم في أعمال انحرافية، وبذلك يدفعونهم دفعاً نحو الانحراف والضياع.
  • الشِّجار والخِلافات بين الوالدين، ويتحوّل جوّ الأسرة إلى جحيم لا يُطاق يُعاني منه أفراد الأسرة بصفة عامّة وشبابها بصفة خاصّة، حيث يهربون من هذا الجو الخانق ويلجؤون إلى رفاق وأصدقاء السوء ويقضون معهم معظم وقتهم، دون سُلطَة ضابطة فيسهل انحرافهم وتضطرب شخصياتهم ويعيشون في رعبٍ وخوفٍ دائم وتوتر وقلق.

شارك المقالة: