الملكة حتشبسوت

اقرأ في هذا المقال


هي أنثى فرعون، حيث كان يُنظر إلى فترة حكم حتشبسوت (حوالي 1478 / 1472-1458 قبل الميلاد) على أنّها فترة نزاعات وعداء داخل العائلة المالكة، ويدرك العلماء الآن أنّ الوقت كان وقت توطيد سياسي واجتماعي مبني على إنجازات تحتمس الأول كانت حتشبسوت ملك أنثى غير تقليدي وليست وصية تقليدية، ومع ذلك كانت إنجازاتها موضع حسد من أي ملك مصري لأنّها أنقذت مطالبة عائلتها بالعرش خلال عصر الدولة الحديثة (حوالي 1539-1075 قبل الميلاد).

الأسرة

كانت حتشبسوت ابنة تحتمس الأول وزوجة تحتمس الثاني، وربما أصبحت ابنتها الوحيدة نفرورع زوجة الله لآمون، كما كانت العادة في هذه الفترة، ولا يوجد سبب للاعتقاد كما جادل البعض بأنّ خطط حتشبسوت لنفرورور كانت مختلفة عما كان معتادًا بالنسبة لابنة ملكية، ولو لم يمت زوج حتشبسوت صغيرًا لكانت على الأرجح قد عملت كملكة نموذجية في تلك الفترة.

ومع ذلك فإنّ وفاة تحتمس الثاني المبكرة عندما كان وريثه الذكر تحتمس الثالث لا يزال طفلاً خلق الظروف لحتشبسوت للعب دور أكثر بروزًا في التاريخ، وفي البداية عملت كوصي على العرش لتحتمس الثالث، حيث زودته بالتعليم العسكري الذي يتلقاه عادة وريثًا ملكيًا، واتبعت تصرفات حتشبسوت أنماط المملكة القديمة (حوالي 2675-2130 قبل الميلاد) والمملكة الوسطى (حوالي 1980-1630 قبل الميلاد).

ولأسباب غير مبررة أعلنت نفسها وصية على العرش في وقت ما بين العام الثاني والعام السابع من حكم تحتمس إيل (حوالي ١٤٧٩-١٤٢٥ قبل الميلاد)، وحتى وفاتها كانت حتشبسوت تحكم مصر بنفس الصلاحيات مثل أي ملك آخر، وربما لم يكن سلوكها مفاجئًا لمعاصريها كما كان بالنسبة للمعلقين المعاصرين، ومن الواضح أنّها قدمت قيادة فعالة وضمنت مكانة العائلة المالكة حتى أصبح تحتمس الثالث كبيرًا بما يكفي لتولي زمام الأمور.

لا يوجد دليل على موقف تحتمس إيل تجاه هذا التغيير في ذلك الوقت، حيث كان طفلاً يتم تدريبه من قبل الجيش وهو الإجراء المعتاد لورثة العائلة المالكة، ويبدو من غير المحتمل أنّ حتشبسوت كانت ستترك تحتمس الثالث في رعاية الجيش إذا كان لديها أي سبب للشعور بعدم الأمان على العرش.

رجال جدد

استمر العديد من الإداريين الذين خدموا تحتمس الثاني وتحتمس الثالث في مناصبهم بعد السنة السابعة من تحتمس إيل 7، وعندما شغر منصب عينت حتشبسوت رجالها، واستمر العديد من هؤلاء الرجال في خدمة تحتمس الثالث عندما تولى الحكم الوحيد في سنته 21، والنتيجة الوحيدة التي يمكن استخلاصها هي أنّه كان هناك سلام واستمرارية خلال فترة العشرين عامًا هذه، وقد تأثرت عمليات إعادة البناء السابقة لهذه الفترة كفترة حرب أهلية بدرجة أكبر بكثير من عدم ارتياح علماء أوائل القرن العشرين للميلاد لامرأة فرعون أكثر من تأثرهم بالأدلة الفعلية.

ربما شددت حتشبسوت على صلاتها بتحتمس الأول بدلاً من تحتمس الثاني في دعايتها لتأسيس شرعيتها من خلال والدها وأنجح فرعون في الذاكرة الحديثة، ولقد مثلت نفسها كرجل لأنّ الأيقونية الفرعونية لم تكن موجودة لفرعون أنثى.

برنامج البناء

قبلت حتشبسوت مهمة إعادة بناء الآثار المصرية بعد هيمنة الهكسوس، وعلى الرغم من أنّها أعادت ترميم المعابد في جميع أنحاء البلاد إلّا أنّ عملها في طيبة كان أكثر أهمية، وقامت بتكليف مسلتين بطول تسعة وعشرين مترا (ستة وتسعين قدما أو تسع بوصات) لمعبد الكرنك والصرح، وقامت ببناء سلسلة من الكنائس المركزية وضريح المعبد الباركي وهو هيكل ظل قائماً حتى بداية العصر البطلمي بعد حوالي 1200 عام.

ومع ذلك فإنّ الإنجاز الأكثر إثارة للإعجاب هو معبدها الجنائزي الواقع في دير البحري على الضفة الغربية لنهر النيل بجوار المعبد الجنائزي للملك نحبتر منتوحتب الثاني، وتم تزيين المبنى بشكل فخم بالنقوش والنحت ويمثل مصدرًا رئيسيًا لتاريخ عهدها بالإضافة إلى إنجاز معماري أصلي، وهنا سجلت حتشبسوت انتصار حملتها التجارية إلى أرض بونت في القرن الأفريقي وشرحت توليها كملك مختار من الله، كما تم تكريم أهم مدير لها سينموت بمصلى في هذا المبنى.

محو التاريخ

قرب نهاية عهده قام تحتمس الثالث بشكل انتقائي بمسح النقوش التي نحتتها حتشبسوت، وربما في محاولة لضمان خلافة ابنه أمنحتب الثاني على العرش من خلال التأكيد على خط الخلافة الذكوري، وعلى الرغم من اتهامه في كثير من الأحيان بالعداء الشخصي لزوجة أبيه إلّا أنّ أسباب أفعاله كانت بالتأكيد سياسية.

التفسيرات

كان التغيير في فهم حكم حتشبسوت ناتجًا عن تغير وجهات النظر في القرن العشرين بعد الميلاد، وصُدم المعلقون الألمان الأوائل من تصرفات حتشبسوت لأنّ حساسياتهم تعرضت للإهانة بدليل أنّ امرأة تحكم بنشاط بلدًا مزدهرًا، وجلبوا مشاعرهم تجاه الملكة البريطانية فيكتوريا في تفسيراتهم لمصر القديمة، وفي الآونة الأخيرة سمحت المواقف المتغيرة تجاه المرأة في السياسة في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين بقراءة أكثر إيجابية للأدلة.

المصدر: Hatshepsutالحضارة المصرية القديمة، الأستاذ الدكتور محمد بيومي مهران، ط4، 1989م، دار المعرفة الجامعية.الحضارة المصرية القديمة، الأستاذ الدكتور محمد بيومي مهران، ط2، 1989م، دار المعرفة الجامعية.عبقرية الحضارة المصرية القديمة، د.أحمد محمد عوف، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة 1999.


شارك المقالة: