توجهات ومفاهيم لتعريف الصفوة عند فلفريدو باريتو في علم الاجتماع السياسي

اقرأ في هذا المقال


المفاهيم الأساسية لتعريف الصفوة عند فلفريدو باريتو في علم الاجتماع السياسي:

1- الرواسب عند فلفريدو باريتو:

يرى باريتو أن الرواسب كقوى دافعة للثبات والتغير هي المتغيرات الأساسية التي تتحكم في التفاعل الاجتماعي، طالما ثمة مشكلة للنظام الاجتماعي، ومثلما ذهب كارل ماركس إلى التأكيد على وسائل الإنتاج أو البناء التحتي باعتباره المتغير الحاكم للتفاعل الاجتماعي، أو مثلما ذهب فيبر إلى تأكيد القيم البروتستنتية باعتبارها المبدأ الذي يستند إليه قيام النظام الاجتماعي.

أو حسبما يذهب دور كايم إلى القول بأن تقسيم العمل الاجتماعي هو مصدر مشكلة النظام الاجتماعي وهو طريق حلها أيضاً، فإننا نجد أن باريتو يرى أن الرواسب هي المبادئ الأساسية أو المتغيرات الحاكمة للتفاعل في إطار النظام الاجتماعي.

وهناك من يؤكد أن الرواسب تجليات للعواطف أو لها ارتباط بها، ويعتقد البعض بأن الرواسب تتصل بالغرائز لدى الإنسان، ويحاول بيترم سروكن تقديم شرح لطبيعة هذه الرواسب، فيؤكد إن الأفعال الإنسانية عادة ما تعتمد على طبيعة دوافعها، ومن بين هذه الدوافع مالها أهميتها الخاصة، وهي الدوافع التي تتميز بالدوام النسبي، هذه الدوافع هي الرواسب.

والرواسب عند باريتو ليست غرائز وليست عواطف أيضاً، بل أنها نوع من الدوافع الدائمة نسبياً، وتلك التي توجد بين أعضاء المجتمع، إن الرواسب تعد تجليات للعواطف باعتبارها القوى التي تحدد طبيعة التوازن الاجتماعي، ذلك يعني أن الرواسب هي سلسلة من القواعد العامة ذات الأصل البيولوجي داخل الكائن البشري، لكنها ترتقي في شكل سلوكيات اجتماعية معينة، تصنع في مجموعها الوجود الإنساني والاجتماعي بكامله.

2- المشتقات عند فلفريدو باريتو:

استناداً إلى ما يذهب إليه باريتو، تعد المشتقات هي التعبير أو التجلي الخارجي للرواسب، ويحاول باريتو أن يحدد المشتقات، فيؤكد أن البشر يحتاجون في العادة أن يجعلوا سلوكهم غير المنطقي يبدو منطقياً، ومن ثم فإنهم يقدمون حينئذ تفسيرات منطقية زائفة ﻷفعالهم، أما قوة المشتقات فإنها مستمدة من العواطف الكامنة وليس من الاعتبارات المنطقية التجريبية، إذن فالمشتقات هي التعبير الظاهري عن عواطف كامنة، لذا فهي سلوك مرئي يشير بشكل أو بآخر إلى عواطف تسكن النفس البشرية، يظهرها الفرد في شكل تعبير كلامي عند تفاعله مع الآخرين، أو تظهر في مظهره الخارجي أو البراهين والحجج التي يبرر بها مواقفه.

التوجهات النظرية لمفهوم الصفوة عند فلفريدو باريتو في علم الاجتماع السياسي:

تعد المواضيع التي طرحها العالم الاجتماعي الإيطالي باريتو من أبرز التوجهات النظرية التي أتى بها العلماء بشأن ظاهرة الصفوة، كونها ظاهرة اجتماعية سياسية تؤثر بصورة كبيرة في الحياة الاجتماعية والسياسية للمواطنين، وقد اتخذ باريتو في شكل نظريته عن التوازن الاجتماعي، قضايا المجتمع أو النسق الاجتماعي ومعرفة الظواهر الاجتماعية، كما أنه اهتم بواسطة مدخله النقدي التحليلي المقارن على اللاتجانس الاجتماعي، أو التمايز الاجتماعي، وبعد ذلك من أهم الأفكار التي طرحها عند مناقشته لقضية التطور والتغير الاجتماعي.

لقد أثبت باريتو أن هناك وجود للطبقات في المجتمع، بل وجعل ذلك موضوعاً خالصاً، وفي مقابل ذلك فإنه يدل إلى القلة في الأفكار والنظريات التي تدعي إلى الديمقراطية والمساواة والحرية، كونها أصلاً بعيدة عن الحقيقة، حيث أن اللامساواة وعدم توفر حرية وديمقراطية كاملة، موضوعاً طبيعياً تعكسه الحقائق الواقعة التي أثبتها عن طريق تفسيراته السيكولوجية، أو اهتماماته الاقتصادية وتصوراته السياسية، وذلك عندما ناقش دورة الصفوة وعلاقاتها بعملية التحول الاجتماعي.

فقد أخذ باريتو نظرية الصفوة في كتابه تمهيداً عاماً في علم الاجتماع، الذي نشر سنة 1916، وترجم إلى اللغة الإنجليزية عام 1935، تحت اسم العقل والمجتمع، وقد كانت له معتقدات عن الصفوة ومستوياتها في كتاباته محاضرات في الاقتصاد السياسي والنظم الاشتراكية، تتنوع عن المعتقد الذي بدئه فيما بعد في العقل والمجتمع، والذي يهتم فيه بالتعارض الموجود بين أولئك الذين يتحكمون في السلطة وهم الصفوة المسيطرة.

وأولئك الذين ليس ليهم شيئاً، أي  المواطنين، وقد سمى باريتو تلك الصفوة الحاكمة اسم الطبقة القائدة التي تتحكم بالمواطن، وذلك تمييزاً لها عن الصفوة غير الحاكمة، وقد توافق مع موسكا على أن الصفوة تتضمن أقلية بالنسبة للمجتمع، وهذه الأقلية من الأشخاص تكتسب من الثورة والجهود والمواهب مما يجعلها تختلف وتتفوق عن الآخرين الذين هم خارج صفوفها.

لقد توصل باريتو إلى صياغة نظريته عن دورة الصفوة، من خلال دراسته المستفيضة للتغير الاجتماعي الناتج عن الفئتين الأوليتين للرواسب، وهما راسب غريزة التكامل، والذي يعني القدرة على الربط بين الأشياء، وراسب استمرار التجمعات ودوامها، الذي يشير إلى الاتجاه المحافظ، وقد شكلت هذه النظرية لديه إحدى القضايا النظرية الرئيسة في علم الاجتماع، وهي أيضاً من القضايا الرئيسة المهمة التي تدخل في إطار مجالات علم الاجتماع السياسي، ويذهب باريتو إلى أن الصفوة تتكون من الأشخاص الذين يتفوقون بقدرة كبيرة على السلوك في مجال تخصصهم، وأن هناك فئتان أساسيتان من الصفوة هما، الصفوة المسيطرة والصفوة الخاضعة.

المصدر: مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.محاضرات في تصميم البحوث، سعيد فرح.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد سيد أحمد.أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.


شارك المقالة: