المنظور السلوكي البيولوجي في علم الاجتماع الطبي

اقرأ في هذا المقال


المنظور السلوكي البيولوجي في علم الاجتماع الطبي:

يستند هذا المنظور على إعداد الأطباء والمهتمين بالصحة والمرض عامة، بإمتلاكهم المعرفة النظرية والعملية لبدن الإنسان في حد ذاته، وإذا كان هذا التأهيل ضرورياً في حجرات الكشف الطبي والعمليات الجراحية، إلا أنه تأهيل قاصر، فليس المطلوب أن ينشغل دارسوا الطب وأساتذته بالنتائج العضوية النهائية على الخلية والأنسجة والأعضاء التي يتكون منها بدن الفرد فحسب، وإنما يجب الاهتمام بالمسببات الأساسية للمرض وارتباطها بالعلاقات التي تسود المجتمع وسلوك الناس وعلاقتهم بالبيئة التي يعيشون فيها.

وبذلك تتوسع النظرة للصحة والمرض عن طريق طرحهما في السياق الكبير الذي يحتويهما، وعلى أساس  هذا الفهم الجديد، نركز على البيئة التي تتفاعل معها العوامل البيولوجية، إذ أنها تبقى بصماتها على بدن الفرد، على الأداء الوظيفي له، وبالتالي يتعايش الجسم مع هذه البيئة فسيولوجياً، ومن الأمثلة على ذلك نجد المواطنين في السواحل الذين يعملون بالصيد ذات ذراع قوية العضلات كما نرى سيقان مواطنين الجبال قوية للغاية لكثرة صعودهم عليها، وإذن هناك ضرورات بيئية تتدخل لتكوّن أجزاء البدن وعضلاته بصورة معينة.

كيفية تعايش جسم الفرد مع ظروف الطقس والمناخ في علم الاجتماع الطبي:

من جانب آخر، فإن بدن الفرد يتعايش مع ظروف الطقس والمناخ، والدليل على ذلك أن البدو يتعايشون في الأماكن الصحراوية، ويبيت الرجال في العراء بلا غطاء أو ملابس ثقيلة، ومع ذلك فلا يصيبهم ما يصيب أبناء الريف والحضر من نزلات البرد وأمراض الجهاز التنفسي، نظراً ﻷن جسم البدوي قد يتكيف مع الطقس والمناخ، ولعل مشروعات توطين البدو تكشف عن هذه الحقيقة، حيث يرفض البدوي المبيت داخل البيت، ويذهب إلى الجبل في المساء لينام، وفي الصباح يعود إلى البيت، لقد تكيف إذن مع البيئة فتحقق له التوازن البيولوجي.

وإذا كانت البيئة هي الأخرى تتغير، فإن الجسم البشري يتوافق مع هذا التغير بشكل يسير حيناً وبصورة مجهدة له حيناً آخر، كذلك قد يطرح التغير تهديداً يحول دون تكامل جسم الإنسان وسلامته، وبالتالي قد يتوافق مع التغير مما ينتج عنه مشكلات صحية وعضوية عديدة.

إن المنظور البيولوجي يركز على الأبعاد البيولوجية للمرض والعلاج، وينظر إلى المريض كموضوع مادي يخلو من العقل والحس، ويتجاهل العلاقة بين العقل والجسم، وبين الكيان الفيزيقي والكيان العقلي للإنسان، ولذلك فإننا لا نضع هذا المنظور في اعتبارنا، قدر ما نهتم بالمنظورات الأخرى ذات الطابع الاجتماعي.

المصدر: حسين عبد الحميد، دور المتغيرات الاجتماعية في الطب والأمراض، 1983.سامية محمد جابر، علم الاجتماع العام، 2004.إقبال ابراهيم، العمل الاجتماعي في مجال الرعاية الطبية، 1991.فوزية رمضان، دراسات في علم الاجتماع الطبي، 1985.


شارك المقالة: