المفاهيم المعاصرة للرعاية الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


ما هي الرعاية الاجتماعية

لقد أصبحت الرعاية الاجتماعية وظيفة اقتصادية للحكومة، حيث تُساعد على زيادة الإنتاج خاصةً في المجال العُمّالي، كذلك تؤثّر الرعاية الاجتماعية على قِيَم الرعاية وتدخّل الدولة في توفيرها.

تطوّرت الرعاية الاجتماعية وأصبحت من مسؤولية الحكومة سواءً في جانب التمويل أو الإشراف، وفي الوقت نفسه، وأصبحت الرعاية حقاً للجميع دون تفريق وأخيراً أصبحت الرعاية الاجتماعية نظاماً اجتماعياً ثابتاً، ولم تَعُدْ وظيفة جانبية للنظم الاجتماعية الأُخرى.

تأثّرت بريطانيا بتعاليم (وينر وفابان) من خلال تقرير عن إنجازات قانون الفقر عام ١٩٠٩م، حيث ساعد هذا التقرير على زيادة القوى السياسية للأخصائيين الاجتماعيين والسّياسيّن.

واستفادت الولايات المتحدة من تجربة إنجلترا وأوروبا لمواجهة الفقر وتوفير مساعدات الدّخل، واستمرت سياسة وفكرة (دَعْهُ يعمل) لمدّة طويلة في الولايات المتحدة أكثر من أي بلد غربي آخر. حيث لم يُطَبَّق قانون الرعاية الاجتماعية فيها إلّا في عام ١٩٣٥ وعُرِفَ باسم ( قانون التأمين الاجتماعي ١٩٣٥م ) الذي يُعتَبر علامة بارزة على استخدام التشريع في الرعاية الاجتماعية.

وكان سبب ذلك الأزمة الاقتصادية والحِرمان الكبير الذي عانى منهُ المواطنين خاصةً العمّال، وحيث بدأت خطوات التأمين كمسؤولية حكومية في المقام الأوّل، وبدأت فكرة الرعاية من خلال الكنائس في المجتمعات الغربية مدفوعة بعاطفة الحب، وإنشاء صناديق المجتمع أُسوةً بصناديق الكنائس لجمع التبرعات لصالح الفقراء.

وتقوم اليوم الرعاية الاجتماعية في المجتمعات الغربية على نموذج دولة الرعاية والأنظمة القزمية لتوفير الخبرات والأفكار. وتأثّرت بذلك مجتمعات أوروبا وتبعها أستراليا وكندا، ونيوزلندا وأخيراً الولايات المتحدة الأمريكية.

ومع بداية العمل لإصلاح أوضاع الفقراء وتوفير مساعدة الدّخل كان ذلك مفتاح النظام البيروقراطي للرعاية الاجتماعية، وتحسين أحوال العمّال، وتحولت البرامج من جهود الإحسان وأصبحت جهوداً مهنية.

التحولات والتطورات للرعاية الاجتماعية

تعتبر الرعاية الاجتماعية مجالًا حيويًا يركز على تقديم الدعم والرعاية للأفراد والمجتمعات في مواجهة التحديات والمشكلات الاجتماعية المعقدة. تشهد مفاهيم الرعاية الاجتماعية تطورات كبيرة في العصر الحديث، حيث تتغير الاحتياجات والتحديات الاجتماعية. سنستعرض هنا بعض المفاهيم المعاصرة للرعاية الاجتماعية وكيف يتم تكاملها في المجتمعات المعاصرة.

1. العدالة الاجتماعية والتنوع: تركز المفاهيم المعاصرة على أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز التنوع. يتعين على الخدمات الاجتماعية توفير الفرص بشكل متساوٍ والتصدي لأشكال التمييز والظلم. تشمل هذه المفاهيم تعزيز الشمولية وفهم التحديات التي يواجهها أفراد المجتمعات المتنوعة.

2. التفاعل والتأثير الاجتماعي: تركز المفاهيم الحديثة على فهم التفاعلات الاجتماعية وكيف يمكن أن تؤثر العلاقات الاجتماعية على الفرد والمجتمع. يشمل ذلك دراسة التواصل والتأثير الاجتماعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة.

3. التمكين وتعزيز القدرات: يشدد المفهوم على تمكين الأفراد وتعزيز قدراتهم للتعامل مع التحديات. تعتمد الرعاية الاجتماعية المعاصرة على بناء قدرات الأفراد وتشجيعهم على المشاركة الفعّالة في تحسين واقعهم.

4. التكنولوجيا والابتكار: تتضمن المفاهيم الحديثة مراعاة تأثير التكنولوجيا والابتكار في تقديم الرعاية الاجتماعية. يتمثل ذلك في استخدام التكنولوجيا لتحسين الوصول إلى الخدمات وتعزيز الاتصال بين المحتاجين ومقدمي الخدمات.

5. التنمية المستدامة: يُشجع على تبني المفاهيم المتعلقة بالتنمية المستدامة، حيث يتم التركيز على تقديم الخدمات بطرق تحقق التوازن بين تلبية الاحتياجات الحالية والمحافظة على الموارد للأجيال القادمة.

6. التداخل والتعاون: تعتمد المفاهيم المعاصرة على فهم التداخل بين العوامل الاجتماعية المختلفة وأهمية التعاون بين مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

تعتمد المفاهيم المعاصرة للرعاية الاجتماعية على تحديث وتطوير النهج التقليدي لضمان تلبية احتياجات المجتمع الحديث. إليك بعض المفاهيم المعاصرة في ميدان الرعاية الاجتماعية:

التمويل الاجتماعي: يركز هذا المفهوم على كيفية توجيه الموارد المالية والاستثمارات نحو برامج وخدمات تحقق أقصى فائدة اجتماعية. يشمل ذلك تحليل الفجوات في التمويل وضمان تحسين استدامة البرامج الاجتماعية.

التمكين الاجتماعي: يعتبر التمكين جزءًا أساسيًا من المفاهيم المعاصرة، حيث يسعى إلى تمكين الأفراد والمجتمعات لتطوير مهاراتهم وقدراتهم الذاتية للتحكم في حياتهم والمساهمة في تحسين بيئتهم.

العدالة الاجتماعية: يركز هذا المفهوم على إزالة الظلم الاجتماعي وضمان توزيع الفرص والموارد بشكل عادل. يتضمن العمل على تحقيق المساواة في الوصول إلى الخدمات والفرص لجميع شرائح المجتمع.

التكنولوجيا والرعاية الاجتماعية: يدرس هذا المفهوم كيف يمكن استخدام التكنولوجيا لتعزيز وتحسين خدمات الرعاية الاجتماعية. يتضمن ذلك تكامل أحدث التقنيات في تقديم الخدمات وتوفير وسائل فعالة للتواصل والدعم.

التدبير المشترك: يعزز مفهوم التدبير المشترك التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات والمؤسسات الخاصة والمجتمع المدني، للعمل سوياً على حل المشاكل الاجتماعية وتحسين الظروف الاجتماعية.

التنوع والشمول الاجتماعي: يعتبر التركيز على التنوع والشمول الاجتماعي أمرًا حيويًا في المفاهيم المعاصرة، حيث يسعى إلى فهم التحديات التي تواجه مجتمعات ذات تنوع ثقافي واجتماعي وضمان شمول الجميع في الخدمات والفرص.

الابتكار في الخدمات الاجتماعية: يشدد على استخدام الابتكار والأساليب الحديثة في تصميم وتقديم الخدمات الاجتماعية، بما يتناسب مع احتياجات وتطلعات المجتمع المتغير.

تُظهر هذه المفاهيم المعاصرة للرعاية الاجتماعية استجابة حية للتحولات في المجتمعات الحديثة. يُشجع على تبني أساليب مبتكرة وفعّالة لتحسين الحياة الاجتماعية وتعزيز العدالة والتنمية المستدامة.


شارك المقالة: