النظام الاجتماعي في السيميائية

اقرأ في هذا المقال


يركز علماء الاجتماع بشكل كبير وخاص على أولوية دراسة النظام الاجتماعي في السيميائية وذلك من أجل فهم كافة الهياكل والعمليات اللغوية وغير اللغوية، والهدف من ذلك أيضاً هو بناء نظرية للنظام الاجتماعي كان هدفها تقديم تفسير مستنير للغة اللفظية باعتبارها ظاهرة اجتماعية.

النظام الاجتماعي في السيميائية

دراسة العالم هودج كريس حددت علم اللغة النقدي الذي شدد على أولوية النظام الاجتماعي في السيميائية لفهم الهياكل والعمليات اللغوية، وكان هدفه المعلن هو إنتاج نظرية للغة كان هدفها تقديم تفسير منير للغة اللفظية كظاهرة اجتماعية، ولقد أراد بشكل خاص مساعدة المنظرين النقديين في مجموعة من التخصصات الذين أرادوا استكشاف القوى والعمليات الاجتماعية والسياسية أثناء عملهم من خلال النصوص وأشكال الخطاب، وعلى الرغم من أن هذا يبدو وكأنه ما يفكر فيه جون ستيوارت، وبشكل ملحوظ فهو لا يشير إلى أي من الدراسة التي أجراها هودج كريس، ويسرد هودج كريس شعوره بالقيود غير الضرورية من خلال التركيز على اللغة اللفظية.

ووحدها مشكلة مماثلة مع دراسة جون ستيوارت من وجهة نظر سيميائية خاصة السيميائية الاجتماعية، فالمعنى يكمن بقوة وانتشار في أنظمة أخرى للمعنى، وفي تعدد الرموز البصرية والسمعية والسلوكية وغيرها، بحيث لا يكفي التركيز على الكلمات وحدها، ونتيجة لذلك يحاولون إنتاج نظرية عامة للعمليات الاجتماعية التي يتم من خلالها تكوين المعنى وتأثيراته، ويسعى هودج كريس مرة أخرى مثل جون ستيوارت إلى إعادة توجيه السيميائية من خلال التأكيد على التفاعل الاجتماعي عبر النظام الاجتماعي على الرغم من أن ما يقدمانه في النهاية هو نظام التفاعل الاجتماعي.

وفي كثير من النواحي ينخرط هودج كريس في مهمة لا تختلف عن فكرة السيميائية الحرجة التي تم تطويرها، ويقترحون على سبيل المثال أن هدفهم هو إثبات إنه ليس فقط ممكن ولكن ضروري لمحاولة إعادة بناء السيميائية، وتابعوا بنفس القدر من الأهمية، إنه يجب أن يكون لدى السيميائية العملية بعض الاعتبار للعلاقة بين السميوزيات والواقع، أي العالم المادي الذي يوفر كائنات السميوزيس والنشاط السيميائي، وما لم تواجه السيميائية هذه العلاقة فلن يكون لها أي صلة بعالم الشؤون العملية بافتراضاتها الواثقة حول الواقع، ولا يمكنها تفسير دور النظم السيميائية في ذلك العالم.

مظاهرة اجتماعية سيميائية

أحد أفضل الأمثلة لأنه مكثف للغاية لنهج هودج كريس موجود في فحصهم للنص الذي تغيرت علامته الكلية بشكل كبير بواسطة مجموعة من أجهزة فك التشفير، وهذا النهج التوضيحي كاشف بشكل خاص لأنه يوضح كيف يتتبعون ألعاب القوة التخريبية المحتملة تحت تصرف المتلقي الذي يبدو إنه لا يتمتع بالقدرة على إشارة معينة، وهم يؤكدون أن استخدام هذه الإشارة عادة ما يكون مشروطًا بالتأثيرات المتبادلة لأنظمة الاستقبال القواعد التي تقيد الاستقبال وأنظمة الإنتاج والقواعد التي تقيد الإنتاج، وبالطبع ستكون هذه الديناميكيات جذابة بشكل واضح لهودج كريس بالنظر إلى اهتماماته الأيديولوجية.

حيث إنهم يوسعون هذا النهج من خلال استكشاف الأنواع المختلفة من الشرعية المؤسسية التي تنطوي عليها الاتفاقيات السيميائية لهذا الشكل من الإعلان، ويتم التعامل مع النص اللغوي للإعلان بطريقة مماثلة في النص نفسه من الحجم والنوع مما يعني استخدام موارد مادية كبيرة، يُفهم القارئ أن توفر مثل هذه الموارد هو شرط مسبق لإنتاج مثل هذا النص ويعطي النص وضعًا معينًا، ويضع القراء في وضع معين، ويتابع هودج وكريس بهذه الطريقة للكشف عن كيفية استخدام شركة خاصة قوية للإعلانات لنقل قوتها بمهارة داخل المجال الاجتماعي الأكبر.

وباتباع هذا النهج التقليدي إلى حد ما لنص من هذا النوع، أعادوا النظر في النص بأكمله بعد تغييره من قبل مجموعة حرب العصابات الحضرية غير الصحية، والتي غيّرت النص بشكل كبير، في حين أن الإعلان الأصلي يضع القارئ المرن والمذعن في دور سلبي في فعل الاتصال، ويوضح هذا المثال الدوافع الكامنة وراء قراءات هودج كريس للسيميائية الاجتماعية، فمن خلال السيميائية الاجتماعية وبدرجات متفاوتة، أكد إنه يمكن استخدام القوة بواسطة كل من المشفر ومفكك التشفير في أي حالة معينة من سيميوزيس.

كما أن تصوير هودج كريس للتحولات الجارية بعد إطلاق مركبة الإشارة يضفي طابعًا دراميًا على نهجه المفتوح للسيميائية الاجتماعية حيث ينظر إلى تبادل الإشارات على إنه لا ينقطع ويخضع دائمًا للتغيير، وإن الإضافات تشكل نصًا حواريًا على وجه التحديد، حيث يتم استعادة قراءة واحدة للنص الأصلي ودمجها في النص نفسه، كما يقولون ومع ذلك حتى بعد هذا التفاعل سيستمر تدفق الخطابات ويضع النص الجديد فيما يتعلق بوكلاء الخطاب الآخرين ومصالحهم.

علامات لما بعد السيميائية

يعكس توافقًا جزئيًا مع ما بعد البنيوية، حيث يرى جون ستيوارت إنه بدلاً من التوسط بين عالمين، اللغة تأسيسية، ويجادل بأن اللغة لا تمثل العالم، بل تبنيه أو تطوره، وفي الواقع أسس جون ستيوارت مخططه الكامل لما بعد السيميائية على هذه الفرضية، فدراسة الكلام المبلغ عنه يمكن أن توفر نظرة ثاقبة للعمليات الأساسية للفهم والتواصل، والتي يتم تصورها على إنها عمليات اجتماعية وحوارية، كما يقترح وبناءً على ذلك فإن وسائله في جمع المعلومات تتركز في دراسة الخطاب التفاعلي المكتوب.

ويذهب جون ستيوارت إلى أبعد من ذلك ليضخ جانبًا أخلاقيًا من روايته لتوجه ما بعد السيميائية، مشيرًا إلى أن تحليل اللغة كنظام يقلل أو حتى يتجاهل تمامًا الجانب الإنساني من السميوزيس، ويجادل بأن الحسابات السيميائية لطبيعة اللغة تسمح للخطاب بأن ينفصل عن عواقبه الأخلاقية والأنطولوجية، لكن هذا الحساب ما بعد السيميائي لا يسمح بمثل هذا الانفصال، فهو يشير إلى العلاقة القوية بين التواصل بين الكلام البشري والإنسان، ومن خلال تأريض ما بعد السيميائية في التفاعل البشري في الوقت الفعلي، يحاول جون ستيوارت جلب تحليل الاتصال إلى عالم المنظور الفعلي أو منظور العالم الفردي.

ويمكن تجربة هذا الرأي بشكل مباشر على عكس العالم المفاهيمي الذي يعتبره غير مادي في منظور العالمين، وينتج عن هذا النهج وقائعية ملموسة، وإقرار أو تأكيد بأن وجود هذا العالم يحدث بشكل منفصل عن المشاهد، ويتكون هذا العالم من حقيقة مؤكدة من خلال استخدام اللغة التفاعلية من قبل كائنات فعلية منفصلة عن المستوى المفاهيمي أو عن قيود النظام الموجود من الناحية المفاهيمية فقط، ويقول جون ستيوارت يشارك البشر في تشكيل المجالات المتماسكة التي يتم العيش فيها.

ويسعى اقتراح جون ستيوارت أيضًا إلى التركيز على دراسة اللغة كمشروع، ومن وجهة نظره يجب أن يظل دائمًا في عالم الملموس، ومرة أخرى في مقابل المفهوم غير الملموس يقول إن اللغة يجب اعتبارها مكونة أو منتجة بالضرورة وجزئية ومؤقتة ومتغيرة لطرق الفهم بدلاً من تكاثر الحالات المعرفية أو الأشياء أو وحدات اللغة الأخرى، ولا يستطيع البشر إثبات وجود هذه الحالات أو تجربة الأشياء المجردة بشكل ملموس مثل النفي أو اكتشاف التجزئة عند التحدث في سلسلة من الوحدات غير المدروسة، وهذه الأشياء أساسًا لا يمكن أن توجد بطريقة حقيقية، ويقترح أن التواصل بالكلام هو مبدأ رئيسي وليس ديناميكيًا بديلًا.

المصدر: السيميولوجيا والسرد الأدبي، صالح مفقود، 2000ما هي السيميولوجيا، ترجمة محمد نظيف، 1994الاتجاه السيميولوجي، عصام خلف كاملسيمياء العنوان، بسام قطوس، 2001


شارك المقالة: